نظام جديد لتوصيل لقاح الملاريا من جرعة واحدة

قام باحثون بتطوير كبسولات دقيقة قابلة للبرمجة لتوصيل اللقاحات على مراحل، مما قد يلغي الحاجة إلى جرعات معززة ويزيد من تغطية التحصين في المجتمعات التي يصعب الوصول إليها.
طوّر فريق من العلماء في جامعة أكسفورد نظامًا مبتكرًا لإيصال اللقاحات، يتيح إعطاء دورة تحصين كاملة - سواءً بالجرعات الأولية أو المُعزّزة - في حقنة واحدة.
وفي التجارب السريرية، وفّرت هذه التقنية حمايةً قويةً ضد الملاريا، تُضاهي فعالية أنظمة التطعيم التقليدية متعددة الجرعات.
قال لوكا باو، الباحث الرئيسي: "إن تقليل عدد زيارات العيادات اللازمة للتطعيم الكامل قد يُحدث فرقًا كبيرًا في المجتمعات التي يكون فيها الوصول إلى الرعاية الصحية محدودًا، هدفنا هو المساعدة في إزالة العوائق التي تحول دون استفادة الناس من الابتكارات الطبية المنقذة للحياة".
وتقدم هذه النتائج الأمل في التوصل إلى نهج أبسط وأكثر فعالية للتحصين، وخاصة في المناطق التي يكون فيها الوصول إلى الرعاية الصحية المتابعة محدودا.

سلاح جديد في مكافحة الأمراض
يتناول البحث، المنشور في مجلة "ساينس ترانسليشنال ميديسن"، تحديًا رئيسيًا في مجال الصحة العالمية، وهو ضمان عودة الناس لتلقي جميع جرعات اللقاح المطلوبة.
يُعدّ عدم تلقي الجرعات المعززة أحد أكبر العوائق أمام تحقيق التحصين الكامل، مما يُعرّض الملايين للإصابة بأمراض معدية يمكن الوقاية منها.
لمعالجة هذه المشكلة، طوّر فريق أكسفورد كبسولات صغيرة قابلة للتحلل الحيوي، يُمكن حقنها مع الجرعة الأولى من اللقاح، وبرمجتها لإطلاق الجرعة المُعزّزة بعد أسابيع أو أشهر.
في نموذج فأر، ولّدت هذه الاستراتيجية "الجرعة الواحدة" باستخدام لقاح الملاريا R21 حمايةً من المرض بنفس فعالية الجرعة القياسية المُكوّنة من جرعتين.
تُصنع الكبسولات الدقيقة باستخدام نظام ميكروفلويدي قائم على رقاقة حاصل على براءة اختراع، ومتوافق مع أساليب إنتاج الأدوية الحالية، وهذا يعني إمكانية توسيع نطاق هذه التقنية بسرعة للاستخدام السريري، ثم تطبيقها ميدانيًا.
قال رومان جويون، الباحث الرئيسي في الدراسة: "نهجنا يحل ثلاثًا من أكبر المشكلات المتعلقة بتأخير توصيل اللقاح: كيفية جعله قابلًا للبرمجة، وقابلًا للحقن، وقابلًا للتطوير، صُممت الكبسولات الدقيقة بدقة لتكون بمثابة خزنة صغيرة لإطلاق اللقاحات في وقت محدد، مما يسمح لنا بتحديد موعد إطلاق الجرعة المعززة بدقة، ونعتقد أن هذا قد يُحدث نقلة نوعية ليس فقط في مجال الملاريا، بل في العديد من اللقاحات الأخرى التي تتطلب جرعات متعددة أو أنظمة علاجية معقدة أخرى".
تُصنع الكبسولات من بوليمر قابل للتحلل الحيوي (PLGA) معتمد، وتُملأ بلقاح الملاريا R21.
بمجرد حقنها، تعمل الجرعة التمهيدية فورًا، بينما تنفجر الكبسولات داخل الجسم لإطلاق الجرعة المعززة بعد فترة تأخير محددة.
وقد تمكن الباحثون من ضبط هذه الفترة من أسبوعين إلى عدة أشهر.
ويعمل الفريق الآن على تكييف عملية التصنيع استعدادًا للتجارب البشرية في المراحل المبكرة ، مما جذب اهتمام الشركاء الصيدلانيين والمنظمات الصحية العالمية.
قالت أنيتا ميليسيتش، الأستاذة المشاركة في معهد جينر، قسم الطب بجامعة نوفيلد: "هذه خطوة أولى مثيرة لإثبات إمكانية إعطاء كامل جرعة التحصين بحقنة واحدة، والآن، ننتقل إلى التحدي التالي: تكييف هذا النهج وتطويره لتطبيقه عمليًا في العيادات، وصولًا إلى تحقيق أثر ملموس على أرض الواقع".
إذا نجحت هذه التقنية، فقد تُحدث ثورة في حملات التطعيم، لا سيما في المناطق التي تجعل فيها الخدمات اللوجستية وإمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية من جدول الجرعات المُعزّزة أمرًا غير عملي.
ومع غياب 20.5 مليون طفل عن التطعيمات الروتينية في عام 2022 وحده، قد تكون آثار لقاح جرعة واحدة هائلة.