هل تمنع أجهزة تنقية الهواء انتشار كورونا؟
في ظل انتشار العديد من الأمراض الصدرية، وفي ظل التفشي الذي شهده العالم لـ فيروس كورونا، نصح العديد من الخبراء بتحسين جودة الهواء الداخلي.
وأشار البعض إلى أن تحسين جودة الهواء من شانها أن تقلل خطر انتشار فيروس كورونا، ويمكن القيام بذلك من خلال استخدام أجهزة تنقية الهواء، فهل أثبتت هذه الأجهزة بالفعل كفاءتها في منع انتشار فيروس كورونا؟
أجهزة تنقية الهواء وكورونا
في واقع الأمر، ووفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس، لا توجد أدلة تدعم هذه الادعاءات التي تقول إن أجهزة تنقية الهواء مرتبطة بانخفاض انتشار وتفشي فيروس كورونا، ولم يتم الإبلاغ بعد عن الدراسات التي أجريت أثناء الوباء.
وقال بول هنتر، أستاذ الطب بجامعة إيست أنجليا: «قمت أنا وزملائي بمراجعة الأدلة قبل ظهور فيروس كورونا، ووجدنا أن ميزان الأدلة هو أن تنقية الهواء لا تقلل في الواقع من المرض الناجم عن التهابات الجهاز التنفسي».
أجهزة تنقية الهواء
وهناك نوعان رئيسيان من أجهزة معالجة الهواء: المرشحات ومعقمات الهواء.
تعمل المرشحات عن طريق إزالة الجزيئات من الهواء التي قد تحتوي على فيروسات معدية.
بينما تستخدم معقمات الهواء الأشعة فوق البنفسجية أو الأوزون لتعطيل الفيروسات الموجودة في الهواء.
وقال هنتر: «في مراجعتنا المنهجية، وجدنا 32 دراسة رصدية وتجريبية حول هذا الموضوع أجريت بين عامي 1970 و2022».
وأضاف: «بشكل عام، كان الدليل هو أن هذه التقنيات لم تقلل من تكرار المرض أو شدته».
وأشار إلى أنه «عند النظر إلى حالات الإنفلونزا المؤكدة مختبريا أو عدوى النوروفيروس، كان هناك اتجاه واضح نحو عدد أقل من الإصابات، ومع ذلك، كان هناك دليل على وجود تحيز قوي في النشر، حيث من المرجح أن يتم نشر النتائج الإيجابية بشكل ملحوظ أكثر من النتائج السلبية».
وأكد بول هنتر أن تحيز النشر يجعل التأثير الواضح لأي تدخل أو علاج يبدو أقوى مما هو عليه، حيث إن تلك الدراسات السلبية لم يتم نشرها ببساطة، وقال: «خلصت مراجعتنا إلى أنه لا يوجد دليل قوي على أن تقنيات معالجة الهواء تقلل من مخاطر الأمراض التي تنتقل عن طريق الجهاز التنفسي».
لم تكن أي من الدراسات المدرجة في المراجعة حول فيروس كورونا بشكل مباشر، حيث لم يتم نشر أي منها خلال فترة الدراسة.
ومع ذلك، فإن دراسة ألمانية حديثة، نُشرت في يوليو الماضي، بحثت في تأثير مرشحات الهواء الجسيمية عالية الكفاءة (Hepa) على فيروس كورونا في رياض الأطفال.
قارن الباحثون معدلات المرض في المدارس التي تم تركيب فلاتر جديدة بها مع تلك التي لم يتم تركيبها، ووجدوا أنه لا يوجد فرق كبير بين الاثنين.
وفي الواقع، كانت معدلات الإصابة أعلى قليلًا بين الأطفال في تلك المدارس التي تم تركيب المرشحات فيها.
ماذا عن التهوية؟
لم تأخذ هذه الدراسة في الاعتبار الأبحاث المتعلقة بتأثير التهوية، مثل إبقاء النوافذ مفتوحة، على خطر الإصابة بالأمراض.
إحدى المشكلات المحتملة في دراسات معالجة الهواء هي أن معدلات التهوية ربما تكون قد انخفضت، وبالتالي زيادة المخاطر.
كانت هناك مراجعة منهجية حديثة لتأثير التهوية على عدوى فيروس كورونا، بالرغم من وجود أدلة أكثر قليلا تدعم التهوية لتقليل العدوى، إلا أن الدراسات كانت جميعها ذات جودة سيئة أو سيئة للغاية.
ونتيجة لذلك، خلص الباحثون إلى أن «مستوى الثقة المنسوب إلى هذا الاستنتاج منخفض».
لذلك من غير المرجح أن تفسر الاختلافات في التهوية النتائج السلبية في دراسات معالجة الهواء.
وقال هنتر: «إذا كانت معالجة الهواء لا تقلل من خطر المرض، فلماذا يكون الأمر كذلك؟ أود أن أزعم أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل تقنيات معالجة الهواء لن تكون الدواء الشافي الذي يدعيه البعض».
وأوضح أستاذ الطب بجامعة إيست أنجليا: «أولًا، يعتمد خطر انتقال فيروسات الجهاز التنفسي على مدى قربك من شخص مصاب، وفي وقت مبكر من الوباء، أظهرت مجموعة من العلماء أن خطر الإصابة بالعدوى انخفض بشكل كبير كلما ابتعد الشخص عن شخص مصاب».
وأضاف: «كان الشخص الذي اقترب من مسافة متر واحد من شخص معدٍ أكثر عرضة للخطر 5 مرات تقريبًا من الشخص الذي بقي على بعد أكثر من متر واحد، ومن المشكوك فيه أن تؤثر معالجة الهواء على انتقال العدوى من شخص لآخر».
وأردف قائلا: «ثانيًا، حتى لو كانت معالجة الهواء فعالة في منع العدوى داخل مساحة داخلية معينة، فإن الناس يتحركون بانتظام بين الأماكن، إن معالجة الهواء في مدرستك أو مكان عملك لن تحميك أثناء استخدام وسائل النقل العام أو عند التجمع في بيئات أخرى».
وقال هنتر: «أخيرًا، هناك مسألة الديناميكيات الوبائية للعدوى التي تتمتع بفترة قصيرة من المناعة، وكما ناقشت منذ أكثر من عامين، فإن العدوى مثل كوفيد-19 التي تتمتع بفترة مناعة قصيرة نسبيا تتصرف بشكل مختلف عما يمكن التنبؤ به من خلال النماذج الوبائية القياسية لأن الأشخاص يمكن أن يصابوا مرة أخرى مرات عدة خلال حياتهم مع تضاؤل مناعتهم».