اكتشاف تغيرات دماغية شبيهة بمرض الزهايمر لدى مرضى كوفيد طويل الأمد
تظهر أبحاث جديدة من مركز ساندرز براون للشيخوخة بجامعة كنتاكي أدلة دامغة على أن الضعف الإدراكي الذي لوحظ لدى مرضى كوفيد طويل الأمد يتشابه بشكل مذهل مع تلك التي شوهدت في مرض الزهايمر والخرف المرتبط به.
تسلط الدراسة، التي نشرت في مجلة Alzheimer's & Dementia، الضوء على القواسم المشتركة المحتملة في اضطرابات الدماغ عبر هذه الحالات، والتي يمكن أن تمهد الطريق أمام سبل جديدة في البحث والعلاج.
كانت الدراسة عبارة عن جهد عالمي، وجمعت خبراء من مختلف مجالات علم الأعصاب.
قاد الدراسة باحثون في كلية الطب بالمملكة المتحدة، بما في ذلك يانج جيانج، أستاذ في قسم العلوم السلوكية؛ وكريس نوريس، أستاذ في قسم علم الأدوية وعلوم التغذية؛ وبوب سومبول، أستاذ مساعد في قسم علم الأدوية وعلوم التغذية. يركز عملهم على الفيزيولوجيا الكهربية، والالتهاب العصبي، والخلايا النجمية والوظائف المشبكية.
وبحسب ما نشره موقع ميديكال إكسبريس، قال جيانج: "لقد استفاد هذا المشروع بشكل كبير من التعاون بين التخصصات المختلفة، وقد تلقينا مدخلات من خبراء مرتبطين بالجمعية الدولية لتقدم أبحاث وعلاج مرض الزهايمر (ISTAART)، من 6 دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا وأيرلندا وإيطاليا والأرجنتين وتشيلي".
ضباب الدماغ
ركز جيانج وفريقه التعاوني عملهم على فهم "ضباب الدماغ" الذي يعاني منه العديد من الناجين من كوفيد-19، حتى بعد أشهر من التعافي من الفيروس، ويشمل هذا الضباب مشاكل في الذاكرة والارتباك وصعوبة التركيز.
ووفقًا لجيانج، "يشبه تباطؤ واختلال النشاط الدماغي الجوهري لدى مرضى كوفيد-19 ما نراه في مرض الزهايمر والخرف المرتبط به".
يسلط هذا البحث الضوء على العلاقة بين الحالتين، مما يشير إلى أنهما قد تشتركان في الآليات البيولوجية الأساسية. يتضمن كل من مرض كوفيد الطويل ومرض الزهايمر التهابًا عصبيًا، وتنشيط خلايا دعم الدماغ المعروفة باسم الخلايا النجمية ونشاطًا دماغيًا غير طبيعي.
يمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى ضعف إدراكي كبير، مما يجعل من الصعب على المرضى التفكير بوضوح أو تذكر المعلومات.
إن فكرة أن كوفيد-19 قد يؤدي إلى تغيرات دماغية تشبه تلك التي يسببها مرض الزهايمر تشكل تطورًا كبيرًا.
وقال جيانج: "لا يربط الناس عادة بين كوفيد-19 ومرض الزهايمر، لكن مراجعتنا للأدلة الناشئة تشير إلى خلاف ذلك".
يكشف البحث أن المشكلات الإدراكية الناجمة عن كوفيد-19 تعكس تغيرات دماغية أساسية مماثلة لتلك الموجودة في الخرف. وتؤكد رؤى الدراسة على أهمية إجراء فحوصات وظائف المخ بشكل منتظم لهذه الفئات، وخاصة من خلال استخدام أدوات ميسورة التكلفة ويمكن الوصول إليها مثل تخطيط كهربية الدماغ (EEG).
ولا تسلط الدراسة الضوء على السمات المشتركة بين كوفيد الطويل ومرض الزهايمر فحسب، بل تشير أيضًا إلى أهمية إجراء المزيد من الأبحاث.
وقال جيانج: "إن هذه الرؤية الجديدة تفتح آفاقًا للأبحاث المستقبلية والممارسة السريرية، وخاصة في دراسة تذبذبات الدماغ المرتبطة بالعلامات الحيوية العصبية للضعف الإدراكي الخفيف لدى الأشخاص المصابين بمرض كوفيد-19 لفترة طويلة".
أحد النتائج الرئيسية هو دور الخلايا النجمية - وهي خلايا داعمة في الدماغ لم تتم دراستها بدقة مثل الخلايا العصبية.
تشير الأبحاث إلى أن تلف أو تنشيط هذه الخلايا بسبب كوفيد-19 يمكن أن يسبب خللًا في المشابك، مما يؤدي إلى نشاط الدماغ غير الطبيعي الملحوظ في كلتا الحالتين.
هذا الاكتشاف مهم لأنه قد يساعد في تفسير سبب تشابه أنماط تخطيط كهربية الدماغ لدى مرضى كوفيد-19 مع تلك التي شوهدت في المراحل المبكرة من الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر.
يعتقد الباحثون أن هذا العمل قد يكون له تأثير مباشر على رعاية المرضى، وهم يدعون إلى إجراء فحوصات تخطيط كهربية الدماغ الروتينية للكشف عن التغيرات الدماغية المبكرة لدى كل من الناجين من كوفيد-19 وأولئك المعرضين لخطر التدهور المعرفي.
وقال نوريس: "أنماط تخطيط كهربية الدماغ لدى مرضى كوفيد-19 تشبه تلك التي شوهدت في الأمراض العصبية التنكسية المبكرة".
وقال سومبول: "قد تكون هذه التشابهات ناجمة عن قضايا مشتركة مثل التهاب الدماغ، ونشاط الخلايا النجمية، وانخفاض مستويات الأكسجين، وتلف الأوعية الدموية".
ومن خلال اكتشاف هذه التغيرات في وقت مبكر، قد يتمكن مقدمو الرعاية الصحية من تحديد الأفراد المعرضين للخطر في وقت أقرب وتنفيذ التدخلات لمنع أو إبطاء تقدم التدهور المعرفي.
ومع استمرار البحث، يهتم الفريق بشكل خاص بكيفية قدرة مراقبة تخطيط كهربية الدماغ على التنبؤ بالنتائج طويلة المدى لدى مرضى كوفيد-19 وتقييم فعالية العلاجات التي تهدف إلى منع التدهور المعرفي.