آلية جديدة للكشف عن الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن
الصفير هو مؤشر شائع لأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، بما في ذلك الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، بسبب الالتهاب وتورم مجاري الهواء.
في عام 2023، كان ما يقرب من 9% من جميع البالغين في الولايات المتحدة يعانون من الربو، ويظلال أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في الولايات المتحدة، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.
يعد الكشف المبكر عن الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن وإدارتهما أمرًا بالغ الأهمية.
على مستوى العالم، لا يتم تشخيص الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن بشكل كافٍ ( 20-70% للربو وما يصل إلى 81% لمرض الانسداد الرئوي المزمن ).
بالإضافة إلى ذلك، تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة أن الربو خارج عن السيطرة لدى 50% من الأطفال و62% من البالغين، مما يؤدي إلى نوبات متكررة وشديدة يمكن أن تؤدي إلى زيادة زيارات أقسام الطوارئ وتفويت أيام الدراسة وأيام العمل.
على الرغم من أن سماعة الطبيب الرقمية تشكل تحسنًا على سماعة الطبيب التقليدية، إلا أنها تلتقط الضوضاء المحمولة في الهواء، والتي تتداخل مع اكتشاف الصفير.
إننا بحاجة إلى حل تكنولوجي متقدم يمكن استخدامه كأداة فحص في العيادة ولمراقبة المريض عن بعد، مما يمكّن الأطباء من التدخل المبكر.
قام باحثون في معهد جورجيا للتكنولوجيا بتطوير نموذج للتعلم العميق (DL) قاموا بإقرانه برقعة يمكن ارتداؤها مزودة بمستشعر شديد الحساسية يمكنه اكتشاف أصوات الصفير تلقائيًا. يتمتع نموذج التعلم العميق بإمكانية تصنيف أمراض الجهاز التنفسي، مما قد يسرع من تشخيصها وعلاجها.
نُشرت نتائج دراسة المريض التجريبية في BioSensors.
ماذا يفعل الأطباء الآن؟
يستخدم الأطباء عادةً سماعة الطبيب الرقمية (المعيار الذهبي) للاستماع إلى وتسجيل الأصوات غير الطبيعية في الرئة مثل الصفير والطقطقة، وهي أصوات نقر وخشخشة يمكن أن تصاحب الصفير.
يستمع الأطباء إلى كل تسجيل لتحديد ما إذا كانت الأصوات عبارة عن صفير أو طقطقة أو أصوات تنفس طبيعية.
تتضمن الطريقة القياسية لتصنيف البيانات على أنها صفير تحليلًا حاسوبيًا للزمن والتردد يستخدم قائمة مراجعة (أي خوارزمية) لتحديد ما إذا كان الصفير يلبي متطلبات معينة. ومع ذلك، فإن الخوارزمية ليست شاملة، مما يؤدي إلى تفويت بعض الحالات، وفقًا للباحثين.
رقعة جديدة قابلة للارتداء
قام الباحثون بتصميم جهاز جديد يمكن ارتداؤه لمعالجة هذه العيوب.
تحتوي الرقعة على مستشعر صغير، والذي على عكس الميكروفونات التقليدية في السماعات الطبية الرقمية، يمكنه اكتشاف الاهتزازات الصغيرة بحساسية عالية مع الحد الأدنى من التشويه.
قال الدكتور فاروخ أيازي، كبير مؤلفي الدراسة وأستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في معهد جورجيا للتكنولوجيا: "تتمتع رقعتنا الحساسة بالعديد من المزايا مقارنة باكتشاف الصفير التقليدي، الذي يكافح للكشف عن جميع أشكال الصفير والطقطقة، مما قد يؤدي إلى تشخيص خاطئ".
وأضاف أنه "من خلال دمج البيانات من هذه الاختلافات في الصفير في نموذج التعلم العميق، والاستفادة من قدرة المستشعر على القضاء على الأصوات المحيطة، أدت طريقة الكشف لدينا إلى دقة أعلى وحساسية [حددت بشكل صحيح وجود الصفير]، وخصوصية [حددت بشكل صحيح غياب الصفير] مقارنة بنهج الوقت والتردد القياسي".
تطوير نموذج التعلم العميق
تم تسجيل أصوات الرئة من 52 مريضًا في عيادة الربو الخارجية أو في المستشفى. كان 25 من المرضى الـ 52 يعانون من السمنة، وهو ما قد يتداخل مع جودة تسجيلات الرئة التقليدية.
وللحصول على التسجيلات، ارتدى المرضى الرقعة المصغرة على ما يصل إلى تسعة مواقع مختلفة على صدورهم. وتم تسجيل البيانات من كل موقع بينما كان المريض يأخذ أنفاسًا عميقة لمدة 30 ثانية في كل مرة. وللمقارنة، حصل الأطباء أيضًا على تسجيلات الرئة باستخدام سماعة طبية رقمية على نفس مواقع الصدر.
استمع الأطباء إلى التسجيلات من كلا المصدرين وقاموا بتسمية ما إذا كانوا قد سمعوا صفيرًا أم لا في تجربة عمياء، ثم قدموا تشخيصًا بعد التقييم السريري. كانت الصفيرات المصنفة متوافقة إلى حد كبير بين سماعة الطبيب الرقمية والرقعة القابلة للارتداء، حتى بالنسبة للمرضى الذين يعانون من السمنة. تم دمج البيانات المصنفة من قبل الأطباء في نموذج التعلم العميق حتى يتمكن من التمييز بين أصوات الصفير وأصوات التنفس الطبيعية.
مقارنة نموذج DL بالطرق القياسية
قام الباحثون بمقارنة نموذج التعلم العميق بطريقة التردد الزمني القياسية لاكتشاف الصفير عند إقرانه بالرقعة أو سماعة الطبيب الرقمية.
كان نموذج التعلم العميق المقترن بالرقعة دائمًا يتمتع بأعلى معدلات الدقة والحساسية والخصوصية المتوسطة لاكتشاف الصفير: 95% و96% و93% على التوالي. تفوق هذا المزيج على طريقة التردد الزمني المقترنة بالرقعة أو سماعة الطبيب الرقمية، وطريقة التعلم العميق المقترنة بسماعة الطبيب الرقمية.
كانت الدراسة تعاني من بعض القيود: المكون الآلي الوحيد هو نموذج التعلم العميق، والذي حد من تطبيقه على الإعدادات السريرية، وتحتاج النتائج إلى مزيد من التحقق من الصحة في عينة أكبر وأكثر تنوعًا من المرضى.
ويتصور الباحثون استخدامين محتملين لإطار الرقعة القابلة للارتداء. الأول للفحص قصير المدى في العيادة والآخر للمراقبة المنزلية طويلة المدى.
ويعمل الباحثون على تطوير نسخة لاسلكية من الرقعة للمراقبة عن بعد والتي يمكنها نقل البيانات إلى طبيب المريض لتسهيل العلاج.
قالت الدكتورة تيفاني لاش، مديرة البرنامج في قسم تقنيات المعلومات الصحية في المعهد الوطني لعلوم الجهاز التنفسي والبنكرياس: "إن هذا التحليل السريع غير الجراحي لحالة الجهاز التنفسي والرئة لدى المريض قد يحسن الكشف المبكر عن حالات الجهاز التنفسي، وخاصة لدى المرضى الذين يعانون من السمنة والذين هم أكثر عرضة للإصابة بالربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن".
وأضافت أن "الحلول التكنولوجية مثل هذه لديها القدرة على تحسين النتائج الصحية وتخفيف العبء على الأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض المزمنة".