يتعلق بخلايا المناعة في الدماغ.. اكتشاف جديد بشأن الإصابة بالزهايمر
في الأدمغة السليمة، تقوم الخلايا المناعية المسماة الخلايا الدبقية الصغيرة بدوريات بحثًا عن التلف، فتقوم بإزالة الحطام والبروتينات الضارة.
لكن في وجود بروتين APOE4، وهو عامل الخطر الجيني الأكثر أهمية لمرض الزهايمر، فإن نفس الخلايا تسبب التهابًا ضارًا وتكتلات من البروتينات المشوهة، وفقًا لدراسة جديدة أجراها علماء في معاهد جلادستون.
وبحسب موقع ميديكال إكسبريس، قام الفريق بإنشاء نموذج بحث جديد لدراسة مرض الزهايمر والذي يتضمن زرع الخلايا العصبية البشرية التي تنتج بروتين APOE4 في أدمغة الفئران.
وعندما أزالوا الخلايا الدبقية الصغيرة من الأدمغة، اكتشفوا أن بروتين APOE4 لم يعد يتسبب في حدوث العديد من رواسب الأميلويد أو تاو - نوعان من البروتينات المشوهة التي تعد من السمات المميزة لمرض الزهايمر.
يقول الباحث الرئيسي في جلادستون الدكتور يادونج هوانج، الذي أشرف على الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة Cell Stem Cell: "تؤكد الدراسة على أهمية الخلايا الدبقية الصغيرة، بالتعاون مع APOE4 التي تنتجها الخلايا العصبية البشرية، في مرض الزهايمر، وتشير نتائجنا إلى أن الأدوية التي تقلل من الخلايا الدبقية الصغيرة قد تكون مفيدة في نهاية المطاف في علاج المرض".
نموذج يشبه الإنسان
هناك 3 أشكال رئيسية من بروتين APOE لدى البشر. وبالمقارنة مع النسخة الأكثر شيوعًا من البروتين - APOE3 - فإن بروتين APOE4 يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر بينما يقلل بروتين APOE2 من خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
يمتلك حوالي واحد من كل 4 أمريكيين نسخة واحدة على الأقل من جين APOE4، وحوالي 3% لديهم نسختين، مما يجعل هؤلاء الأفراد أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
ويقول هوانج، الذي يشغل أيضًا منصب مدير مركز التقدم الترجمي في جلاستون وأستاذ في أقسام الأعصاب وعلم الأمراض في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو: "الأشخاص الذين لديهم نسختين من الجين APOE4 لديهم خطر أكبر بنحو 12 ضعفًا للإصابة بمرض الزهايمر مقارنة بأولئك الذين لديهم الجين APOE3".
ولدراسة التفاعل المعقد بين متغيرات APOE وخلايا المخ، اعتمد هوانج وفريقه لفترة طويلة على نماذج الفئران، تمامًا كما تفعل العديد من مجموعات البحث الأخرى. ومع ذلك، فإن محاكاة الدماغ البشري في الفأر أمر صعب؛ وإضافة الجينات البشرية لـ APOE4 إلى الفئران، كما يحدث غالبًا، لا يعكس بشكل كامل كيف تتصرف خلايا الدماغ البشرية في مرض الزهايمر.
وفي الدراسة الجديدة، طور فريق هوانج نموذجًا "هجينًا" للفأر لا يحمل جينات APOE البشرية فحسب، بل يحتوي أيضًا على خلايا عصبية بشرية يتم زرعها في المخ، والأمر المهم هو أن الخلايا العصبية يتم زرعها بعد نضوج المخ، مما يسمح للباحثين بمحاكاة مرض الزهايمر المتأخر.
كانت المحاولات السابقة لإنشاء نموذج للفأر يعبر عن خصائص مرض الزهايمر المتأخر غير ناجحة عندما استخدموا بروتين APOE4 فقط، دون زرع الخلايا العصبية البشرية.
وتقول أنتارا راو، التي قادت التجارب للدراسة الجديدة: "إن إنشاء هذا النموذج للفأر أعطانا طريقة أكثر واقعية لدراسة كيفية مساهمة الخلايا العصبية البشرية التي تحمل جين APOE4 في مرض الزهايمر في الأدمغة الحية لكبار السن".
كان هوانج وزملاؤه يعلمون بالفعل أن APOE4 يؤدي إلى مستويات أعلى من المعتاد من لويحات الأميلويد وتشابكات تاو في أدمغة البشر. وفي نموذج الفأر الهجين الجديد، أكد الباحثون أن وجود الخلايا العصبية البشرية APOE4 يؤدي إلى مستويات عالية من كل من رواسب الأميلويد وتاو مع تقدم الفئران في العمر.
