كيف يتسلل فيروس نقص المناعة البشرية إلى نواة الخلية؟
نظرًا لأنه يتعين على الفيروسات اختطاف خلية شخص آخر للتكاثر، فقد أصبحت جيدة جدًا في ذلك، حيث اخترعت جميع أنواع الحيل.
كشفت دراسة جديدة أجراها عالمان من جامعة شيكاغو عن كيفية وصول فيروس نقص المناعة البشرية إلى النواة أثناء غزوه للخلية، وفقا لما تم نشره في موقع ميديكال إكسبريس.
تم نشر العمل في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
كيف يتسلل فيروس نقص المناعة البشرية؟
وفقا لنماذجهم، فإن قفيصة فيروس نقص المناعة البشرية، وهي على شكل مخروطي، توجه نهايتها الأصغر إلى مسام النواة ثم تندفع إلى الداخل.
بمجرد أن يصبح المسام مفتوحا بما فيه الكفاية، تصبح القفيصة مرنة بما يكفي للضغط من خلالها.
والأهم من ذلك، كما قال العلماء، أن المرونة الهيكلية للقفيصة والمسام نفسه يلعبان دورًا في عملية التسلل.
إن هذا الاكتشاف، الذي تم التوصل إليه من خلال محاكاة آلاف البروتينات المتفاعلة، سوف يشير إلى الطريق إلى فهم أفضل لفيروس نقص المناعة البشرية، فضلا عن اقتراح أهداف جديدة للأدوية العلاجية.
وقال أربا هدايت، عالم الأبحاث في جامعة شيكاغو، والمؤلف الأول للدراسة: «على سبيل المثال، يمكنك محاولة جعل قفيصة فيروس نقص المناعة البشرية أقل مرونة، وهو ما تشير بياناتنا إلى أنه سيعيق قدرته على الدخول إلى النواة».
توفر الدراسة أيضًا المحاكاة الأكثر شمولًا حتى الآن للمسام النووي نفسه، وهو أمر مهم في العديد من العمليات البيولوجية.
قفيصة مقابل الخلية
هديت هو عضو في مختبر جريجوري فوث، أستاذ الكيمياء المتميز في جامعة هيج بي بابازيان، والمتخصص في عمليات المحاكاة لكشف العمليات البيولوجية المعقدة التي تحدث عندما تهاجم الفيروسات الخلية.
في هذه الحالة، ركز فوث وهديت على ما يعرف بقفيصة فيروس نقص المناعة البشرية - وهي الكبسولة التي تحتوي على المادة الوراثية لفيروس نقص المناعة البشرية، والتي تدخل نواة الخلية المضيفة وتجبر الخلية على عمل نسخ من مكونات فيروس نقص المناعة البشرية الرئيسية.
القفيصة هي قطعة معقدة من الآلات، مصنوعة من أكثر من ألف بروتين مجمعة في شكل مخروطي، مع نهاية أصغر وأكبر.
للوصول إلى نواة الخلية المضيفة، يجب أن تتسلل إلى الداخل. لكن العلماء لم يعرفوا بالضبط كيف يحدث ذلك.
وقال فوث، كبير مؤلفي الدراسة: «لقد ظل هذا الجزء لغزا لسنوات، لفترة طويلة، لم يكن أحد متأكدًا مما إذا كانت القفيصة قد انكسرت قبل دخول المسام أم بعد ذلك، على سبيل المثال».
أشارت دراسات التصوير الحديثة إلى أن القفيصة تظل سليمة وهي تتلوى عبر مجمع المسام النووي. هذه هي في الأساس فتحة البريد حيث ترسل النواة وتستقبل التسليمات.
وقال فوث: «إن مجمع المسام عبارة عن قطعة آلية مذهلة؛ فهو لا يمكنه السماح لأي شيء بالدخول إلى نواة خليتك، وإلا فستكون في مشكلة حقيقية، ولكن يجب عليه السماح بدخول قدر كبير من الأشياء، وبطريقة ما».
وأضاف فوث: «لقد اكتشف فيروس نقص المناعة البشرية كيفية التسلل، المشكلة هي أننا لا نستطيع مشاهدته على الهواء مباشرة، عليك أن تبذل جهودًا تجريبية بطولية حتى تحصل على لقطة واحدة في الوقت المناسب».
ولملء الفجوات، قام هديت ببناء محاكاة حاسوبية مضنية لكل من قفيصة فيروس نقص المناعة البشرية ومجمع المسام النووي، وهو ما يمثل آلاف البروتينات التي تعمل معًا.
ومن خلال عمليات المحاكاة، رأى العلماء أنه من الأسهل بكثير على القفيصة الدخول إلى المسام عن طريق تثبيت طرفها الأصغر في البداية، ثم تصعيد نفسها تدريجيًا.
وقال فوث: «لا يحتاج الأمر إلى عمل نشط للقيام بذلك، إنه مجرد فيزياء، ما نسميه السقاطة الكهروستاتيكية، يبدو الأمر كما لو كنت قد قمت في أي وقت مضى بربط حزام الأمان عليك، حيث يصبح أكثر إحكامًا».
ووجدوا أيضًا أن كلًا من المسام والقفيصة يتشوهان أثناء سيرهما. ومن المثير للاهتمام أن شبكة الجزيئات التي تشكل بنية القفيصة تطور مناطق صغيرة ذات ترتيب أقل لاستيعاب إجهاد الضغط.
وقال هديت: «إن الأمر ليس مثل الضغط أو التوسع الصلب، كما كان من الممكن أن يتوقع المرء».
قد يساعد هذا الاكتشاف في تفسير سبب كون القفيصات مخروطية الشكل، بدلًا من أن تكون على شكل أسطوانة، وهو ما قد يبدو للوهلة الأولى أسهل في الانزلاق عبر المسام.
وقال العلماء إن كل تفصيل في رحلة فيروس نقص المناعة البشرية عبر الجسم يمثل فرصة للعثور على نقاط الضعف التي يمكن تطوير الأدوية لاستهدافها، إنها أيضًا نظرة بالمعنى الأوسع على جانب أساسي من علم الأحياء.
وقال فوث: «أعتقد أن هذه النمذجة تعطينا أيضًا طريقة جديدة لفهم عدد الأشياء التي تدخل إلى النواة، وليس فقط فيروس نقص المناعة البشرية».