ما التغيرات التي تطرأ على الميكروبيوم بعد جراحة إنقاص الوزن؟
وجد الباحثون في جامعة تورنتو والمستشفيات الشريكة لها أن التغيرات في الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء بعد جراحة السمنة يمكن أن تحسن عملية التمثيل الغذائي بشكل مباشر.
يحدث هذا بغض النظر عن تناول الطعام وفقدان الوزن والعوامل الأيضية الأخرى.
تحسين الصحة الأيضية
يشير عملهم المستمر، بما في ذلك دراسة منشورة في مجلة Cell Reports Medicine التي تركز على المرضى الذين خضعوا للجراحة، إلى أن العلاجات القائمة على الميكروبيوم مثل البروبيوتيك وزرع البراز لديها القدرة على تحسين الصحة الأيضية، وفقا لما تم نشره في موقع ميديكال إكسبريس.
كما أنها قد تقلل يومًا ما من الحاجة إلى إجراء جراحة لإنقاص الوزن بحد ذاتها.
وقال يوهان ألارد، عالم وطبيب في شبكة الصحة الجامعية، وأستاذ في كلية الطب بجامعة تيميرتي: «نحن نعلم أن الميكروبيوم يساهم في التحسينات الأيضية بعد جراحة السمنة، لكننا لا نعرف سوى القليل جدًا عن كيفية ذلك».
وأضاف: «لقد أظهرنا مؤخرًا أنه مع عدم وجود تغييرات أخرى، فإن الميكروبيوم المتغير يؤثر على تلك النتيجة، وقمنا بتحديد الآليات المحتملة».
جراحة السمنة
تعتبر جراحة السمنة حجر الزاوية في علاج السمنة المفرطة، فهو يغير حجم وبنية الجهاز الهضمي، مما يحد من الكمية التي يمكن للمرضى تناولها وامتصاص العناصر الغذائية.
لكنه يأتي أيضًا مصحوبًا بمخاطر صحية على المدى القصير والطويل.
تعمل جراحة السمنة أيضًا على إطلاق هرمونات الأمعاء التي تعمل على تحسين حساسية الأنسولين وتقليل الشهية، كما أنها تغير تكوين ووظيفة الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء، وهي تغييرات فاجأت الأطباء وحيرتهم، حيث ارتفع العدد السنوي للعمليات في جميع أنحاء العالم إلى أكثر من نصف مليون.
وقد سعى الباحثون إلى فهم كيف ومدى مساهمة هذه التغييرات البيوكيميائية الإضافية في تحسين التمثيل الغذائي وفقدان الوزن، مع التركيز على علاجات جديدة.
لكن الدراسات المتعلقة بالتغيرات المرتبطة بالميكروبات الحيوية، والتي يمكن تسخيرها كعلاجات فعالة على نطاق واسع، تعرقلت بسبب الاختلافات الشاسعة في الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء بين الأفراد.
تتغلب الدراسة ما قبل السريرية الأخيرة على هذه المشكلة من خلال عمليات زرع البراز المقترنة.
قام فريق تورونتو بنقل البراز من 4 أشخاص إلى الفئران، قبل وبعد إجراء جراحة لعلاج البدانة.
قام الفريق بإطعام مجموعتي الفئران نفس النظام الغذائي الغربي عالي الدهون في منشأة خالية من الجراثيم، ثم لاحظوا التأثيرات على مدار عدة أسابيع.
أظهرت الفئران التي خضعت لعملية زرع بعد الجراحة تحكمًا أفضل بكثير في نسبة السكر في الدم وحساسية للأنسولين مقارنة بمتلقي ما قبل الجراحة، مما يشير إلى دور قوي للميكروبيوم في تحسين عملية التمثيل الغذائي، على الرغم من عدم حدوث تغيير في وزن الجسم، كما أصبح المشاركون في الدراسة البشرية أكثر حساسية للأنسولين وفقدوا الوزن، كما هو متوقع.
ومع ذلك، كان الأمر الأقل توقعًا هو الزيادة في الكتلة والطاقة في الدهون البنية بين الفئران التي تلقت عملية الزرع بعد الجراحة.
