الكشف عن مصدر التباين الجيني المؤثر على أورام المخ لدى الأطفال

لا يزال العلماء والباحثون يفتقرون إلى صورة شاملة للعوامل التي تؤثر على التعبير الجيني في سرطانات الإنسان.
يُعد فهم التعبير الجيني في السرطان أمرًا بالغ الأهمية لأنه يكشف عن كيفية بدء المرض وتطوره، وربما كيفية السيطرة عليه أو القضاء عليه.
وفي محاولة لتحسين فهمنا في هذا المجال، قام الباحثون في كلية بايلور للطب والمؤسسات المتعاونة، لأول مرة في مجال السرطان، بالتحقيق في العلاقة بين مصدرين للتنوع الجيني: التباين الجرثومي أو البنيوي الوراثي (SV)، والذي يشير إلى اختلافات كبيرة في تسلسل الحمض النووي، وميثلة الحمض النووي، وهو عندما يتم تشغيل الجينات أو إيقاف تشغيلها دون تغيير شفرة الحمض النووي.
وجد الباحثون أن الجينات المتغيرة وراثيًا في الخلايا الجرثومية تؤثر على مثيلة الحمض النووي في أنواع مختلفة من أورام الدماغ، مما يُغيّر التعبير عن العديد من الجينات.
أنشأ الفريق قائمة بالجينات المتأثرة.
بالرغم من أن العديد من هذه التغيرات الجينية قد لا تلعب دورًا في السرطان، إلا أن بعضها يبدو أنه يلعب دورًا في أدوار مرتبطة بالسرطان، بما في ذلك الاستعداد للإصابة بالمرض وبقاء المريض على قيد الحياة.
نُشرت الدراسة في مجلة Nature Communications.
لقد تعلم العلماء الكثير عن كيفية ظهور السرطان وتطوره من خلال دراسة التغيرات أو الطفرات في "حروف" الشفرة الوراثية.
وقد اتبعنا نهجًا مختلفًا بدراسة كيفية تأثير الاختلافات الأكبر في الشفرة الوراثية، المعروفة باسم التباين الجرثومي أو البنيوي الموروث، على التعبير الجيني في سرطانات الإنسان، وفقًا للباحث المشارك الدكتور تشاد كريتون.
يشير التباين البنيوي إلى اختلافات كبيرة في تسلسل الحمض النووي بين الأفراد، تتضمن أجزاءً مفقودة أو مكررة أو متحولة.
يمكن لهذه الاختلافات الكبيرة أن تؤثر على كيفية تفعيل الجينات أو تعطيلها، خاصةً عندما تحدث بالقرب من مناطق تحكم مهمة في الجينوم.

ميثلة الحمض النووي
ميثلة الحمض النووي (DNA) هي طريقة أخرى تُنظّم بها الخلايا التباين الجيني الطبيعي بين الأفراد. في هذه الحالة، تُنظّم الخلايا نشاطها الجيني دون تغيير الشفرة الوراثية. تُعرف هذه الآلية باسم علم الوراثة فوق الجينية (Epigenetics)، وتعمل عن طريق إضافة علامات كيميائية، مثل مجموعات الميثيل، على الحمض النووي.
تعمل هذه العلامات كمفتاح يُشغّل الجين أو يُعطّله. وقد أظهرت دراسات سابقة أن كلاً من التغيرات في ميثلة الحمض النووي (DNA) وتغيرات حُفر الجينوم (SVs) ترتبط بالسرطان.
قال كريتون: "حللنا الجينات الجرثومية ومثيلة الحمض النووي للورم في 1292 عينة من أطفال مصابين بأورام دماغية، وفقًا لما قدمته شبكة أورام الدماغ للأطفال (CBTN)، ووجدنا أن آلاف الجينات الجرثومية مرتبطة بمستويات مختلفة من مثيلة الحمض النووي في الأورام، وقد أثرت بعض هذه الاختلافات على مُحسِّنات الجينات، التي تُنظِّم التعبير عن جينات أخرى".
في كثير من الحالات، تظهر هذه المتغيرات الجينية بالقرب من جينات معروفة بتورطها في الاستعداد للإصابة بالسرطان، مثل MSH2 وRSPA وPALB2.
ارتبطت جينات أخرى ذات طفرات جينية وتغيرات في الميثيل ببقاء المرضى على قيد الحياة، بما في ذلك جين POLD4.
ويأمل الباحثون أن تساعد نتائجهم في توجيه الدراسات المستقبلية لفهم أفضل للمشهد الخاص بالتأثيرات الجينية والوراثية في السرطان، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين الأدوات لتحديد الأطفال المعرضين للخطر أو تصميم العلاجات لتناسب الملفات الجينية الفردية.