هل تساعد أدوية فيروس نقص المناعة البشرية في الوقاية من التصلب المتعدد؟
خلصت دراسة جديدة إلى أن أدوية فيروس نقص المناعة البشرية قد تساعد في الوقاية من مرض التصلب المتعدد (MS).
على مدى العقد الماضي، أفادت العديد من دراسات الحالة بأن الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد (MS) الذين بدأوا العلاج المضاد للفيروسات القهقرية لفيروس نقص المناعة البشرية، لإبقاء الفيروس تحت السيطرة، وجدوا لاحقًا أن أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد لديهم إما اختفت تمامًا أو تباطأ تطور المرض بشكل كبير، وفق ما تم نشره في موقع ميديكال إكسبريس.
أجبرت هذه النتائج الباحثين على التساؤل عما إذا كان فيروس نقص المناعة البشرية أو مضادات الفيروسات القهقرية يمكن أن تؤثر على خطر الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد.
وفقًا لأحدث الدراسات المنشورة في مجلة Annals of Neurology، الإجابة هي نعم.
من الصعب للغاية التأكد مما إذا كان فيروس نقص المناعة البشرية أو الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية قد تؤثر على مرض التصلب العصبي المتعدد لأنه يجب متابعة مجموعات كبيرة من الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، مع معلومات طبية مفصلة عن كل من فيروس نقص المناعة البشرية ومرض التصلب العصبي المتعدد، لفترة طويلة.
سبق أن طرحت 3 دراسات هذا السؤال ولكن كان لديها عدد قليل جدًا من المرضى أو لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات حول العلاج المضاد للفيروسات القهقرية. وبالتالي، فإن الدراسات السابقة لم تقدم إجابات محددة.
تفاصيل الدراسة
في هذه الدراسة، تم استخدام قواعد بيانات صحية كبيرة قائمة على السكان وسجلات سريرية لفيروس نقص المناعة البشرية والتصلب المتعدد، وكان من بينهم تقريبًا كل شخص في كولومبيا البريطانية وكندا والسويد تم الاعتراف طبيًا بأنه مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية منذ عام 1992 في كندا وعام 2001 في السويد.
تمت متابعة الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية منذ أول تاريخ تم فيه التعرف على إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية حتى نهاية فترة الدراسة (2020 في كندا و2018 في السويد).
كما تم البحث عن تشخيصات جديدة لمرض التصلب العصبي المتعدد خلال هذه الفترة باستخدام بيانات من المستشفيات والأطباء، بالإضافة إلى المعلومات التي تم الحصول عليها من عيادات مرض التصلب العصبي المتعدد المتخصصة.
تمت مقارنة معدل حالات التصلب المتعدد الجديدة بين الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية بمعدل الحالات الجديدة في عموم السكان داخل كل منطقة لتحديد ما إذا كان هناك بالفعل خطر مختلف للإصابة بالتصلب المتعدد لدى الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
حدد الباحثون أكثر من 29000 شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية وتمت متابعتهم لمدة 10 سنوات تقريبًا في المتوسط.
خلال هذه الفترة، أصيب 14 شخصًا مصابًا بفيروس نقص المناعة البشرية بمرض التصلب العصبي المتعدد، وهو عدد أقل بنسبة 47% من الحالات المتوقعة بناءً على الأرقام في عموم السكان.
عندما نظر الباحثون على وجه التحديد إلى الأشخاص الذين تناولوا الأدوية المضادة للفيروسات التقهقرية (جميع المشاركين في الدراسة تقريبًا)، وبعد أن بدأوا العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، وجدوا حالات مرض التصلب العصبي المتعدد أقل بنسبة 45% من المتوقع. بمعنى آخر، ووجدوا انخفاضًا في المخاطر بين الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والذين استخدموا العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.
تم تقليل خطر الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد بشكل ملحوظ بالنسبة للنساء، حيث انخفض بنسبة 72%.
كان هناك أيضًا عدد أقل من الرجال الذين يصابون بمرض التصلب العصبي المتعدد بين السكان المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية عما كان متوقعًا، ولكن الفرق في المخاطر كان أقل وضوحًا لدى الرجال منه لدى النساء.
تفسير بيولوجي محتمل
من خلال نتائج هذه الدراسة وحدها، ليس من الممكن معرفة ما إذا كان الفيروس أو العلاج المضاد للفيروسات القهقرية مسؤولًا عن تقليل خطر الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد. ومع ذلك، هناك أسباب بيولوجية لدعم كلتا النظريتين.
يؤدي فيروس نقص المناعة البشرية إلى فقدان تدريجي للخلايا المناعية التي تسمى خلايا CD4 + T.
هذه الخلايا نفسها متورطة في مرض التصلب العصبي المتعدد، لأنها تبدأ سلسلة من الأحداث التي تؤدي إلى التهاب الدماغ والحبل الشوكي.
ومن خلال تقليل عدد خلايا CD4 + T، يمكن أن تقلل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية من احتمالية إصابة الشخص بمرض التصلب العصبي المتعدد.
ومع ذلك، فإن اكتشاف أن خطر الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد كان أقل عندما يتم قمع فيروس نقص المناعة البشرية بواسطة الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، قد يوفر بعض الأمل في أن العلاج وليس الفيروس هو الذي يلعب دورًا.
تشمل الآليات المحتملة لفعالية مضادات الفيروسات القهقرية في الحد من خطر الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد والإعاقة تثبيط فيروس إبشتاين بار. تتراكم المزيد والمزيد من الأبحاث لتسليط الضوء على الدور المهم الذي يلعبه إبشتاين-بار في مرض التصلب العصبي المتعدد.
قد تحد الخصائص المضادة للفيروسات لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية من نشاط فيروس إبشتاين بار، مما يقلل من خطر الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد وتفاقم المرض لدى المصابين به.
إن اكتشاف أن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية أو مضادات الفيروسات القهقرية تمنح تأثيرًا وقائيًا ضد مرض التصلب العصبي المتعدد يحمل القدرة على توسيع فهمنا لأسباب مرض التصلب العصبي المتعدد وكيف يدمر المرض الجسم.
وبالرغم من توفر علاجات للشكل الانتكاس من مرض التصلب العصبي المتعدد، إلا أنه لا يمكن لأي منها وقف التقدم المستمر الذي نشهده لاحقًا في المرض.
قد تشجع نتائج هذه الدراسة على بذل المزيد من الجهود المتضافرة لتحديد ما إذا كانت الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية يمكن أن تبطئ تطور مرض التصلب العصبي المتعدد.
ومع محدودية الموارد البحثية، يمكن أن يؤدي هذا النهج إلى فائدة فورية أكثر، ومعالجة الحاجة الرئيسية غير الملباة لتطوير علاجات أفضل تهدف إلى منع أو إبطاء تطور مرض التصلب العصبي المتعدد.