هل تؤثر الساعة البيولوجية على فعالية الأدوية؟
إن إعطاء الأدوية في أوقات مختلفة من اليوم، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على كيفية استقلابها في الكبد، وفقا لدراسة جديدة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
باستخدام أكباد صغيرة مُهندسة مشتقة من خلايا من متبرعين بشريين، وجد الباحثون أن العديد من الجينات المشاركة في استقلاب الدواء تخضع لسيطرة الساعة البيولوجية، وفقا لما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
تؤثر هذه الاختلافات في الساعة البيولوجية على كمية الدواء المتوفرة، ومدى فعالية الجسم في تفكيكها.
على سبيل المثال، وجدوا أن الإنزيمات التي تحطم تايلينول وأدوية أخرى تكون أكثر وفرة، في أوقات معينة من اليوم.
300 جينة كبدية تتبع الساعة البيولوجية
بشكل عام، حدد الباحثون أكثر من 300 جينة كبدية تتبع الساعة البيولوجية، بما في ذلك العديد من الجينات المشاركة في استقلاب الدواء، بالإضافة إلى وظائف أخرى مثل الالتهاب.
تحليل هذه الإيقاعات يمكن أن يساعد الباحثين، على تطوير جداول جرعات أفضل للأدوية الموجودة.
تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة، سانجيتا بهاتيا، أستاذة جون ودوروثي ويلسون للعلوم الصحية والتكنولوجيا والهندسة الكهربائية والهندسة الكهربائية: "يمكن أن يكون أحد التطبيقات المبكرة لهذه الطريقة هو ضبط الأنظمة الدوائية للأدوية المعتمدة بالفعل لزيادة فعاليتها إلى الحد الأقصى وتقليل سميتها".
وكشفت الدراسة، أيضًا أن الكبد يكون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى مثل الملاريا في نقاط معينة من الدورة البيولوجية، عندما يتم إنتاج عدد أقل من البروتينات الالتهابية.
الدورات الأيضية
تشير التقديرات إلى أن حوالي 50% من الجينات البشرية تتبع دورة يومية، والعديد من هذه الجينات تنشط في الكبد.
ومع ذلك، فإن استكشاف كيفية تأثير الدورات اليومية على وظائف الكبد كان أمرًا صعبًا لأن العديد من هذه الجينات ليست متطابقة في الفئران والبشر، لذلك لا يمكن استخدام نماذج الفئران لدراستها.
وكان مختبر بهاتيا قد طور في السابق طريقة لزراعة أكباد مصغرة باستخدام خلايا كبدية تسمى خلايا الكبد، من متبرعين بشريين.
في هذه الدراسة الجديدة، شرعت هي وزملاؤها في التحقق مما إذا كانت هذه الأكباد المهندسة تمتلك ساعاتها البيولوجية الخاصة بها.
ومن خلال العمل مع مجموعة تشارلز رايس في جامعة روكفلر، تمكنوا من تحديد الظروف الثقافية التي تدعم التعبير اليومي لجين الساعة المسمى Bmal1.
هذا الجين، الذي ينظم التعبير الدوري لمجموعة واسعة من الجينات، سمح لخلايا الكبد بتطوير ذبذبات يومية متزامنة.
بعد ذلك، قام الباحثون بقياس التعبير الجيني في هذه الخلايا كل ثلاث ساعات لمدة 48 ساعة، مما مكنهم من تحديد أكثر من 300 جين تم التعبير عنها على شكل موجات.
تتجمع معظم هذه الجينات في مجموعتين، حوالي 70% من الجينات بلغت ذروتها معًا، بينما كانت الـ 30% المتبقية في أدنى مستوياتها عندما بلغت الجينات الأخرى ذروتها.
وشملت هذه الجينات المشاركة في مجموعة متنوعة من الوظائف، بما في ذلك استقلاب الدواء، واستقلاب الجلوكوز والدهون، والعديد من العمليات المناعية.
بمجرد إنشاء الكبد المهندس لهذه الدورات اليومية، يمكن للباحثين استخدامها لاستكشاف كيفية تأثير الدورات اليومية على وظائف الكبد.
