ما تأثير الاستخدام المبكر للمضادات الحيوية على الأطفال الخدج؟
توصلت دراسة جديدة، إلى أن المضادات الحيوية المبكرة والاستشفاء لفترات طويلة يتركان ندبة ميكروبية في البلعوم الأنفي عند الأطفال الخدج.
وتؤكد النتائج على الدور الحاسم لإدارة المضادات الحيوية والسيطرة على العدوى داخل وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى موازنة استخدام المضادات الحيوية المنقذة للحياة مع التأثير المحتمل على ميكروبيوم البلعوم الأنفي النامي، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.
نشرت الدراسة في مجلة Nature Communications.
عدوى الأطفال الخدج
الأطفال الخدج معرضون بشكل خاص للإصابة بالعدوى، وغالبًا ما يستلزمون تدخلات المضادات الحيوية المبكرة لدرء العدوى.
ومع ذلك، تكشف دراسة رائدة جديدة بعنوان "التوقيع على الاستشفاء المطول والتأثيرات المبكرة للمضادات الحيوية على المقاومة الأنفية البلعومية عند الأطفال الخدج " أن هذه التدابير المنقذة للحياة لها تأثيرات كبيرة على ميكروبيوم الأنف البلعومي لدى الأطفال (الندبة الميكروبية).
أجرى باحثون من جامعة أوسلو ومستشفى جامعة أوسلو، بالتعاون مع زملاء من المعهد النرويجي للصحة العامة ومستشفى ريجشوسبيتاليت في الدنمارك، دراسة استطلاعية لبحث كيفية تأثير التعرض المبكر للمضادات الحيوية على تطور مقاومة المضادات الحيوية في البلعوم الأنفي لدى الأطفال الخدج.
كما تبحث الدراسة في كيفية ارتباط هذه التغييرات بعوامل سريرية مختلفة، مما يسد فجوة حرجة في فهمنا للمجتمعات الميكروبية في البلعوم الأنفي في هذه الفئة السكانية المعرضة للخطر.
شملت الدراسة 198 عينة من شفاطات البلعوم الأنفي من 36 رضيعًا خديجًا، ولدوا بين 28 و32 أسبوعًا من عمر الحمل، في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في أوليفول بمستشفى جامعة أوسلو.
تم تقسيم هؤلاء الرضع إلى مجموعتين: أولئك الذين تلقوا المضادات الحيوية خلال أول 24 ساعة من الحياة بسبب زيادة خطر الإصابة بتسمم الدم المبكر لدى حديثي الولادة (EONS)، وأولئك الذين لم يتلقوا المضادات الحيوية.
تم جمع العينات منذ الولادة وحتى عمر 8-10 أشهر، وتم استخدام الميتاجينوميات العشوائية لتحديد وتحليل طبيعة جينات مقاومة المضادات الحيوية (ARGs)، أي المقاومة، الموجودة في هذه المجتمعات الميكروبية.
تم استكشاف هذا النهج المنهجي الشامل في دراسة سابقة بحجم عينة أصغر، ولكن لم يكن من المؤكد ما إذا كان سيكون فعالًا مع حجم العينة الأكبر المستخدم في هذه الدراسة.
ومع ذلك، أثبتت المنهجية الرائدة قوتها، مما يسمح بالتسلسل والتحليل المتعمق.
في حين تسبب العلاج المبكر بالمضادات الحيوية في حدوث اضطرابات مؤقتة في المقاومة الأنفية البلعومية، إلا أن التنوع الإجمالي ووفرة مضادات الميكروبات لم يختلفا بشكل كبير بين الرضع المعالجين والمجموعة الضابطة بحلول 8-10 أشهر من العمر.
ومع ذلك، كانت الملاحظة الحاسمة هي استمرار مضادات الميكروبات المرتبطة بمسببات الأمراض المكتسبة من المستشفيات Serratia marcescens، والتي بقيت في البلعوم الأنفي لدى 92% من الرضع المصابين لفترة طويلة بعد خروجهم من المستشفى.
صرح الدكتور داريوال، الذي أجرى التحليل المعلوماتي الحيوي، قائلًا: "تؤكد نتائجنا على أهمية بيئات المستشفيات في تشكيل المقاومة الجينية للأطفال الخدج".
وعلى النقيض من الدراسات السابقة التي أجريت على الخلايا المقاومة للأمعاء، والتي أظهرت استعمارًا طويل الأمد للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية بعد العلاج، لم تجد هذه الدراسة أي تغييرات دائمة في الخلايا المقاومة للأنف البلعومي بعد الأشهر الأولى من الحياة.
ومع ذلك، فإن الوجود المستمر لجينات المقاومة المرتبطة بـ Serratia marcescens يسلط الضوء على التأثير المستمر للاستشفاء.
وقال الدكتور بيترسون، المؤلف الرئيسي وأستاذ في جامعة أوسلو: "لم نتوقع مثل هذا التوقيع الواضح من كائن حي واحد".
تعد هذه الدراسة من بين أولى الدراسات التي تتناول بالتفصيل المقاومة المناعية والميكروبيوم الأنفي البلعومي عند الأطفال الخدج.
وفي حين كانت نفس المجموعة البحثية قد اختبرت منهجياتها في السابق على عدد أقل من العينات، فإن هذه الدراسة تؤكد فعاليتها على نطاق أوسع، مما يضع معيارًا جديدًا للأبحاث المستقبلية في هذا المجال.
إن دراسة ميكروبيوم البلعوم الأنفي مهمة بشكل خاص لأنها تعمل كمسار رئيسي للعدوى ومستودع لمسببات الأمراض المقاومة للأدوية.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل ميكروبيوم الجهاز التنفسي كبوابة للصحة من خلال تثبيط نمو مسببات الأمراض والتواصل مع ميكروبيوم الأمعاء لتنظيم المناعة.
على الرغم من أهميته الكبيرة، فقد تلقى هذا المجال اهتمامًا أقل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى العقبات الفنية التي تتغلب عليها الآن تقنيات الميتاجينوم الناشئة، كما يتضح من منهجيات هذه المجموعة المحسنة.
وتؤكد نتائج المجموعة على أهمية إدارة المضادات الحيوية وتدابير مكافحة العدوى القوية في وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة.
وفي حين تفتخر النرويج بضوابط صارمة ومستويات منخفضة من مقاومة مضادات الميكروبات، فإن المخاطر التي أبرزتها هذه الدراسة تؤكد على الحاجة إلى اليقظة في جميع مؤسسات الرعاية الصحية.
وقال الدكتور بيترسون: "إن المضادات الحيوية لا تقدر بثمن، ولكن استخدامها يجب أن يكون حكيما، وفي البلدان التي تعاني من مستويات عالية من مقاومة مضادات الميكروبات، قد تكون العواقب على الأطفال الخدج أكثر وضوحًا، مما قد يؤثر على نتائجهم الصحية".
علاوة على ذلك، فإن التقدم المنهجي في الدراسة يمهد الطريق لمزيد من البحث الشامل في مجالات البلعوم الأنفي أو غيرها من مجالات الجهاز التنفسي، مما يوفر بروتوكولًا جديدًا للدراسات المستقبلية حول التأثيرات الفورية وطويلة الأمد للتعرض للمضادات الحيوية.
واختتم الدكتور بيترسون قائلًا: "من خلال إنشاء هذه الأساليب، نأمل أن نلهم المزيد من التحقيقات في حمل مقاومة المضادات الحيوية بواسطة الميكروبات في الجهاز التنفسي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين النتائج للمرضى الأكثر ضعفًا".