طريقة محتملة لعلاج الاكتئاب من خلال تحفيز الحبل الشوكي.. كيف هذا؟
وجدت تجربة سريرية تجريبية بقيادة باحثين من جامعة سينسيناتي في مركز ليندنر للأمل أن التحفيز الكهربائي للحبل الشوكي ممكن، ويتحمله الجسم بشكل جيد، ويظهر إمكانات علاجية لعلاج الاكتئاب.
نُشرت نتائج التجربة في مجلة الطب النفسي الجزيئي.
وقال الباحث الرئيسي فرانسيسكو رومو نافا، إن بحثه يركز على كيفية تفاعل التواصل بين الدماغ والجسم في الاضطرابات النفسية.
وقال رومو نافا، الأستاذ المشارك في قسم الطب النفسي وعلوم الأعصاب السلوكية في جامعة كاليفورنيا، ومدير الأبحاث المساعد في معهد الأبحاث في مركز ليندنر للطب النفسي: «نعتقد أن الاتصال بين الدماغ والجسم ضروري للاضطرابات النفسية».
وأضاف أن «العديد من أعراض اضطرابات المزاج أو اضطرابات الأكل أو اضطرابات القلق لها علاقة بما يمكن تفسيره على أنه خلل في تنظيم التفاعل بين الدماغ والجسم».
وقال رومو نافا إن مسارات الخلايا العصبية الموجودة في الحبل الشوكي تنقل المعلومات من الجسم إلى مناطق الدماغ التي تشارك في التجربة العاطفية التي نعرفها بالمزاج. عندما يعمل الدماغ بشكل صحيح، يستخدم هذه المعلومات لإجراء تعديلات للمساعدة في تنظيم مزاج الشخص باستمرار.
في حين أن اضطراب الاكتئاب الشديد يمكن أن يكون له العديد من الأسباب المختلفة، إلا أن أحد الأسباب قد يكون هذا المسار المثقل بالمعلومات.
وقال رومو نافا: «على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن إلى فرط نشاط دائرة الدماغ والجسم التي تحرق النظام في نهاية المطاف وتمنعه من تعديل نفسه بطريقة فعالة ومثالية».
وقد بحث فريق البحث في طرق مختلفة لتعديل هذا التفاعل بين الدماغ والجسم وطوروا نهجا جديدا من خلال تحفيز الحبل الشوكي غير التدخلي.
حصلت Romo-Nava على براءة اختراع في عام 2020 لطريقة التحفيز المستخدمة بعد العمل مع مكتب الابتكار بجامعة كاليفورنيا.
تم تصميم تحفيز الحبل الشوكي لتقليل تدفق المعلومات في دائرة الدماغ والجسم بحيث يكون الدماغ أكثر قدرة على إعادة ضبط وتنظيم نفسه.
وقال رومو نافا: «يُعتقد أن تحفيز الحبل الشوكي يساعد الدماغ على تعديل نفسه كما ينبغي عن طريق تقليل الضوضاء أو تقليل الإشارات المفرطة النشاط التي قد تكون موجودة أثناء متلازمة الاكتئاب».
جهاز الفحص الذي تم استخدامه ليس أكبر من صندوق الأحذية، حيث يتم وضع القطب النشط على ظهر المريض والقطب الراجع على كتفه الأيمن.
تفاصيل الدراسة
صممت Romo-Nava الدراسة التجريبية لاختبار جدوى تحفيز الحبل الشوكي ومدى تحمله للمرضى الذين يعانون من اضطراب الاكتئاب الشديد.
تم تسجيل ما مجموعه 20 مريضًا في التجربة، تم اختيار نصفهم عشوائيًا لتلقي النسخة النشطة من تحفيز الحبل الشوكي، بينما تلقى النصف الآخر نسخة مختلفة من التيار الذي لم يكن من المتوقع أن يكون له تأثير كبير.
ذهب المرضى إلى مركز Lindner التابع لمؤسسة HOPE لـ3 جلسات مدة كل منها 20 دقيقة أسبوعيًا لمدة ثمانية أسابيع، ليصبح المجموع 24 جلسة تحفيز للعمود الفقري.
