ما علاقة الخلايا الدماغية بتناول المزيد من الطعام؟
تؤثر الأمراض التي تؤثر على عملية التمثيل الغذائي لدينا، بما في ذلك السمنة ومرض السكري من النوع 2، على أكثر من ربع سكان العالم.
ومن المتوقع أن تصبح هذه الأمراض السبب الرئيسي للوفاة بحلول عام 2030، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
وفي ظل عدم وجود علاجات فعالة طويلة الأمد متاحة حاليًا، من المتوقع أن يكلف انتشارها أستراليا 87.7 مليار دولار أسترالي سنويًا بحلول عام 2032.
لقد أصبح البحث عن علاجات فعالة للسمنة ومرض السكري من النوع الثاني ضرورة صحية عالمية قصوى، ويمثل أحد أهم التحديات السريرية في حياتنا.
التليف العصبي
تركز الأبحاث الأخيرة، المنشورة في مجلة Nature، على اكتشاف أن خلايا الدماغ (الخلايا العصبية) يمكن أن تصبح محاصرة في مادة كثيفة تشبه الغراء تُعرف باسم المصفوفة خارج الخلية (ECM) عندما يكون الشخص مصابًا بالسمنة أو مرض السكري من النوع 2.
أُطلق على هذه الحالة اسم التليف العصبي لأن خلايا المخ تصبح سميكة فعليًا، مثل النسيج الندبي.
وباستخدام نماذج حيوانية، وجد الباحثون أن تغليف هذه الخلايا العصبية في المصفوفة يمنعها من العمل بشكل صحيح، مما يؤثر على قدرتها على التحكم في وزن الجسم والجوع ومستويات السكر في الدم.
حتى الآن، كانت تعتبر عملية التليف العصبي غير قابلة للعكس.
ولكن، وللمرة الأولى، أظهرت الأبحاث المستهدفة الدقيقة أنه من الممكن استعادة وظيفة هذه الخلايا، مما يوفر إمكانيات جديدة لعلاج السمنة ومرض السكري من النوع الثاني.
تأثير السمنة والسكري على الدماغ
يقول الباحثون: "في حين أننا نعرف الكثير عن أنواع الخلايا المختلفة في أجسامنا، مثل العظام والعضلات، فإن أهمية المساحات بين هذه الخلايا ـ المعروفة بالبيئة خارج الخلية ـ غالبًا ما يتم تجاهلها، وهذه البيئة، التي تختلف باختلاف أنواع الخلايا والأنسجة والحالات الصحية، تشكل أهمية بالغة للتواصل بين الخلايا ووظائفها".
وأضافوا: "إن أحد المكونات الرئيسية لهذه المساحة خارج الخلية هو النسيج خارج الخلوي، وهو عبارة عن شبكة معقدة من السكريات والبروتينات، لا يوفر النسيج خارج الخلوي الدعم البنيوي فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حيويًا في تنظيم كيفية تفاعل خلايانا، وفي حالات مثل السمنة والسكري، نعلم أن النسيج خارج الخلوي حول خلايا الكبد والدهون يصبح أكثر سمكًا واختلالًا في وظيفته، وتسمى هذه العملية بالتليف وعادة ما تكون غير قابلة للعكس".
تركز الأبحاث على سماكة مماثلة في المصفوفة خارج الخلوية حول الخلايا العصبية التي تتحكم في شهيتنا ووزن الجسم وتنظيم الجلوكوز.
تؤدي هذا السماكة، أو التليف العصبي، إلى اختلال وظيفة هذه الخلايا الدماغية الحيوية مع تقدم أمراض مثل السمنة والسكري.
إحدى الطرق الرئيسية التي ينظم بها جسمنا نسبة السكر في الدم هي إفراز هرمون الأنسولين من البنكرياس، مما يؤدي إلى نقل السكر من الدم إلى عضلاتنا وكبدنا.
ولكن في حالات مثل السمنة ومرض السكري من النوع الثاني، تتطور مقاومة الأنسولين في الخلايا العصبية في المخ، مما يضعف قدرتها على تنظيم مستويات السكر في الدم والشهية بشكل فعال، وقد يؤدي هذا إلى تلف الأعضاء ومشاكل في القلب
عكس آثار مقاومة الأنسولين
وقال الباحثون: "لقد قمنا بدراسة الدوائر العصبية على المستوى الخلوي والجزيئي في الفئران البدينات والمقاومة للأنسولين".
وأوضحوا أن "هذه التكنولوجيا تعتبر بالغة الأهمية لكشف آليات الخلل الوظيفي في المخ في الأمراض الأيضية البشرية لأن القوارض تصاب بالأمراض الأيضية بطرق مشابهة إلى حد كبير لتلك التي تصيب البشر".
وأضافوا: "لقد نجح فريقنا في تطوير مثبطات التليف العصبي الأولى من نوعها والتي تستهدف المصفوفة خارج الخلية في الدماغ، وقد اكتشفنا أنها قادرة على استعادة إشارات الأنسولين والتغلب على مقاومة الأنسولين".
وأشاروا إلى أنه "لا توجد حاليًا علاجات فعّالة لتخفيف مقاومة الأنسولين لدى الخلايا العصبية، لذا فإن مثبطاتنا تمثل تقدمًا كبيرًا في علاج هذه السمة الأساسية الكامنة وراء مرض التمثيل الغذائي، فهي تفتح طريقًا علاجيًا جديدًا من خلال استهداف آليات مرضية جديدة ومعالجة جوانب من المرض لم تكن قابلة للعلاج من قبل".
في حين أن الأسباب الكامنة وراء مقاومة الأنسولين العصبية وطرق الانعكاس المحتملة لا تزال غير واضحة، إلا أن الدراسة تظهر أن التليف العصبي هو عامل مسبب لمقاومة الأنسولين.
تشير النتائج إلى علاجات دوائية جديدة محتملة تستهدف بشكل خاص المصفوفة خارج الخلية المحيطة بخلايا المخ والتي يمكن أن تسبب زيادة الوزن وارتفاع مستويات السكر في الدم.
تعمل المثبطات على منع المزيد من تراكم ECM، مما يؤدي إلى انهيار ECM الشبيه بالندبة.
وفي المستقبل، سوف تركز الأبحاث الآن على فهم كيفية تطور التليف العصبي في المخ، وما يحدث مع تطور السمنة ومرض السكري للتسبب في ذلك.