أولًا، شرعوا في دراسة كيفية تأثير الوقت من اليوم على استقلاب الدواء، بالنظر إلى عقارين مختلفين - أسيتامينوفين (تايلينول) وأتورفاستاتين، وهو دواء يستخدم لعلاج ارتفاع نسبة الكوليسترول.
عندما يتم تحلل تايلينول في الكبد، يتم تحويل جزء صغير من الدواء إلى منتج ثانوي سام يعرف باسم NAPQI.
ووجد الباحثون أن كمية NAPQI المنتجة يمكن أن تختلف بنسبة تصل إلى 50%، اعتمادًا على الوقت من اليوم الذي يتم فيه تناول الدواء. ووجدوا أيضًا أن أتورفاستاتين يولد سمية أعلى في أوقات معينة من اليوم.
يتم استقلاب هذين الدواءين جزئيًا عن طريق إنزيم يسمى CYP3A4، والذي له دورة يومية، ويشارك CYP3A4 في معالجة حوالي 50% من جميع الأدوية، لذلك يخطط الباحثون الآن لاختبار المزيد من هذه الأدوية باستخدام نماذج الكبد الخاصة بهم.
وقالت المؤلفة الرئيسية لهذه الورقة، ساندرا مارش، عالمة الأبحاث في IMES: "في هذه المجموعة من الأدوية، سيكون من المفيد تحديد الوقت من اليوم لإعطاء الدواء للوصول إلى أعلى فعالية للدواء وتقليل الآثار الضارة".
يعمل باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الآن مع متعاونين لتحليل دواء للسرطان يشتبهون في أنه قد يتأثر بالدورات اليومية، ويأملون في التحقق مما إذا كان هذا قد يكون صحيحًا أيضًا بالنسبة للأدوية المستخدمة في إدارة الألم.
قابلية الإصابة بالعدوى
وتشارك العديد من جينات الكبد التي تظهر السلوك اليومي في الاستجابات المناعية مثل الالتهاب، لذلك تساءل الباحثون عما إذا كان هذا الاختلاف قد يؤثر على القابلية للإصابة بالعدوى.
للإجابة على هذا السؤال، قاموا بتعريض الكبد المهندسة لـ Plasmodium falciparum، وهو طفيلي يسبب الملاريا، في نقاط مختلفة من الدورة البيولوجية.
وكشفت هذه الدراسات أن الكبد كان أكثر عرضة للإصابة بعد التعرض له في أوقات مختلفة من اليوم. ويرجع ذلك إلى الاختلافات في التعبير عن الجينات التي تسمى الجينات المحفزة بالإنترفيرون، والتي تساعد على قمع العدوى.
وقالت بهاتيا: "تكون الإشارات الالتهابية أقوى بكثير في أوقات معينة من الأيام مقارنة بأخرى، وهذا يعني أن فيروسًا مثل التهاب الكبد الوبائي أو الطفيلي مثل الذي يسبب الملاريا قد يكون أفضل في السيطرة على الكبد في أوقات معينة من اليوم".
ويعتقد الباحثون أن هذا الاختلاف الدوري قد يحدث لأن الكبد يخفف استجابته لمسببات الأمراض بعد تناول الوجبات، عندما يتعرض عادة لتدفق الكائنات الحية الدقيقة التي قد تؤدي إلى الالتهاب حتى لو لم تكن ضارة بالفعل.
ويستفيد مختبر بهاتيا الآن من هذه الدورات لدراسة حالات العدوى التي عادة ما يكون من الصعب اكتشافها في الكبد المهندسة، بما في ذلك عدوى الملاريا التي تسببها طفيليات أخرى غير المتصورة المنجلية.
وقالت مارش: "هذا مهم جدًا لهذا المجال، لأنه بمجرد إعداد النظام واختيار الوقت المناسب للعدوى، يمكننا زيادة معدل الإصابة في ثقافتنا بنسبة 25٪، مما يتيح فحص الأدوية التي كانت غير عملية لولا ذلك".