علاج مرض السل عندما لا تعمل المضادات الحيوية.. كيف هذا؟
تمكن الباحثون من تحديد جزيئات مضادات حيوية جديدة تستهدف المتفطرة السليّة وتجعلها أقل إمراضًا للإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض المواد المكتشفة قد تسمح بتجديد علاج مرض السل باستخدام الأدوية المتاحة، بما في ذلك سلالات البكتيريا التي طورت بالفعل مقاومة للأدوية، وفق ما تم نشره في موقع ميديكال إكسبريس.
تم نشر البحث في مقال بعنوان «اكتشاف معززات الإيثوناميد ثنائي النشاط الذي يثبط نظام إفراز المتفطرة السلية ESX-1» في بيولوجيا الخلية الكيميائية.
مرض السل
يؤثر مرض السل (TB) بشكل رئيسي على الرئتين، لكنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تلف الأعضاء الأخرى.
إذا تم تشخيص مرض السل مبكرًا وعلاجه بالمضادات الحيوية، فإنه يكون قابلا للشفاء.
وبالرغم من أن المرض نادر نسبيا في معظم دول أوروبا الغربية، إلا أنه لا يزال يصنف من بين الأمراض المعدية التي تحصد أكبر عدد من الأرواح في جميع أنحاء العالم.
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن مرض فيروس كورونا 2019 (COVID-19) هو الوحيد الذي كان أكثر فتكًا من مرض السل في عام 2022.
كما تسبب المرض في وفاة ما يقرب من ضعف عدد الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.
ولا يزال أكثر من 10 ملايين شخص يصابون بالسل كل عام.
ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم كفاية فرص الحصول على العلاج الطبي في العديد من البلدان.
أهداف محدودة
ويشهد مرض السل المقاوم للأدوية المتعددة ظهورًا خاصًا في أوروبا الشرقية وآسيا، وهذا أمر يثير قلق الباحثين بشكل خاص، لأنه مثل كل البكتيريا التي تصيب البشر، لا تمتلك المتفطرة السلية سوى عدد محدود من الأهداف للمضادات الحيوية التقليدية، وهذا يزيد من صعوبة اكتشاف مواد مضادات حيوية جديدة في مختبرات الأبحاث.
ومن خلال العمل مع زملاء من معهد باستور في ليل، فرنسا، والمركز الألماني لأبحاث العدوى (DZIF)، حدد الباحثون في مستشفى جامعة كولونيا الآن استراتيجية علاج بديلة للبكتيريا.
استخدم الفريق أساليب عالية الإنتاجية تعتمد على الخلايا المضيفة لاختبار قدرة الجزيئات على وقف تكاثر البكتيريا في الخلايا المناعية البشرية: من إجمالي 10000 جزيء، سمح لهم هذا الإجراء بعزل حفنة من الجزيئات التي قاموا بفحص خصائصها عن كثب، في سياق الدراسة.
هجوم مزدوج
وفي نهاية المطاف، حدد الباحثون حاصرات الفوعة التي تستخدم الهياكل المستهدفة التي تختلف بشكل أساسي عن تلك المستهدفة بالمضادات الحيوية التقليدية.
وقال جان ريبنيكر، الذي يرأس وحدة الأبحاث الانتقالية للأمراض المعدية في مركز الطب الجزيئي في كولونيا (CMMC) والذي بدأ الدراسة: «من المحتمل أن تؤدي هذه الجزيئات إلى ضغط انتقائي أقل بكثير على البكتيريا، وبالتالي إلى مقاومة أقل».
ومن خلال فك رموز آلية العمل الدقيقة، اكتشف الباحثون أيضًا أن بعض المواد الكيميائية التي تم تحديدها حديثًا هي جزيئات مزدوجة النشاط، وبالتالي، فهي لا تهاجم عوامل ضراوة العامل الممرض فحسب، بل تعزز أيضًا نشاط إنزيمات الأكسجين الأحادي - وهي الإنزيمات اللازمة لتنشيط المضاد الحيوي التقليدي إيثيوناميد.
إيثيوناميد هو دواء تم استخدامه لعدة عقود لـ علاج مرض السل، وهو ما يسمى بالعقار الأولي، وهو مادة تحتاج إلى تنشيط إنزيمي في البكتيريا لقتلها.
لذلك، تعمل الجزيئات المكتشفة كمعززات للعقاقير الأولية، مما يوفر نهجًا بديلًا آخر لتطوير المضادات الحيوية التقليدية.
وبالتعاون مع فريق البحث بقيادة البروفيسور آلان بولارد في ليل، تم فك رموز الآلية الجزيئية الدقيقة لهذا التأثير المعزز، وبالتالي، بالاشتراك مع هذه المواد الفعالة الجديدة، قد يستمر استخدام الأدوية المستخدمة بالفعل ضد مرض السل بشكل فعال في المستقبل.
يقدم هذا الاكتشاف العديد من نقاط البداية الجذابة لتطوير عوامل جديدة ومطلوبة بشدة ضد مرض السل.
وأضاف ريبنيكر: «علاوة على ذلك، يعد عملنا مثالًا مثيرًا للاهتمام على تنوع المواد الفعالة دوائيًا، ويمكن تعديل طيف نشاط هذه الجزيئات عن طريق أصغر التعديلات الكيميائية».
ومع ذلك، وفقا للعلماء، لا يزال الطريق طويلا لتطبيق النتائج على البشر، الأمر الذي يتطلب تعديلات عديدة على المواد في المختبر.