الخميس 09 مايو 2024 الموافق 01 ذو القعدة 1445
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

العقول المبدعة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العقلية.. لماذا ينجو السحرة؟

الأحد 19/نوفمبر/2023 - 12:30 ص
 الأمراض العقلية
الأمراض العقلية


ارتبطت الأمراض العقلية بالتفكير الإبداعي لفترة طويلة، حيث تدعم الأبحاث هذا الارتباط، بعدما تبين أن الأشخاص المصابين بأمراض عقلية مثل الفصام هم أكثر عرضة للعمل في وظائف إبداعية.

ويظهر أيضًا أن المجموعات الإبداعية، بما في ذلك الكوميديين والفنانين والعلماء، غالبًا ما يكونون أكثر عرضة لمواجهة تحديات تتعلق بصحتهم العقلية، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.

دراسة جديدة

تهدف دراسة جديدة، منشورة في BJPsych Open، إلى استكشاف ما إذا كانت مجموعة إبداعية فريدة من نوعها لم تتم دراستها من قبل - السحرة - أظهرت ميولًا مماثلة لبعض الأمراض العقلية مثل الفصام.

ونظر الباحثون أيضًا في ما إذا كانوا أكثر عرضة للإصابة باختلاف عصبي، مثل مرض التوحد.

يعتقد العديد من الباحثين أن كلا من المرض العقلي والاختلاف العصبي يمكن أن يعززا التفكير الإبداعي.

ويعتبر العالم تمبل جراندين مثالًا مشهورًا على ذلك.

قد تتراوح حالات الصحة العقلية من القلق أو الاكتئاب إلى اضطرابات الشخصية أو الذهان، وعندما يعاني شخص ما من الذهان، يتم قياسه على أساس سلسلة متواصلة، حيث يتم تشخيص إصابة الأشخاص الذين يعانون من أنماط ونوبات معينة فقط بالفصام.

على سبيل المثال، الأشخاص الذين لم يتم تشخيص إصابتهم سريريًا بالفصام، مثل أولئك الذين يعانون من نوبات أقل أو أعراض ذهان أقل حدة، يعانون أحيانًا من شرود العقل والتفكير غير المنظم.

قد يشكل هذا تحديًا للتركيز ولكنه قد يكون مفيدًا لتعزيز الإبداع.

السحرة فريدون من حيث أنهم ينشئون عروضهم الخاصة ويؤدونها، وبهذا المعنى، فهي تشبه الكوميديين.

معظم المجموعات الإبداعية الأخرى إما تنشئ أو تؤدي ولكن ليس كليهما، ومع ذلك، على عكس الكوميديين، هناك الكثير على المحك في الأداء السحري.

من خلال بعض النكات الجيدة التي تجعل الجمهور يضحك، يمكن للممثل الكوميدي العودة إلى المسار الصحيح. في المقابل، يمكن أن تكون إحدى الخدع السحرية الفاشلة كارثية، وقد تكون فرص التعافي أثناء الفعل قليلة ومتباعدة.

لذلك، يحتاج السحرة إلى أن يكونوا دقيقين للغاية في أدائهم وأن يمتلكوا مهارات تقنية عالية، كل ذلك أثناء ترفيه الجمهور في نفس الوقت.

إن بيئة العمل الفريدة ومجموعة المهارات هذه تجعلهم مجموعة إبداعية مثيرة للاهتمام للدراسة.

تم إجراء أبحاث خاصة بمساعدة ساحر محترف.

التفكير السحري

شملت الدراسة 195 ساحرًا، معظمهم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، بمتوسط ​​35 عامًا من الخبرة في أداء السحر، وشمل ذلك السحرة المقربين، والعقليين، وخبراء البطاقات، والسحرة على المسرح الكبير.

أكمل السحرة استبيانات لتقييم ميولهم نحو سمات التوحد والذهان، ثم تمت مقارنتهم بعينة من غير السحرة من نفس الفئة العمرية والتوزيع الجنسي، بالإضافة إلى مجموعات إبداعية أخرى مثل الكوميديين والشعراء والممثلين والموسيقيين.

لم يظهر السحرة أي استعداد لسمات التوحد، وسجلوا نتائج مماثلة لعامة السكان، ومع ذلك، سجل السحرة درجات أقل في كل الأعراض الذهانية تقريبًا مقارنة بالعينة العامة والمجموعات الإبداعية الأخرى.

على وجه الخصوص، أظهر هؤلاء السحرة قدرة عالية جدًا على التركيز، ومستويات منخفضة من القلق الاجتماعي وحالات أقل من التجارب غير العادية والأفكار المشوهة والهلوسة.

كل هذه السمات مفيدة للغاية لعمل السحرة، حيث تمكنهم من التركيز والانتباه إلى حرفتهم دون تشتيت الانتباه.

كما أن السحرة الذين تمت دراستهم لم يُظهروا أي ميل للسلوك المعادي للمجتمع وكان لديهم ضبط جيد للنفس، في حين أن هذه السمات ذات قيمة بالنسبة للعديد من المجموعات الإبداعية، مثل الفنانين والممثلين الكوميديين، إلا أنها أقل أهمية بالنسبة للأداء السحري.

العروض السحرية هي أحداث اجتماعية، غالبًا ما يشارك فيها الجمهور ويستخدم مساعدين في بعض الأحيان. لذا فإن كونك ودودًا ولطيفًا هو عنصر أساسي في العرض الناجح.

في هذا الصدد، فإن السحرة يشبهون العلماء الذين يسجلون أيضًا انخفاضًا في الأعراض الذهانية، وكلاهما يتطلب مستويات عالية من التنظيم والمثابرة في عملهما.

علاوة على ذلك، مثلما يستكشف العلماء في كثير من الأحيان حلولًا مختلفة لنفس المشكلة، يمكن للسحرة أداء نفس الخدعة السحرية بطرق متعددة.

ويختلف السحرة في مستوى الإبداع في عروضهم.

ففي حين أن بعض السحرة يمكن أن يكونوا منفعلين ومبتكرين، يمكن للعديد من السحرة بناء حياة مهنية ناجحة من خلال أداء حيل مألوفة، وأحيانًا بتعديلاتهم الخاصة، دون الحاجة إلى إنشاء حيل جديدة.

على عكس المجموعات الإبداعية الأخرى التي تتمتع بمرونة أكبر في عملها وقد ترتجل أثناء أدائها، تتطلب العروض السحرية الانضباط وتحتاج إلى تكرارها بنفس الطريقة تمامًا حتى تعمل الحيل.

إن قسم الساحر بعدم كشف الأسرار الكامنة وراء الخدع يسمح له بأداء نفس الحيل مرارا وتكرارا دون ملل الجمهور كما يحافظ على غموض الفعل.

لذلك، على عكس المساعي الإبداعية الأخرى، قد يؤدي المرض العقلي والاختلافات في النمو إلى نتائج عكسية على عمل الساحر، ومن الممكن أن السحرة الطموحين ذوي المستويات الأعلى من السمات الذهانية والتوحدية يجدون صعوبة بالغة في النجاح في هذه المهنة.

في النهاية، توضح الدراسة أنه ليس كل الأفراد المبدعين متساوين، وأن الارتباط بين الإبداع والمرض النفسي أكثر تعقيدًا مما كان يعتقد سابقًا.