وقالت دانا فيلبوت، الباحثة الرئيسية المشاركة في الدراسة وأستاذة علم المناعة في كلية طب تيميرتي: «لقد فوجئنا للغاية بالبيانات الموجودة في الأنسجة الدهنية البنية، اعتقدنا أنه إذا نظرنا إلى الأنسجة الدهنية العادية (الدهون البيضاء)، فقد نرى انخفاضًا في الدهون أو قدرة على التمثيل الغذائي بشكل أفضل، ولكن النتيجة كانت محددة جدًا للدهون البنية».
وكانت الحرارة دليلا مبكرا على حدوث شيء مثير للاهتمام في الدهون البنية، التي تلعب دورا في تنظيم درجة حرارة الجسم.
وقال جيتيندر ياداف، المؤلف الأول المشارك في الدراسة: «عندما وضعنا الفئران بعد الجراحة لأول مرة في أقفاص التمثيل الغذائي، لاحظنا أنها تولد المزيد من الحرارة».
وأضاف: «لقد لاحظنا أيضًا في بعض الأدبيات أن جراحة السمنة لدى الفئران تزيد من الأنسجة الدهنية البنية وإنفاق الطاقة، وفي دراستنا، تمكنا من رؤية التأثير المماثل فقط عن طريق نقل الميكروبيوم بعد الجراحة».
كذلك، وجد الفريق علامات كيميائية حيوية ونسخية تشير إلى انخفاض الالتهاب في الدهون البيضاء لدى الفئران بعد الجراحة، وهي علامة أخرى على تحسن الصحة الأيضية.
للبحث عن التغيرات المرتبطة بالميكروبات التي يمكن أن تفسر كل هذه التحسينات الأيضية، قام الباحثون بدراسة ومقارنة المستقلبات في عينات البراز من الفئران قبل وبعد الجراحة.
ووجدوا زيادات في مستقلبات التربتوفان، والأحماض الدهنية قصيرة السلسلة والأسيل كارنيتينات، وانخفاضًا في الأحماض الأمينية، والحمض العضوي، وحمض اللاكتيك، وكلها مرتبطة بتحسن الصحة الأيضية. وكانت هذه التغييرات في المستقلبات متسقة عبر الفئران بعد الجراحة، على الرغم من الاختلافات في مكونات الكائنات الحية الدقيقة الخاصة بها وفي الكائنات الحية الدقيقة للمرضى الأربعة.
وقال ياداف: «لم يكن التركيب البكتيري للميكروبات مهما، نعتقد الآن أن العلاجات القائمة على الميكروبيوم والتي تحفز المزيج الصحيح من المستقلبات، مثل البروبيوتيك والتغييرات الغذائية وزرع البراز، يمكن أن تكون علاجًا فعالًا لتحسين التمثيل الغذائي وفقدان الوزن».
يهدف الباحث الرئيسي المشارك هربرت جايسانو، وهو طبيب وعالم في معهد أبحاث مستشفى تورونتو العام وأستاذ في قسم الطب في طب تيميرتي، إلى دراسة كيفية عمل هذه المستقلبات.
سيقوم جايسانو وفريقه، بما في ذلك المؤلفون الأوائل المشاركون في الدراسة الحالية، تاو ليانج وتيران تشين، بتحليل المستقلبات في عينات الأنسجة البشرية من الدهون والكبد، التي تم الحصول عليها أثناء جراحة السمنة.
ويواصل مختبر فيلبوت أيضًا دراسة المستقلبات في نسل فئران الدراسة، ويأملون في تكرار نتائجهم مع عدد أكبر من المرضى في مرحلة ما.
وعلى نطاق أوسع، قال ياداف إن الدراسة يجب أن تساعد في دفع مجال أبحاث الميكروبيوم بعيدًا عن التركيز طويل الأمد على البكتيريا.
وأضاف: «أحد الوجبات السريعة هو أن كمية ونوع البكتيريا لا يهم دائما».
وتابع: «إن المستقلبات التي تنتجها، والتي يتم امتصاصها في اتجاه مجرى النهر، هي التي يمكن أن تؤثر على الصحة».