هل يزيد كوفيد 19 خطر الإصابة باضطرابات الدهون في الدم؟
توصلت دراسة شملت أكثر من 200 ألف بالغ، إلى أن جائحة كوفيد-19 تسببت في زيادة خطر الإصابة باضطراب شحميات الدم بنسبة 29%، وهي حالة تنطوي على مستويات غير طبيعية من الدهون في الدم.
وكان كبار السن والأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الثاني أكثر تأثرًا، حيث واجهوا زيادة بمقدار الضعف تقريبًا في خطر الإصابة بخلل شحميات الدم، وهو عامل خطر رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية.
نُشر البحث اليوم في النسخة المطبوعة من مجلة Journal of Clinical Investigation.
وبحسب موقع ميديكال إكسبريس، قال الدكتور جيتانو سانتولي، أستاذ مشارك في الطب وعلم الأدوية الجزيئية في أينشتاين، والذي قاد الدراسة: "نظرًا لمدى انتشار الوباء، فإن هذه الزيادة في خطر الإصابة بخلل شحميات الدم تشكل سببًا للقلق في جميع أنحاء العالم، واستنادًا إلى النتائج التي توصلنا إليها، فإننا ننصح الأشخاص بمراقبة مستويات الدهون لديهم بانتظام والتشاور مع مقدمي الرعاية الصحية حول طرق علاج خلل شحميات الدم إذا تم اكتشافه، وخاصة كبار السن والمرضى المصابين بمرض السكري".
وأشار إلى أن هذه النصيحة تنطبق على جميع البالغين، وليس فقط على من تم تشخيص إصابتهم رسميًا بفيروس كوفيد-19، نظرًا لأن العديد من الأشخاص أصيبوا بالعدوى دون أن يدركوا ذلك.
ولوضع هذه النتائج في سياقها الصحيح، فقد قُدِّر أن 53% من البالغين في الولايات المتحدة كانوا يعانون من اضطراب شحميات الدم قبل الوباء؛ وزيادة بنسبة 29% في حالات اضطراب شحميات الدم بسبب كوفيد-19 تعني أن 68% من الأمريكيين قد يكونون الآن معرضين لخطر الإصابة باضطرابات الدهون.
وفي دراستين سابقتين، وجد الدكتور سانتولي وفريقه أن كوفيد-19 أدى إلى زيادة حالات الإصابة الجديدة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع 2.
وقال الدكتور سانتولي: "أظهرنا في تلك التحليلات أن خطر الإصابة بهذه الاضطرابات لا يزال مرتفعًا بعد ثلاث سنوات من الوباء؛ وعلاوة على ذلك، لاحظنا زيادة مشبوهة في مستويات الكوليسترول الكلي، الأمر الذي استدعى إجراء فحص أكثر دقة".
في الدراسة الجديدة، حدد الباحثون أولًا معدل الإصابة بخلل شحميات الدم في مجموعة تضم أكثر من 200 ألف بالغ يعيشون في نابولي بإيطاليا، خلال السنوات الثلاث التي سبقت بدء الوباء (2017-2019). ثم قاموا بتقييم معدل الإصابة بخلل شحميات الدم في نفس المجموعة خلال فترة كوفيد-19 التي استمرت ثلاث سنوات (2020-2022)، مستبعدين من التحليل الأشخاص الذين تم تشخيصهم سابقًا بخلل شحميات الدم أو الذين تناولوا سابقًا أدوية خفض الدهون.
ووجد الباحثون أن كوفيد-19 زاد من خطر الإصابة بخلل شحميات الدم في مجموعة الدراسة بأكملها بنسبة 29% في المتوسط، وكانت الزيادة أعلى بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والذين يعانون من حالات مزمنة، وخاصة مرض السكري والسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض الانسداد الرئوي المزمن وارتفاع ضغط الدم.
النتائج هي الأكثر حسمًا حتى الآن لأن دراسات أخرى - معظمها يربط بين كوفيد-19 وزيادة متواضعة في مخاطر مشاكل الدهون في الدم - استخدمت مجموعات تحكم مختلفة من السكان أو الأشخاص الذين يُعتقد أنهم مروا بالجائحة دون الإصابة.
ومع ذلك، فإن أعدادًا كبيرة من الأشخاص المصنفين على أنهم "خالون من كوفيد" أصيبوا بالمرض بالفعل ولكن لم يتم اختبارهم أبدًا أو لم يسعوا للحصول على رعاية طبية.
قال الدكتور سانتولي: "لم تحاول دراستنا تحديد ما إذا كان المشاركون قد ثبتت إصابتهم بكوفيد-19 أم لا. وبدلًا من ذلك، ولأننا كنا نتابع هذه المجموعة لسنوات عديدة قبل الوباء، فقد تمكنا من قياس التأثير الكلي لكوفيد-19 على السكان من خلال مقارنة مستويات خلل شحميات الدم في نفس المجموعة قبل الوباء وبعده. ومن المؤكد أن أي زيادة في حدوث خلل شحميات الدم لابد أن تكون نتيجة لكوفيد-19".
كوفيد-19 واضطراب شحميات الدم
لا يزال من غير الواضح كيف يمكن أن يزيد كوفيد-19 من حدوث اضطراب شحميات الدم.
أحد التفسيرات المحتملة هو النتيجة التي توصل إليها الدكتور سانتولي في دراسة سابقة: أن فيروس سارس-كوف-2 (الفيروس المسبب لكوفيد-19) يعطل وظيفة الخلايا البطانية، التي تبطن الجزء الداخلي من الأوعية الدموية في جميع أنحاء الجسم وتلعب دورًا حاسمًا في تنظيم الدهون في الدم.
توصلت دراسة منفصلة إلى أن كوفيد-19 يشكل عامل خطر قوي للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية لمدة تصل إلى ثلاث سنوات تقريبًا بعد الإصابة.
قال الدكتور سانتولي: "هذا البحث، الذي نُشر على الإنترنت بعد شهر من بحثنا، يؤكد بشكل أساسي ملاحظاتنا في هذه الدراسة، حيث أن خلل شحميات الدم هو أحد الأسباب الرئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية. كما يشير إلى أن معالجة خلل شحميات الدم من شأنها أن تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى أولئك الذين أصيبوا بكوفيد".
ويقوم الباحثون الآن بدراسة تأثيرات كوفيد-19 على متلازمة القلب والأوعية الدموية والكلى والتمثيل الغذائي (CKM)، وهي حالة تم وصفها مؤخرًا وتتضمن أربع مشاكل طبية مترابطة - أمراض القلب، وأمراض الكلى، والسكري، والسمنة - وكلها تنطوي على خلل في الأوعية الدموية.