نتائج الدراسة
وقال رومو نافا، كما هو الحال مع معظم الدراسات التجريبية، كان التركيز الأساسي للدراسة هو جدوى وسلامة التدخل ومدى قدرة المرضى على تحمل التحفيز.
تم تصميم الدراسة بحيث يمكن تقليل جرعة التحفيز إذا لزم الأمر، لكن رومو نافا قال إن جميع المرضى تحملوا الجرعة الموصوفة في البداية بشكل جيد.
وقال: «لقد استخدمنا تيارًا صغيرًا جدًا أصغر بحوالي 10 مرات من التيار المعروف بأنه يسبب تلف الأنسجة، وهذا أيضًا مشجع جدًا لأن هناك الكثير مما يجب استكشافه فيما يتعلق بالجرعة المثالية وتكرار الجلسة».
كانت الآثار الجانبية للعلاج خفيفة، بما في ذلك احمرار الجلد في موقع التحفيز وحكة أو حرقة قصيرة غير مؤلمة استمرت فقط خلال جلسات العلاج. وقال رومو نافا إن احمرار الجلد لم يستمر عادة أكثر من 20 دقيقة بعد الجلسة.
وأظهرت إعادة بناء افتراضية لكيفية تحرك التيار من الجهاز عبر الجسم أن التيار يصل إلى المادة الرمادية الشوكية في الحبل الشوكي ولكنه لا يصل إلى الدماغ نفسه.
وقال: «هذا يدعم فرضيتنا القائلة بأن تعديل مسارات المعلومات هذه هو الذي قد يؤدي بعد ذلك إلى إحداث تأثير على المناطق ذات الصلة بالمزاج في الدماغ، لذلك ليس التيار هو الذي يصل إلى الدماغ، بل التغيير في الإشارة هو الذي يكون له تأثير بعد ذلك، هذه الدراسة ليست كافية لإثبات كل هذه المكونات في الفرضية، لكننا نعتقد أنها بداية رائعة».
كان لدى المرضى الذين تلقوا التحفيز النشط انخفاضًا أكبر في شدة أعراض الاكتئاب لديهم مقارنة بالمجموعة الضابطة، لكن رومو نافا حذر من أن الدراسة كانت محدودة بسبب صغر حجم العينة.
سوف تحتاج هذه النتائج إلى تكرارها في دراسات أكبر بكثير لتأكيدها.
وقال: «يجب أن نكون حذرين عندما نفسر هذه النتائج بسبب الطبيعة التجريبية وحجم العينة الصغير للدراسة، فبينما كانت النتيجة الأولية إيجابية وتظهر إمكانات علاجية، يجب علينا أن نعترف بجميع القيود المفروضة على الدراسة».
أظهرت البيانات أن ضغط الدم أثناء الراحة لدى المشاركين لم يتغير على مدار الأسابيع الثمانية، لكن ضغط الدم الانبساطي (الرقم السفلي لقراءة ضغط الدم) انخفض لفترة قصيرة بعد كل جلسة بطريقة تراكمية أثناء الدراسة.
وقال رومو نافا: «قد يعني هذا أننا قد نحدث في الواقع شكلًا من أشكال التأثير البلاستيكي على دائرة التفاعل بين الدماغ والجسم والتي تشارك أيضًا في الوظائف اللاإرادية مثل ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، هذا أمر أولي للغاية، ولكنه أيضًا إشارة أخرى في الاتجاه الصحيح».
للمضي قدمًا، قال رومو نافا إن فريق البحث يسعى للحصول على تمويل إضافي لإجراء تجربة موسعة وتطوير نسخة محمولة من جهاز تحفيز الحبل الشوكي، وإذا أكدت دراسات أخرى أن التحفيز آمن وفعال لعلاج الاضطرابات النفسية، فستكون هناك حاجة أيضًا إلى عمل مستقبلي للعثور على الجرعة والتكرار والظروف المثالية التي يمكن استخدامه فيها.