الوخز بالإبر الكهربائية.. هل يساعد في علاج السمنة؟
توصل فريق من العلماء إلى أدلة على أن الوخز بالإبر الكهربائية، وهو أحد أشكال علاج الطب الصيني التقليدي، يمكن استخدامه لإدارة السمنة.
جرت الأبحاث بقيادة جامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة وجامعة هونج كونج.
الوخز بالإبر الكهربائي
في الوخز بالإبر الكهربائي ـ وهو أحد أشكال الوخز بالإبر ـ يتم إدخال الإبر في نقاط مختلفة من الجسم، تسمى نقاط الوخز بالإبر، ويتم تطبيق تيار كهربائي نابض لطيف على إبر الوخز بالإبر المختارة كوسيلة لتحفيز نقاط الوخز بالإبر.
في الطب الصيني التقليدي، يؤدي هذا التحفيز إلى تحفيز قدرات الجسم الطبيعية على الشفاء، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
ومن خلال التجارب المعملية ودراسات الحيوانات والتجارب السريرية التي نشرت في مجلة الأبحاث المتقدمة في أغسطس/ آب، أظهر الفريق الذي تقوده جامعة نوتنجهام للتكنولوجيا في سنغافورة ومدرسة الطب الصيني في جامعة هونج كونج أن الوخز بالإبر الكهربائية ساعد في عكس آثار السمنة لدى الأفراد المصابين بالسمنة والفئران التي وضعت على نظام غذائي عالي الدهون.
في هذا النهج العلاجي، يستهدف الوخز بالإبر الكهربائية بروتين أوستيوبروتيجيرين، وهو بروتين معروف بدوره في عملية التمثيل الغذائي للعظام.
ووجد فريق البحث، الذي يضم متعاونين من جامعة هونج كونج المعمدانية، أن البروتين يلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في تكوين الخلايا الدهنية وتطور السمنة، مما يجعله هدفًا محتملًا لإدارة السمنة.
وبما أن واحدًا من كل ثمانية أشخاص على مستوى العالم يعانون من السمنة، فهناك حاجة إلى دمج إدارة السمنة في الرعاية الصحية.
ووفقا لفريق البحث، تشير نتائج الدراسة إلى الوخز بالإبر الكهربائية كعلاج واعد.
قالت ليندا تشونج، الأستاذة المساعدة في جامعة نوتنجهام ترنت، وأحد المشاركين في الدراسة ومديرة عيادة الطب الصيني التقليدي في الجامعة: "من خلال دراستنا، أكدنا الدور المحوري لهرمون أوستيوبروتيجيرين في كيفية تطور الخلايا الدهنية وإمكانات البروتين كهدف لإدارة السمنة".
وأضافت: "لقد أظهرنا من خلال الدراسات التي أجريت على الفئران والبشر أن الوخز بالإبر الكهربائية يمكن أن يتوسط تأثيرات السمنة، مما يشير إلى أن هذا الشكل من أشكال علاج الطب الصيني التقليدي يمكن أن يساعد في إدارة السمنة".
واستكملت: "تضيف هذه النتائج إلى مجموعة متنامية من الأدلة العلمية التي تدعم الفوائد العلاجية للوخز بالإبر الكهربائية وتعزز مصداقية الطب الصيني التقليدي وقبوله بين الممارسين والمرضى".
العلاقة بين مستويات أوستيوبروتيجيرين والسمنة
أكد العلماء أولا دور بروتين أوستيوبروتيجيرين في تكوين الخلايا الدهنية من خلال دراسات معملية أجريت على الخلايا السلفية.
تتحول هذه الخلايا الجذعية المتخصصة إلى خلايا خاصة بالأنسجة استجابة لإشارات بروتينية محددة.
وفي هذه الدراسة، استخدم العلماء الخلايا السلفية للخلايا الدهنية، وهي أصل الخلايا الدهنية.
وعندما تمت إضافة الجلوكوز والأنسولين إلى الخلايا السلفية للخلايا الدهنية لمحاكاة التأثيرات المرتبطة بالسمنة - مثل المستويات المرتفعة بشكل غير طبيعي من الجلوكوز في الدم ومقاومة الأنسولين - وجد العلماء أن هذا الضغط الأيضي ينشط إنتاج أوستيوبروتيجيرين، مما يحفز الخلايا السلفية للخلايا الدهنية على تكوين خلايا دهنية.
