اعتمادا على البراز.. كيف يمكن التنبؤ بعدوى ما بعد زراعة الكبد؟
في دراسة جديدة، تمكن الباحثون في جامعة شيكاغو من التنبؤ بالعدوى بعد العملية الجراحية لدى مرضى زراعة الكبد من خلال تحليل الجزيئات الموجودة في برازهم.
يمثل تحليلهم قفزة رئيسية إلى الأمام في استكشاف العلاقة بين ميكروبيوم الأمعاء، وهي البكتيريا التي تعيش في جسم الإنسان، والصحة العامة، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
مقاومة المضادات الحيوية
وقال كريستوفر ليمان، أستاذ مساعد في الطب في جامعة شيكاغو للطب، والمؤلف الرئيسي للدراسة: «تتزايد مقاومة المضادات الحيوية كل عام وتزداد سوءًا، وبدون المضادات الحيوية الفعالة، لا يمكننا القيام بأشياء مثل إجراء العمليات الجراحية أو حماية الأطفال المبتسرين أو علاج السرطان».
وأضاف: «اتضح أن الميكروبيوم البشري، وخاصة الميكروبيوم المعوي، تكيفت لمحاربة البكتيريا المقاومة للأدوية على مدار التاريخ، نحن بحاجة إلى محاولة فهم كيفية عمل ذلك لمحاربة هذه العدوى المقاومة للأدوية».
يتعرض مرضى زراعة الكبد بشكل خاص للإصابة بالعدوى المقاومة للأدوية، لذلك قام ليمان وزملاؤه الباحثون بتحليل عينات براز من أكثر من 100 من مرضى زراعة الكبد لمعرفة ما إذا كان الميكروبيوم يمكن أن يؤثر على خطر الإصابة بالعدوى.
الميكروبيومات الصحية مقابل الميكروبات غير الصحية
اكتشف الباحثون مجموعة واسعة من تركيبات الميكروبيوم لدى مرضى مختلفين.
وقل ليمان: «يتكون الميكروبيوم الصحي من أكثر من تريليون خلية بكتيرية، مع آلاف الأنواع الفريدة، مثل الغابات المطيرة المتنوعة».
وأضاف: «يتعرض بعض المرضى لتدمير النظام البيئي بأكمله، لا يزال لديهم أكثر من تريليون خلية، ولكن هناك نوع واحد فقط من البكتيريا، وعادة ما يكون نوعًا سيئًا ومقاومًا للأدوية، سيكون الأمر أشبه بقطع الغابات المطيرة وعدم زراعة سوى نوع واحد من الأعشاب الضارة».
وجد الباحثون أن الميكروبات الصحية تنتج العديد من المستقلبات الرئيسية، وهي جزيئات يتم تصنيعها من خلال الهضم أو العمليات الكيميائية الأخرى داخل الكائن الحي.
تشتمل هذه المستقلبات على الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، المفيدة للمضيف البشري، بالإضافة إلى الأحماض الصفراوية الثانوية التي يتم إنتاجها عندما تقوم البكتيريا بتعديل الأحماض الصفراوية البشرية لتناسبها. احتياجاتهم الخاصة.
وقد اتضح أنه في الميكروبيوم المتنوع، تشمل تلك الاحتياجات مكافحة البكتيريا المقاومة للأدوية. بعض الأحماض الصفراوية شديدة السمية بالنسبة للبكتيريا مثل المكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين (VRE)، وهي نوع من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والتي تسبب في كثير من الأحيان العدوى لدى المرضى الذين خضعوا لعملية جراحية أو علاج السرطان أو العناية المركزة.
القوة التنبؤية للأنبوب
بعد ذلك، قام الباحثون بفحص بياناتهم لمعرفة ما إذا كان هناك ارتباط بين تكوين الميكروبيوم والتهابات ما بعد الجراحة.
وقال ليمان: «اتضح أن كمية مسببات الأمراض المقاومة للأدوية في الميكروبيوم تنبأت بالعدوى بعد العملية الجراحية بدقة كنا نبحث عنها عادةً في الاختبار السريري».
ثم أخذ الفريق خطوة أخرى إلى الأمام، وبدلًا من تحديد تسلسل الجينوم لتحديد أنواع بكتيرية محددة، قرروا النظر فقط إلى المستقلبات الموجودة في المرضى، أنبوب لمعرفة ما إذا كانت تلك الجزيئات تقدم نفس القيمة التنبؤية، وقد سمحت لهم المستقلبات وحدها بتصنيف المرضى إلى فئتين: الميكروبيومات الصحية والميكروبيومات غير الصحية.
