الخميس 26 ديسمبر 2024 الموافق 25 جمادى الثانية 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

هل التحفيز الحسي يعزز قدرة الذاكرة البصرية العاملة لدى الإنسان؟

الإثنين 09/ديسمبر/2024 - 04:30 م
الذاكرة البصرية
الذاكرة البصرية


لإنجاز المهام التي تتطلب تخزين تفاصيل بصرية ذات صلة لفترات قصيرة من الزمن، مثل حل لغز أو القراءة أو مقارنة أشياء مختلفة، يستخدم البشر ما يسمى بالذاكرة البصرية العاملة.

هذا هو نظام إدراكي يسمح للناس بتخزين المعلومات البصرية المهمة مؤقتًا، عادةً لبضع ثوانٍ أو دقائق، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.

وجد بعض علماء الأعصاب أن سعة الذاكرة العاملة البصرية البشرية يمكن زيادتها عن طريق تحفيز مناطق معينة من الدماغ كهربائيًا.

في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Communications Psychology، شرع فريق بحثي في ​​جامعة بومبيو فابرا في برشلونة في تحديد ما إذا كان التحفيز الحسي يمكن أن يؤثر أيضًا على سعة الذاكرة العاملة البصرية.

هل التحفيز الحسي يعزز قدرة الذاكرة البصرية العاملة لدى الإنسان؟

قالت إندري بيلكيت، المؤلفة الأولى للدراسة، لموقع ميديكال إكسبريس: "كانت لهذه الدراسة هدفان رئيسيان: استكشاف الدور الوظيفي لتذبذبات الدماغ في الذاكرة العاملة واختبار ما إذا كان التحفيز الحسي يمكن أن يحل محل التحفيز الكهربائي عبر الجمجمة (tACS)".

وأضافت: من أجل تحقيق الهدف النظري، قمنا بفحص ما إذا كانت تذبذبات الدماغ تعكس نشاطًا عصبيًا متزامنًا فحسب (أي أنها في الأساس عبارة عن منتج ثانوي لدماغ نشط)، أم أنها تشكل بشكل نشط العمليات المعرفية (أي كيف ندرك ونتصرف في العالم)".

وقد ربطت دراسات حديثة بين النشاط التذبذبي للدماغ البشري، وخاصة مرحلته وقوته، وبين الإدراك والانتباه.

وشرعت بيلكيت وزميلها سلفادور سوتو فاراكو في التحقيق فيما إذا كان هذا النشاط يؤثر أيضًا على الوظائف الإدراكية العليا، مثل الذاكرة العاملة.

وقالت إندري بيلكيت: "من الناحية المنهجية، كنا نهدف إلى تكرار النتائج من دراسات tACS باستخدام التحفيز الحسي (أي الومضات البصرية الإيقاعية والأصوات السمعية)".

وأضافت: إذا ثبتت فعالية التحفيز الحسي، فإنه قد يوفر وسيلة متعددة الاستخدامات وسهلة الوصول لتعديل تذبذبات الدماغ عبر مختلف البيئات خارج المختبر. على سبيل المثال، يمكن دمجه في البيئات اليومية، مثل المكاتب أو السيارات، لتعزيز أداء ذاكرتنا العاملة.

استندت الفرضية التي اختبرها الباحثون إلى نموذج حسابي يُعرف باسم نموذج ثيتا-جاما، ويتنبأ هذا النموذج بأن سعة الذاكرة العاملة البشرية تعتمد على تردد (أي سرعة) تذبذبات ثيتا الدماغية.

وتستند الدراسة الحديثة التي أجراها بيلكيت وسوتو فاراكو إلى هذا النموذج، حيث جمعته مع نتائج دراسات سابقة اعتمدت على التحفيز الكهربائي عبر الجمجمة.

كانت الفرضية التي اختبرت هي أن تسريع أو إبطاء تذبذبات ثيتا من شأنه أن يؤدي إما إلى انخفاض أو زيادة سعة الذاكرة العاملة لدى المشاركين في الدراسة.

وأوضحت إندري بيلكيت "لقد استخدمنا تقنية تسمى التزامن العصبي للتحكم في سرعة تذبذبات المخ".

وقالت: "تعتمد هذه التقنية على ميل المخ الطبيعي إلى مزامنة إيقاعاته الداخلية مع المحفزات الإيقاعية الخارجية، ويمكن أن تتخذ هذه المحفزات الخارجية أشكالًا مختلفة، مثل التيارات الكهربائية، أو النبضات المغناطيسية، أو كما في دراستنا، الومضات البصرية الإيقاعية والأصوات الصوتية".

لاختبار فرضيتهما، جمع بيلكيت وسوتو فاراكو بين استراتيجيات التزامن الحسي ومهمة بسيطة للذاكرة البصرية، واستخدما التزامن الحسي للتلاعب بالتذبذبات في أدمغة 209 مشاركين في المجموع واختبرا ذاكرتهم العاملة من خلال جعلهم يكملون مهمة بسيطة.

عُرض على المشاركين ما بين 4 إلى 7 مربعات بألوان مختلفة لفترة وجيزة للغاية. وبعد فترة تأخير قصيرة، ظهرت مجموعة جديدة من المربعات، والتي كانت إما مطابقة للمربع الأول أو كان أحد المربعات بلون مختلف. ثم طُلب من المشاركين الإشارة إلى ما إذا كان أي لون قد تغير بين المجموعتين.

وقالت إندري بيلكيت: "لقد وجدنا أن التحفيز الحسي، سواء عند ترددات ثيتا الأسرع أو الأبطأ، أدى إلى تحسين سعة الذاكرة العاملة لدى المشاركين بشكل ملحوظ، وقد تناقضت هذه النتيجة مع توقعاتنا الأولية، حيث توقعنا أن التحفيز الأسرع من شأنه أن يقلل من السعة. وبالتالي، تشير نتائجنا إلى أن التحفيز الحسي يعمل بشكل مختلف عن التحفيز الكهربائي".

ومن المثير للاهتمام أن بيلكيت وسوتو فاراكو لاحظا أن التحسن في سعة الذاكرة العاملة البصرية كان أكثر وضوحا لدى المشاركين الذين أظهروا ذاكرة عاملة أصغر في ظروف التحكم (أي عندما عُرضت عليهم صور ثابتة أو نغمة نقية بدلا من الومضات البصرية والأصوات)، وهذا يشير إلى أن تدخلات التحفيز الحسي قد تكون أكثر إفادة للأشخاص الذين يكافحون لحفظ المعلومات لفترات زمنية أقصر.

إن النتائج التي تم جمعها كجزء من هذه الدراسة الحديثة قد تمهد الطريق لمزيد من الأبحاث التي تستكشف إمكانات تدخلات التحفيز الحسي لتعزيز الذاكرة العاملة لدى الناس، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لعلماء النفس محاولة تحديد ما إذا كانت التحسينات التي لاحظها بيلكيت وسوتو فاراكو تمتد أيضًا إلى فئات سريرية محددة معروفة بضعف الذاكرة العاملة، مثل المرضى الذين تم تشخيصهم بالفصام.

ويخطط بيلكيت وسوتو فاراكو أيضًا لمعرفة مدى تأثير تعديل تذبذبات الدماغ على التحسن في الذاكرة العاملة، على النقيض من التأثيرات التنبيهية للمحفزات الحسية.

ويأمل الباحثون في فهم أفضل للأسباب التي تجعل التحفيز الحسي يبدو مفيدًا بشكل خاص للمشاركين الذين لديهم سعة ذاكرة أساسية أقل.