الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

ضعف السمع.. هل يزيد خطر الإصابة بـ الخرف؟

الأحد 24/ديسمبر/2023 - 02:30 م
ضعف السمع
ضعف السمع


السمع هو مهارة يعتبرها معظمنا أمرا مفروغا منه، لكن دراسة أجريت العام الماضي أشارت إلى أنه يجب على البالغين الاستماع إلى التغييرات في سمعهم، حيث قد تكون صعوبات السمع مرتبطة بتطور الخرف في سن أكبر.

الدراسة التي نشرت في مجلة جمعية آلزهايمر، أجريت على أكثر من 80 ألف شخص بالغ فوق سن الستين، كان أولئك الذين يعانون من صعوبة في سماع الكلام في البيئات الصاخبة أكثر عرضة لخطر الإصابة بالخرف، وهو مصطلح شامل للحالات التي تتميز بفقدان الذاكرة وصعوبة اللغة ومهارات التفكير الأخرى.

عامل خطر للخرف

لكن هناك جانبًا إيجابيًا أيضًا: فقد أضافت الدراسة إلى الأدلة التي تشير إلى أن مشاكل السمع قد لا تكون مجرد عرض من أعراض الخرف، ولكنها في الواقع عامل خطر للخرف الذي يمكن أن ينبه الناس أو أسرهم أو الأطباء إلى ظهوره قبل أن يبدأ أي تدهور.

قال عالم الأوبئة ومؤلف الدراسة توماس ليتلجونز من جامعة أكسفورد في يوليو 2021: «كان هناك اهتمام خاص بضعف السمع وما إذا كان ذلك يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالخرف».

وأضاف أنه «بالرغم من أن هذه النتائج أولية، إلا أنها تشير إلى أن ضعف السمع الناتج عن التحدث في الضوضاء يمكن أن يمثل هدفًا واعدًا للوقاية من الخرف».

12 عامل خطر للإصابة بالخرف

في عام 2017، تم إدراج فقدان السمع إلى جانب التدخين والخمول البدني كواحد من تسعة عوامل خطر رئيسية قابلة للتعديل للإصابة بالخرف، وسرعان ما تم تحديث تقرير لانسيت التاريخي هذا في عام 2020 ليشمل 3 عوامل خطر أخرى، ليصل المجموع إلى 12.

الكلمة الأساسية هناك قابلة للتعديل: عوامل الخطر هذه هي عناصر من نمط حياتنا وصحتنا العامة التي يمكن تحسينها، وإذا كان الأمر كذلك، فقد تعزز صحتنا العامة وتقلل من احتمالات حدوث حالات صحية.

تشير التقديرات، في تقارير مجلة لانسيت، إلى أنه من بين عوامل خطر الإصابة بالخرف الـ 12، قد يكون فقدان السمع هو العبء الأكبر على الإطلاق، بحيث يكون الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع غير المعالج في منتصف العمر أكثر عرضة للإصابة بالخرف بما يصل إلى 5 مرات.

تحليل مخاطر الإصابة بالخرف

لمزيد من التحقيق، قام الباحثون في جامعة أكسفورد الذين قاموا بهذه الدراسة بالاستفادة من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وهو قاعدة بيانات بحثية تم إنشاؤها لاستخلاص الروابط بين علم الوراثة والعوامل البيئية والنتائج الصحية عبر شريحة كبيرة من سكان المملكة المتحدة.

تم تحليل مخاطر الإصابة بالخرف لمجموعة تضم أكثر من 82 ألف امرأة ورجل، تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر، ولم يكونوا مصابين بالخرف وتم تقييم سمعهم في بداية الدراسة.

تم اختبار المشاركين على قدرتهم على سماع الكلام في الضوضاء، وهي القدرة على انتقاء مقتطفات من الكلام في بيئة صاخبة - في هذه الحالة، التعرف على الأرقام المنطوقة مقابل ضجيج الخلفية البيضاء.

وبعد 11 عامًا أو نحو ذلك، أصيب 1285 مشاركًا بالخرف، بناءً على السجلات الصحية.