ومن خلال القفزة التحليلية النهائية، وجد العلماء أن بإمكانهم استخدام المستقلبات للتنبؤ بما إذا كان المريض سيصاب بالعدوى على الإطلاق.
وقال ليمان: «يمكننا الانتقال مباشرة من المستقلبات إلى التنبؤ بالنتائج السريرية، هذا مهم لأنه يمكن إجراء التحليل الأيضي بسرعة كبيرة، في حين أن التسلسل بطيء نسبيًا».
تعد الخوارزمية التحليلية حاليًا معقدة للغاية وستحتاج إلى التحقق الشامل قبل استخدامها كاختبار تشخيصي أو تنبؤي في الممارسة السريرية.
ومع ذلك، فإن هذه النتائج تضع الأساس للدراسات المستقبلية التي يمكن أن تعزز العلاقة بين العدوى والأيضات في البراز، وكذلك استكشاف العلاقات السببية المحتملة.
إصلاح الميكروبات لمنع العدوى
وقال ليمان: «ستتمثل الخطوة التالية من هذا المسار البحثي في معرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدام هذه النتائج لتصحيح الميكروبات لدى الأشخاص».
وأضاف: «يمكن للمرضى الذين لديهم ميكروبات أمعاء غير صحية وحيدة النوع ومعرضون لخطر الإصابة بالعدوى أن يحصلوا على بكتيريا أمعاء صحية من مصادر خارجية، مما يعيد إنتاج المستقلبات الصحية، بما في ذلك جزيئات مثل الأحماض الصفراوية الثانوية التي يمكن أن تساعد في الحماية من العدوى المقاومة للأدوية».
في عام 2023، وافقت إدارة الغذاء والدواء على منتجين لترميم الميكروبيوم.
وقال ليمان إن «استعادة الميكروبيوم ليست في المستقبل البعيد؛ إنه موجود بالفعل في الحاضر».
يمتلك قسم العلوم البيولوجية في جامعة شيكاغو بالفعل بنكًا حيويًا يحتوي على آلاف البكتيريا، والتي تم تحليلها وتصنيفها جميعًا بناءً على جينوماتها والأيضات التي تنتجها.
وتقوم جامعة شيكاغو ببناء منشأة متوافقة مع ممارسات التصنيع الجيدة (GMP) والتي ستسمح للعلماء بإنتاج وتصفية وتجفيف بكتيريا الأمعاء الرئيسية المستمدة من متبرعين أصحاء وتعبئتها في كبسولات من الدرجة الصيدلانية يمكن للناس تناولها مثل الحبوب.
وقال ليمان: «لقد صنعنا بالفعل مجموعة من مجموعات البكتيريا المفقودة من المرضى الذين لديهم نتائج سيئة ولكنها موجودة في المرضى الذين لديهم نتائج جيدة، يمكن لهذه البكتيريا أن تعمل معًا لتصنيع المستقلبات المفقودة في المرضى الذين أصيبوا بالعدوى، ومن ثم يمكنها أن تسكن الأمعاء وتدافع نظريًا ضد النتائج السلبية المستقبلية».
وفي المرضى الذين تلقوا علاجًا بالمضادات الحيوية واسعة النطاق، يمكن استخدام هذه الكبسولات لإعادة تكاثر بكتيريا الأمعاء الصحية التي تم القضاء عليها.
في المرضى المعرضين لخطر كبير للإصابة بالعدوى البكتيرية المقاومة للأدوية، قد تكون مكملات مستقلبات الميكروبيوم الخاصة بهم قادرة على توفير بعض الحماية.
وأضاف ليمان: «لقد خسرنا المعركة ضد العديد من البكتيريا المقاومة للأدوية، لذلك نحن بحاجة ماسة إلى المزيد من الأسلحة، إن فهم الميكروبيوم، واختبار صحة الميكروبيوم، واستعادة الميكروبيوم كلها أدوات جديدة مهمة يمكننا إضافتها إلى ترسانتنا».
تحدد دراسة توصيف البراز المستقلب متلقي زراعة الكبد المعرضين لخطر الإصابة بعدوى ما بعد الجراحة، وتم نشرها في Cell Host & Microbe.