ما سبب إصابة بعض الأطفال حديثي الولادة بالعدوى الشديدة؟
بالمقارنة مع البالغين، فإن الأطفال حديثي الولادة معرضون بشدة للإصابة بالعدوى، ويمكن أن تسبب هذه العدوى مضاعفات صحية خطيرة وحتى الموت.
أحد العوامل المعروفة التي تؤثر على استجابة حديثي الولادة للعدوى هي حالة تسمى قلة العدلات الوليدية، حيث يفشل الرضيع في إنتاج ما يكفي من العدلات الأوائل للجهاز المناعي، وفقا لما تم نشره في موقع ميديكال إكسبريس.
الأسباب الكامنة وراء نقص المناعة هذا، والذي يزيد بشكل كبير من تعرض الأطفال حديثي الولادة للإصابة بالعدوى، غير معروفة إلى حد كبير، مما يترك الأطباء دون فهم يذكر لكيفية الوقاية منه أو علاجه.
سبب نقص مناعة الأطفال حديثي الولادة
تشير دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة كولومبيا على الفئران إلى أن العديد من حالات قلة العدلات الوليدية قد تنشأ من تثبيط الخلايا الجذعية المكونة للدم لدى الجنين، وهي آلية طبيعية للأم تحمي المشيمة من الالتهاب، لكنها قد تترك الأطفال حديثي الولادة عرضة للإصابة بالعدوى إذا لم يتم تحويلهم قبالة بعد الولادة.
وقال قائد الدراسة، إيمانويل باسيجي، أستاذ خريج علم الوراثة والتنمية في كلية فاجيلوس للأطباء والجراحين، ومدير مبادرة الخلايا الجذعية في جامعة كولومبيا: «لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه عن قلة العدلات الوليدية، ولكن هذه خطوة مشجعة إلى الأمام في تطوير علاجات جديدة، وتخبرنا النتائج التي توصلنا إليها أنه قد يكون أكثر إنتاجية مواجهة العوامل الأمومية التي تثبط الخلايا الجذعية المكونة للدم لدى الجنين والوليد، بدلا من محاولة منعها».
وأضاف: «يعزز إنتاج هذه الخلايا بشكل مباشر».
الإنتان المبكر
يمكن للرضع الذين يعانون من قلة العدلات الوليدية أن يصابوا بالإنتان المبكر، وهو عدوى تهدد الحياة، في أول 72 ساعة من الحياة.
تقول المؤلفة الأولى، أميلي كولينز، أستاذ مساعد في طب الأطفال، وأخصائية في طب الأطفال: «إن الإنتان المبكر يمثل مشكلة كبيرة عند الرضع الناضجين، ولكنه أكثر خطورة بالنسبة للرضع المبتسرين وتكون الوفيات بين هؤلاء الرضع مرتفعة للغاية».
يستخدم الأطباء مضادات حيوية واسعة النطاق لعلاج الرضع المصابين بالإنتان المبكر، لكن المضادات الحيوية ليست كافية دائمًا، وغالبًا ما تؤدي إلى مضاعفات أخرى.
وقالت كولينز: «إن العلاج الذي يعزز جهاز المناعة لدى هؤلاء الرضع يمكن أن يكون له تأثير كبير».
النظرية السائدة عن قلة العدلات الوليدية هي أن الأجنة والولدان المصابين بهذه الحالة يفتقرون إلى القدرة على التجدد لإنتاج أعداد كبيرة من العدلات لمحاربة العدوى.
وقالت كولينز: «لكن ما يعنيه ذلك في الواقع من وجهة نظر ميكانيكية غير معروف، وقد كان تكوين الدم في الفترة المحيطة بالولادة مجالًا غير مدروس في علم الأحياء».
التجارب والنتائج
لفهم كيفية تطور قلة العدلات عند الرضع، استخدمت كولينز وباسيجو نماذج من الفئران لدراسة كيفية استجابة الخلايا الجذعية المكونة للدم لدى الجنين والولدان للعدوى.
عادةً ما يعتمد البالغون المصابون بالعدوى على تكون النقوي الطارئ، وهي آلية استجابة سريعة للخلايا الجذعية المكونة للدم والتي تولد أعدادًا كبيرة من الخلايا المناعية، بما في ذلك العدلات.
وجدت كولينز وباسيجو أنه على الرغم من أن تكوين النخاع الطارئ يصبح فعالا في وقت مبكر من نمو الجنين - فالخلايا الجذعية المكونة للدم في الجنين قادرة على إنتاج العدلات - إلا أن الجنين لا يقوم بتشغيلها.
يشير ذلك إلى وجود عامل خارجي يثبط تكون النخاع الجنيني، لذلك بحث الباحثون بعد ذلك عن العامل الأمومي -إنترلوكين 10 أو IL-10- الذي يمنع تنشيط النخاع النخاعي الطارئ أثناء نمو الجنين.
وجدت كولينز وباسيجو أن غياب IL-10 يمكن أن يعيد تكوين النقوي الطارئ في الجنين ويعزز إنتاج العدلات الوليدية بطريقة من المرجح أن يكون لها فوائد سريرية مهمة.
وقالت كولينز: «هذا هو التقدم الترجمي الرئيسي لدراستنا، الآن بعد أن علمنا أن الخلايا الجذعية الجنينية والوليدية يمكن أن تنتج العدلات، وقد حددنا IL-10 كأحد العوامل التي تثبط تكون النخاع الشوكي في حالات الطوارئ، يجب أن نكون قادرين على فهم الآلية وإيجاد الأماكن التي يمكننا التدخل فيها».
التأثير المحتمل
أصبح هذا الاكتشاف ممكنًا أيضًا باستخدام نموذج فأر ثانٍ طوره الباحثون والذي سمح لهم بتتبع ما يحدث في صغار الفئران بعد ولادتهم، لأن إزالة IL-10 تأتي على حساب وفاة الجنين في الفئران الحامل المصابة.
أظهر هذا النموذج الثاني أن الجراء حديثي الولادة يمكنهم المشاركة في مسارات تكون النخاع الشوكي الطارئة بعد ولادتهم، وسيكون ذلك ضروريًا للدراسات المستقبلية.
وقالت باسيجو: «نحن الآن قادرون على معرفة المزيد حول كيفية تثبيط IL-10 لدى الأمهات للخلايا الجذعية المكونة للدم الجنينية، وما هي الإشارات التي تزيل القيود بعد الولادة لتحويل هذه النتائج المثيرة إلى علاج فعال».