وقال ليتلجونز إن «المشاركين الذين كانوا يعانون من ضعف السمع تضاعف لديهم خطر الإصابة بالخرف مقارنة بأولئك الذين لديهم سمع جيد».

ومن المثير للاهتمام أن حوالي نصف الأشخاص في الدراسة الذين لم يكن لديهم قدر كافٍ من السمع أثناء التحدث في الضوضاء، وحوالي 42% من أولئك الذين أدوا بشكل سيئ في الاختبار، لم يلاحظوا أي ضعف في السمع عندما طُلب منهم الإبلاغ عنه.

كما أخذ الباحثون بعين الاعتبار ما إذا كانت ضعف السمع لدى الأشخاص مرتبطًا فعليًا بعوامل أخرى معروفة بتأثيرها على خطر الإصابة بالخرف، مثل العزلة الاجتماعية والاكتئاب، وكلاهما قد يحدث إذا كان لدى الأشخاص مشكلة في السمع.

وقال ليتلجونز: «لكننا لم نجد سوى القليل من الأدلة على أن هذا هو الحال».

فقط للتأكد، قام ليتلجونز وزملاؤه أيضًا بإجراء بعض المقارنات في البيانات لمعرفة ما إذا كان الأداء السمعي للأشخاص قد تأثر بالفعل بالخرف الكامن وغير المكتشف - وهو ما يسمى بالسببية العكسية.

لكن خطر الإصابة بالخرف الذي تشير إليه صعوبات السمع لم يكن أسوأ مقارنة بالمشاركين في الدراسة الذين أصيبوا بالخرف عاجلا (بعد 3 سنوات) وليس آجلا (بعد 9 سنوات)؛ بقي على حاله تقريبًا.

لم تكن هذه الدراسة الأولى التي تجد صلة بين فقدان السمع والخرف، لكن الفريق قال إنه كان من بين أوائل الدراسات التي بحثت في خطر الإصابة بالخرف وقدرة الناس على السمع في البيئات الصاخبة، والتي تعد أكثر شيوعًا في حياتنا اليومية.

وبالمثل، وجدت دراسات مطولة وكبيرة من أستراليا وتايوان أيضًا أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع لديهم خطر أكبر للإصابة بالخرف.

ومع ذلك، اعتمدت هذه الدراسات على البيانات التي أبلغ عنها المشاركون في الدراسة ذاتيًا، أو على السجلات الطبية التي تشير إلى فقدان السمع.

وقالت عالمة الأعصاب كاتي ستابس، من مؤسسة أبحاث آلزهايمر في المملكة المتحدة، وهي مؤسسة بحثية خيرية، عن دراسة جامعة أكسفورد: «الدراسات الكبيرة مثل البنك الحيوي في المملكة المتحدة هي أدوات قوية لتحديد العوامل الوراثية والصحية ونمط الحياة المرتبطة بحالات مثل الخرف، لكن من الصعب دائمًا التمييز بين السبب والنتيجة في هذا النوع من الأبحاث».

تذكر أن أفضل ما يمكن أن تفعله الدراسات الوبائية هو إيجاد ارتباطات بين العوامل البيئية والصحة والمرض على مستوى السكان.

قال ليتلجونز: «من المهم أن نأخذ في الاعتبار أنه مع هذا النوع من تصميم الدراسة، لا يمكنك استنتاج العلاقة السببية، لكن هذا يضيف إلى الأدبيات الموجودة التي تقول إن ضعف السمع يمكن أن يكون هدفًا قابلًا للتعديل لتقليل خطر الإصابة بالخرف».

عدد قليل جدًا من الأشخاص في هذه الدراسة تحديدًا كانوا يستخدمون المعينات السمعية للوصول إلى أي استنتاجات مؤكدة حتى الآن، وستكون هناك حاجة لتجارب سريرية قبل أن نتمكن من قول المزيد. لكنه مجال جديد للبحث قد يوفر الأمل في فهمنا للخرف والوقاية منه.