الدكتور صلاح سند يكتب| الرحم الصناعي.. لماذا نخشى حدوث ما لا تُحمد عقباه؟

منذ فترة قريبة تم تداول خبر عن اختراع صيني وهو رحم صناعي يحمل الجنين لفترة 9 أشهر ectolife، كطريقة مبتكرة لتجنب كثير من الأمراض الجنينية، وفي الأيام القليلة الماضية أعلن إيلون ماسك عن مشروع "روبوت الحمل" كواحد من أحدث تطبيقات الذكاء الصناعي. 

وللأسف فإن العلوم الحالية لا تعرف على وجه الدقة دور الرحم الطبيعي في التأثير على الجنين، مما قد يعرض النشء لكثير من المشاكل المحتملة مثل:

أولًا: حدث في حالات أطفال الأنابيب زيادة ملحوظة في معدل بعض أمراض النسل، وتعزى هذه الزيادة جزئيا إلى تقنية العملية، ومنها تعرض الجنين المبكر فى فترة قصيرة جدًا (أيام قليلة) لظروف تختلف عن الرحم الطبيعى، فما بالنا بتعرض الجنين لهذه الظروف لمدة تسعة أشهر.

وإذا كان الذكاء الصناعي يمكنه اكتشاف الخلل التكويني للأعضاء الجسدية أثناء المرحلة الجنينية فلن يمكنه التنبؤ باضطراباتها الوظيفية functional disorders كمعدل الذكاء
                        
ثانيا: تم التعرف على أن الرحم الطبيعى ليس مجرد حاوية للجنين container، ولكنه يقوم بدور أساسى في تكوين الجنين: "فهو قد يؤثر على چينات الجنين" ولا تقتصر وظيفة الچينات كما يعتقد الكثيرون على انتقال الصفات الوراثية، ولكنها تقوم بالآتي:

١-  تحديد نوع الخلية cell line بتحول الخلايا غير المتميزة undifferentiated إلى خلية جلدية أو عضلية أو عصبية...
٢ـ تفعيل وظيفة الخلية بصنع البروتينات المسئولة عن هذه الوظائف كإنتاج الطاقة وتخزينها، انتقال النبضات الكهربية، انقباض العضلات.

٣- التأثير على الصحة والمرض مثلما يحدث بإضعاف أو إيقاف عمل بعض الچينات المرضية
turning genes on or off

ولا تستطيع الچينات أن تعبر عن نفسها gene expression إلا بالسماح لها بذلك، بواسطة مؤثرات من داخل الخلية (مثل بعض أنواع الحمض النووى microRNAs) أو خارجها فى البيئة المحيطة بها، ولذلك فإن الأم الحاضنة فى حالات تأجير الرحم surrogate mother تعتبر فعليا أما بيولوچية، لأن الرحم يلعب دورًا مهما فى وظيفة چينات الجنين:

١) فهو البيئة الصغرى المحيطة به، وتشترك أنسجته فى تكوين المشيمة التى تقوم بوظائف الجنين الحيوية وتصنع هرمونات وعوامل نمو ضرورية له.

٢) كما أن الأوعية الدموية لهذا الرحم تقوم بإمداد الجنين بهذه المواد الكيميائية من البيئة الأكبر وهى الأم الحاضنة 
chemical mediators as hormones، growth factors...

.. والإثبات لذلك يأتي من حالات تقنية أطفال الأنابيب في الحيوانات، حيث تم أخذ جنين مبكر من نوع الحصان القزم pony وتم وضعه فى رحم الحصان العادى، فكان حجم المولود وسطا بين حجم الحصان العادى والحصان القزم pony.
                        
ثالثا: خلق الله سبحانه وتعالى الكون ووضع له القوانين الفيزيائية لتنظيمه واستمراره، كما خلق المخلوقات وسن لها القوانين الخلقية (بكسر الخاء)، والإنسان هو أكرم خلق الله تعالى، وهو الخلق الوحيد الذى نفخ الله فيه الروح الذى نسبها لذاته سبحانه، ولذلك يحتوى الإنسان مكونا لاماديا لا نعرف كنهه ولا كيفية نفخه بواسطة الملائكة داخل الرحم البشري، ولذلك ما أخشاه هو أن التدخل فى هذه القوانين أو محاولة تغييرها، متجاهلين الجانب اللاماي الروحاني قد ينتج عنه ما لا تحمد عقباه.

*د صلاح سند 
أستاذ النساء والتوليد طب القاهرة