كيف يتأثر جسم الإنسان بارتفاع وانخفاض مستويات الأكسجين؟.. معلومات مهمة
يعد الاكسجين أحد أهم العناصر الضرورية لحياة الإنسان، فمن دونه يختنق ويموت، ولا يتطلب الأمر سوى حبس الأنفاس لفترة طويلة ليفهم كل منا أن قلة الأكسجين مضرة إلى درجة كبيرة.
إن كان هذا ما يتعلق بنقص الأكسجين، فهل يمكن أيضًا الحصول على الكثير منه؟
في الواقع، يعد استنشاق الهواء الذي يحتوي على مستوى أكسجين أعلى مما يحتاجه الجسم أمرا ضارا أيضا، يمكن أن يسبب مشاكل صحية أو حتى الموت، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.
تأثير فرط التأكسج
ولكن مع قلة الأبحاث حول هذا الموضوع، لم يعرف العلماء سوى القليل عن كيفية استشعار الجسم لكمية كبيرة من الأكسجين.
الآن، أدت دراسة جديدة من معاهد جلادستون إلى توسيع نطاق المعرفة العلمية بشكل كبير حول الآليات المؤثرة، وسبب أهميتها للصحة.
تشرح النتائج التي توصلوا إليها، والتي نُشرت في مجلة Science Advances، كيف يؤثر تنفس الهواء بمستويات مختلفة من الأكسجين، من قليل جدًا، إلى مناسب تمامًا، أو أكثر من اللازم، على تكوين وتدهور البروتينات المختلفة في الرئتين والقلب والدماغ لدى الفئران.
الجدير بالذكر أن الدراسة تسلط الضوء أيضًا على بروتين معين قد يلعب دورًا رئيسيا في تنظيم كيفية استجابة الخلايا لفرط التأكسج.
تقول إيشا جاين، الباحثة المساعدة في جلادستون، والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة: «هذه النتائج لها آثار على العديد من الأمراض المختلفة، إذ يتنفس أكثر من مليون شخص في الولايات المتحدة الأكسجين الإضافي كل يوم لأسباب طبية، وتشير الدراسات إلى أنه قد يؤدي إلى تفاقم الأمور في بعض الحالات، وهذا مجرد إعداد واحد حيث بدأ عملنا في شرح ما يحدث وكيف يستجيب الجسم».
فهم تأثيرات الأكسجين
درست معظم الأبحاث السابقة حول مستويات الأكسجين التأثيرات الجزيئية للقليل جدًا من الأكسجين.
وحتى في هذا المجال، كان معظم التركيز منصبًا على كيفية تأثير انخفاض الأكسجين على الجينات التي يتم تشغيلها أو إيقافها.
تقول كيرستن شيوين تشين، المؤلفة الأولى للورقة الجديدة، وطالبة دراسات عليا في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو: «إن دراستنا تدخل منطقة مجهولة باستخدام الفئران والنظر في اتجاه التعبير الجيني حيث تتراكم البروتينات أو تتحلل بشكل غير طبيعي استجابة لتركيزات مختلفة من الأكسجين».
يعتمد البحث على العمل السابق للفريق، والذي كشف أنه استجابة لكمية كبيرة من الأكسجين، تتحلل بعض البروتينات التي تحتوي على مجموعات الحديد والكبريت، مما يؤدي إلى خلل في الخلايا.
وقالت تشين: «الآن، أردنا الحصول على صورة أكثر ديناميكية لكيفية تنظيم البروتينات عندما تكون مستويات الأكسجين مرتفعة جدا أو منخفضة جدا».
وللقيام بذلك، قام الفريق بتعريض الفئران لعدة أسابيع للهواء بمستوى أكسجين يبلغ 8%، أو 21% (المستوى المعتاد الذي نتنفسه في الغلاف الجوي للأرض)، أو 60%، وفي الوقت نفسه، أعطوا الفئران طعامًا يحتوي على شكل مميز من النيتروجين الذي دمجته أجسام الحيوانات في بروتينات جديدة، كان نظير النيتروجين هذا بمثابة «ملصق» مكّن الباحثين من حساب معدلات دوران البروتين - التوازن بين تخليق البروتين وتحلله - لآلاف البروتينات المختلفة في الرئتين والقلب والدماغ.
وقالت تشين: «نحن ممتنون لمتعاونينا الذين هم خبراء في هذه التقنية، المعروفة باسم وضع العلامات النظائرية المستقرة للأحماض الأمينية في الفئران، لولا ذلك، لم يكن بإمكاننا إجراء هذه الدراسة».
تراكم البروتين الرئيسي
ووجد الباحثون أن مستويات الأكسجين أثرت بشكل كبير على البروتينات في رئتي الفئران مقارنة بالقلب أو الدماغز
لقد حددوا بروتينات معينة ذات معدلات دوران غير طبيعية phys.org/news/2023-03-oxygen-c … ls-tissues.html في ظل ظروف عالية أو منخفضة الأكسجين.
وقد أثار أحد البروتينات التي تراكمت في ظروف الأكسجين العالي، وهو MYBBP1A، انتباههم.
MYBBP1A هو منظم النسخ، مما يعني أنه يؤثر بشكل مباشر على التعبير الجيني.
وقالت تشين: «لفت هذا انتباهنا لأن الأبحاث السابقة أظهرت أن عوامل النسخ الأخرى التي تسمى العوامل المحفزة لنقص الأكسجة، أو HIFs، تلعب دورًا كبيرًا في استجابة الخلايا لانخفاض الأكسجين، ويرشح عملنا MYBBP1A لدور ذي صلة في إشارات فرط التأكسج».
يشارك MYBBP1A في إنتاج الريبوسومات، وهي آلات خلوية تبني البروتينات.
وأظهرت تجارب أخرى أدلة تشير إلى أن تراكم هذا البروتين في الرئتين، استجابة لمستويات الأكسجين المرتفعة، قد يؤثر على إنتاج الحمض النووي الريبوزي الريباسي، وهو مكون رئيسي في الريبوسومات.
يقوم فريق تشين الآن بفحص الدور الجزيئي الدقيق لـ MYBBP1A أثناء فرط التأكسج، بما في ذلك ما إذا كانت استجابته وقائية أم ضارة.
يمكن أن يمهد هذا العمل الطريق لعلاجات جديدة تستهدف بروتين MYBBP1A أو الجزيئات المرتبطة به بطرق تتصدى للآثار السيئة لفرط التأكسج، على غرار الجهود البحثية واسعة النطاق التي تستهدف بروتينات HIF في ظروف انخفاض الأكسجين.
تقدم الدراسة الجديدة مجموعة بيانات هي الأولى من نوعها لمعدلات دوران البروتين في أنسجة مختلفة من الفئران المعرضة لمستويات مختلفة من الأكسجين.
ويأمل الفريق أن تلهم نتائجه باحثين آخرين لإجراء مزيد من البحث في تأثيرات وجود كمية كبيرة جدًا أو قليلة جدًا من الأكسجين على الجسم، مما قد يغير الطريقة التي نعالج بها الأمراض.