وكشفت دراسات خلوية أخرى أن هرمون أوستيوبروتيجيرين يعزز تكوين الخلايا الدهنية من خلال تنشيط مسارات الإشارات الرئيسية في تطور الخلايا الدهنية.
وقد أكد العلماء هذه الصلة بين هرمون أوستيوبروتيجيرين والسمنة لدى الفئران التي تغذت على نظام غذائي غني بالدهون لمدة ستة أسابيع، وعندما تم حقن هذه الفئران ببروتين أوستيوبروتيجيرين، اكتسبت وزنا وأصبحت أقل قدرة على تحمل الجلوكوز.
وعندما تم "إسكات" الجين الذي يشفر أوستيوبروتيجيرين في هذه الفئران، انخفض اكتسابها للوزن بشكل ملحوظ وتأخر تطور السمنة.
تشير هذه النتائج التجريبية إلى أن الإفراط في إنتاج أوستيوبروتيجيرين يسهل تطور السمنة وتطور الأمراض المرتبطة بها.
إدارة السمنة باستخدام الوخز بالإبر الكهربائية
لا توجد طريقة معروفة لتثبيط نشاط بروتين أوستيوبروتيجيرين على وجه التحديد، ومع العلم أن الوخز بالإبر الكهربائية كان يستخدم تقليديًا لعلاج السمنة وتنظيم عملية التمثيل الغذائي، قرر العلماء التحقيق فيما إذا كان هذا النهج قادرًا على استهداف البروتين كوسيلة لتحسين السمنة.
على مدى شهرين، قام العلماء بتطبيق الوخز بالإبر الكهربائية على الفئران التي تتغذى على نظام غذائي عالي الدهون ثلاث مرات في الأسبوع في نقطتين للوخز بالإبر بناءً على استخدامها في الطب الصيني التقليدي لإدارة السمنة.
وجد العلماء أن الوخز بالإبر الكهربائية أدى إلى تثبيط اكتساب كتلة الجسم لدى الفئران البدينات، مما أدى إلى تقليل نسبة الدهون وحجم الجسم وحجم الخلايا الدهنية في أنسجة الدهون الحشوية مقارنة بالفئران البدينات التي لم تخضع للعلاج، كما تحسنت قدرة الفئران البدينات المعالجة على تحمل الجلوكوز ومقاومة الأنسولين - وهما مؤشران للسمنة.
وقد انعكست هذه التأثيرات الناجمة عن الوخز بالإبر الكهربائية عندما تم حقن جرعات إضافية من أوستيوبروتيجيرين في نفس الفئران، مما يشير إلى أن الوخز بالإبر الكهربائية ساعد على تقليل مستويات أوستيوبروتيجيرين في الفئران البدينات.
دراسة سريرية
قام العلماء بتنظيم دراسة سريرية على 80 مشاركًا تم تجنيدهم في هونج كونج.
تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين اختبار وضبط: تلقت مجموعة الاختبار الوخز بالإبر الكهربائية مرتين في الأسبوع لمدة شهرين؛ وتلقت مجموعة الضبط إجراءً وهميًا يتضمن إبرًا غير نافذة بنفس التردد.
في هذه الدراسة السريرية، استهدف العلماء ثماني نقاط للوخز بالإبر تستخدم في الطب الصيني التقليدي لإدارة السمنة، بما في ذلك النقطتان المستهدفتان في الدراسات على الفئران.
ووجد العلماء أنه في حين لم يفقد المشاركون في المجموعة التجريبية المزيد من وزن الجسم مقارنة بالمجموعة الضابطة، فإن نسبة الخصر إلى الورك لديهم انخفضت بشكل ملحوظ، ومستويات الجلوكوز في الدم أثناء الصيام تحسنت، ومقاومة الأنسولين أفضل، مما يدل على أن الوخز بالإبر الكهربائية يمكن أن يكون شكلًا قابلًا للتطبيق لإدارة السمنة.
وأظهر تحليل أولي لعينات الدم من خمسة مشاركين في الدراسة أن هذه التغييرات تتوافق مع انخفاض مستويات أوستيوبروتيجيرين، مما يشير إلى وجود علاقة بين أوستيوبروتيجيرين وتطور السمنة.