وأظهر الباحثون أيضًا أن الخلايا العصبية البشرية APOE3 تؤدي إلى مستويات معتدلة من التجمعات، وأن الخلايا العصبية البشرية التي تفتقر إلى جين APOE تمامًا أدت إلى تجمعات أقل من تاو ورواسب أميلويد متناثرة بدلًا من التجمعات الكثيفة الضارة.
يقول هوانج: "لقد اتضح أن النمذجة الأكثر دقة لمرض الزهايمر المتأخر تتطلب استخدام الخلايا العصبية البشرية، وليس الخلايا العصبية للفأر، لإنتاج APOE4 في أدمغة الفئران".
التأثير الوقائي لتقليل الخلايا الدبقية الصغيرة
كانت مجموعة هوانج قد وجدت في السابق أن الخلايا العصبية للفأر التي تنتج جين APOE4 البشري تطلق إشارات جزيئية تعمل على تنشيط الخلايا الدبقية الصغيرة، وهذه المرة، استخدموا نموذج الفأر الجديد لاستكشاف العلاقة بين الخلايا الدبقية الصغيرة والخلايا العصبية البشرية التي تنتج جين APOE4 بمزيد من التفصيل.
استخدم الباحثون عقارًا لإزالة الخلايا الدبقية الصغيرة بشكل انتقائي من أدمغة الفئران الهجينة.
وفي الفئران التي تحمل خلايا عصبية بشرية من نوع APOE4، وجدوا أن مستويات تجمعات الأميلويد والتاو انخفضت بشكل كبير، مما يشير إلى أن APOE4 والخلايا الدبقية الصغيرة تعملان معًا لدفع السمات الرئيسية لمرض الزهايمر.
ثم تحول الفريق إلى تسلسل الحمض النووي الريبوزي للخلية الواحدة - وهي تقنية قوية لدراسة نشاط الجينات في الخلايا الفردية - لتحديد الجينات التي تم تنشيطها في الخلايا الدبقية الصغيرة لكل نموذج فأر.
وجد الباحثون أنه في وجود الخلايا العصبية البشرية التي تحتوي على APOE4 وAPOE3، ارتفعت مستويات الجزيئات الالتهابية في الخلايا الدبقية الصغيرة.
شكلت الخلايا الدبقية الصغيرة ذات التوقيعات الجزيئية الأكثر التهابًا 30% من جميع الخلايا الدبقية الصغيرة في الفئران التي تحتوي على خلايا عصبية بشرية من APOE4، و20% من جميع الخلايا الدبقية الصغيرة في الفئران التي تحتوي على خلايا عصبية بشرية من APOE3، و8% فقط من جميع الخلايا الدبقية الصغيرة في الفئران التي تحتوي على خلايا عصبية بشرية تفتقر إلى جين APOE.
يقول راو: "تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن الخلايا الدبقية الصغيرة يتم تنشيطها بواسطة APOE4 الذي تنتجه الخلايا العصبية البشرية، وبالتالي، من المحتمل أن تساعد في تكوين التجمعات البروتينية المشوهة التي نراها في مرض الزهايمر".
الطريق نحو علاجات جديدة
وتمنح هذه النتائج الباحثين طرقًا جديدة لفهم كيف تسوء حالة الخلايا الدبقية الصغيرة في مرض الزهايمر، حيث تتحول من حالتها الوقائية الطبيعية إلى حالة ضارة في وجود APOE4 الذي تنتجه الخلايا العصبية البشرية.
وتشير الدراسة أيضًا إلى أن الأدوية التي يمكنها تقليل مستويات APOE4 في الخلايا العصبية أو استهداف الخلايا الدبقية الصغيرة - إما عن طريق تقليل عدد الخلايا الدبقية الصغيرة أو مستوى نشاطها الالتهابي - يمكن أن تكون استراتيجية واعدة لإبطاء أو منع تقدم مرض الزهايمر لدى الأشخاص الذين يحملون جين APOE4.
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من العمل لإظهار ما إذا كانت هذه الاستراتيجيات المحتملة فعالة لدى البشر، وما هي الآثار الجانبية لاستهداف APOE4 العصبي أو الخلايا الدبقية الصغيرة، وكيف يعمل توقيت مثل هذا العلاج.
ويأمل الباحثون أيضًا في استخدام الفأر الهجين الجديد لدراسة أدوار أنواع أخرى من الخلايا في مرض الزهايمر.