الدكتور حازم يس يكتب: كسوف الشمس وفقدان الإبصار
تعتبر ظاهرة كسوف الشمس من أكثر الظواهر الطبيعية الجاذبة لملايين البشر، والذين قد يسافرون من بلد إلى آخر حول العالم، لمتابعة هذه الظاهرة التي توضح قوانين حركة الشمس والقمر والأرض أثناء الدوران في الفلك.
وفي هذه الظاهره يتحرك القمر ليصبح ما بين الشمس والأرض، ويؤدي ذلك إلى انخفاض وصول أشعة الشمس إلى الارض لفترة من الزمن تستغرق فترة تحرك القمر ما بين الشمس والأرض، وللكسوف نوعان:
النوع الأول هو كسوف كلي، وفيه تصاب الأرض بفترة من الإظلام أثناء ضوء النهار، أو كسوف جزئي يُخفي فيه القمر الجزء الأكبر من الشمس تاركًا جزءًا هلاليًا أو حلقيًا منها.
وفي الأحوال الطبيعية لا يستطيع أي شخص مبصر مواجهة أشعة الشمس مباشرة ولو لفترة قصيرة من الزمن، وذلك لشدة إضاءة هذه الأشعة، كما أن وسائل حماية العين الطبيعية تعمل بكفاءة عالية فيحدث انقباض لا إرادي في عضلات الجفون لتغلق على مقلة العين، كما تضيق الحدقة بشكل يمنع أشعة الشمس الضارة من إيذاء أنسجة العين.
ولكن مع كسوف الشمس فإن الشخص المبصر يستطيع النظر لهذا الجزء من قرص الشمس نتيجة لانخفاض حدة هذه الأشعة، مما يسمح بإطالة فترة النظر لظاهرة الكسوف دون أن تعمل خطوط الدفاع الطبيعية المسئولة عن حماية العين، وذلك يؤدي إلى دخول حزمة من الأشعة يتراوح طولها بين 380 و1400 نانو ميتر حيث تمتص الأشعة القصيرة على مستوى القرنية والعدسة البللورية، بينما تصل الأشعة الأطول إلى الشبكية وخاصةً الخلايا المخروطية والعمودية المسئولة عن دقة الصور المرئية، ويؤدي ذلك إلى تفاعل كيميائي ضوئي مماثل للحرق الناتج من أشعة الليزر وضرره يؤدي إلى إصابة الماقولة وهي مركز إبصار الشبكية.
ونتيجة لعدم وجود مستقبلات ألم في الشبكية فإن الناظر إلى كسوف الشمس لا يشعر بأي نوع من أنواع الألم، مما يشجع إلى إطالة النظر إلى كسوف الشمس، ويزيد من شدة الإصابة الحرقية للشبكية، مما ينتج عنه انخفاض حاد للرؤية المركزية للشخص المصاب.
وحسب تعليمات وكالة ناسا الفضائية الأمريكية لعلوم الفضاء فإن الوقاية من فقدان الإبصار الناتج عن النظر لكسوف الشمس تكون كالآتي:
1-النظر للكسوف الكلي التام آمن على عكس النظر للكسوف الجزئي الهلالي أو الحلقي.
2- هناك بعض المعلومات الخاطئة التي يقوم بها المتابعون لتلك الظاهرة والتي تكون غير مكتملة الامان مثل النظر من خلال الافلام الملونة أو الأفلام الأبيض والأسود أو استخدام أفلام أشعة إكس المستخدمة في تصوير جسم الإنسان وكلها وسائل غير آمنة.
كما أنه لوحظ أن بعض محبي النظر لهذه الظاهرة يستخدمون الأقراص المدمجة وخاصة الشفافة منها للنظر من خلالها وهي وسيلة غير آمنة بالمرة.
3- الأمان التام للنظر لهذه الظاهرة يكون من خلال استخدام نظارات اللحام والتي تحتوي على سبائك الكروم والألومنيوم لتمنع الأشعة القريبة من تحت الحمراء، ليصل أقل من 3 من الألف في المائة لهذة الأشعة البالغ طولها ما بين 380 إلى 780 نانوميتر ولا يتعدى أكثر من نص في المائة.
ولكن يمكن متابعة هذه الظاهرة بطريقة غير مباشرة عن طريق وضح لوح من الكارتون المخرم بثقوب صغيرة وكثيرة أمام قرص الشمس المظلم لتنتقل هذه الأشعة إلى سبورة بيضاء، ويمكن للناظرين النظر لهذه السبورة البيضاء والتي يتكون عليها صوره للكسوف الجزئي دون أي ضرر على مركز الابصار.
وعامةً ينصح بمتابعة هذه الظاهرة في مراصد الفلك، والتي تكون مجهزة بنظارات شبيهة بنظارات اللحام أما بالنسبة لرجل الشارع العادي فينصح بعدم النظر مباشرة لفترة لا تزيد وتتراوح ما بين ثانية أو ثانيتين على فترات متقطعة وذلك منعا لحدوث أي تأثير على مركز الإبصار.