الكشف عن تفسير جيني جديد لمرض القلب.. ما فائدته؟
يمكن أن يكون سبب حالة القلب التي قد تغير حياة الإنسان، اعتلال عضلة القلب المتوسع، التأثير التراكمي لمئات أو آلاف الجينات وليس فقط بسبب متغير وراثي شاذ واحد، كما كان يعتقد سابقا.
هذا ما توصلت إليه دراسة جديدة قادها باحثون في جامعة لندن، وإمبريال كوليدج لندن ومختبر العلوم الطبية التابع لمجلس البحوث الطبية.
اعتلال عضلة القلب المتوسع
اعتلال عضلة القلب المتوسع هو حالة يصبح فيها القلب متضخمًا وضعيفًا تدريجيًا، مما يقلل من قدرته على ضخ الدم بكفاءة.
ويقدر أن هذا المرض يصيب ما يصل إلى 260 ألف شخص في المملكة المتحدة (واحد من كل 250 فردًا) وهو السبب الرئيسي لزراعة القلب.
في السابق، كان يُعتقد أن اعتلال عضلة القلب المتوسع يحدث في الغالب بسبب نسخ معيبة من جين واحد يمكن أن ينتقل عبر العائلات، على الرغم من أنه لم يتم تحديد الجين المعيب في أكثر من نصف المرضى.
وجدت الدراسة الجديدة، التي نشرت في مجلة Nature Genetics، أن حوالي ربع إلى ثلث خطر الإصابة باعتلال عضلة القلب المتوسع يمكن تفسيره بالتأثيرات الصغيرة لآلاف الاختلافات الجينية المنتشرة في جميع أنحاء الجينوم.
ومن المهم أيضًا أن الباحثين طوروا درجة مخاطر متعددة الجينات لتقييم احتمالية إصابة الشخص باعتلال عضلة القلب المتوسع استنادًا إلى العديد من التأثيرات الصغيرة لهذه الجينات.
ووجد الباحثون أن أولئك الذين لديهم أعلى درجة خطر وراثي (في أعلى 1%) لديهم خطر أعلى بأربعة أضعاف للإصابة باعتلال عضلة القلب المتوسع مقارنة بأولئك الذين لديهم درجة خطر متوسطة.
وبالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن هذه التأثيرات الجينية الصغيرة التراكمية قدمت تفسيرا مهما للغز أن بعض الأشخاص الذين لديهم نسخة جينية معيبة يصابون باعتلال عضلة القلب، في حين أن آخرين لا يصابون به.
قال الدكتور توم لومبرز، المؤلف الرئيسي المشارك في الدراسة: "عندما يكون اعتلال عضلة القلب وراثيًا، فقد يكون الأمر مقلقًا للغاية بالنسبة لأفراد الأسرة الذين لا يعرفون ما إذا كانوا سيصابون بالمرض أم لا، وقد تسمح نتائجنا للأطباء السريريين بالتنبؤ بشكل أفضل بمخاطر المرض بالنسبة للمرضى وأسرهم".
وأضاف: "إن دراستنا تبشر أيضًا بطريقة جديدة للتفكير في الجينات المرتبطة بهذا المرض القلبي. فبدلًا من أن يكون السبب هو خطأ إملائي جيني واحد، فإن الحالة في بعض المرضى تشبه الأمراض الشائعة مثل مرض الشريان التاجي، حيث تساهم العديد من الاختلافات الجينية بشكل جماعي في زيادة المخاطر".
وتابع: "إن فهم التأثيرات الصغيرة للعديد من الجينات عبر الجينوم يساعدنا أيضًا في تحديد المرضى الذين يحملون نسخة جينية معيبة والذين هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، ويمكن متابعة هذه المجموعة الأكثر عرضة للخطر عن كثب، ومنحها فرصًا مبكرة للمشاركة في التجارب السريرية لاختبار العلاجات الوقائية. كان تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر أمرًا صعبًا حتى الآن".
وأضاف البروفيسور جيمس وير، من كلية إمبريال لندن ومختبر العلوم الطبية التابع لمجلس البحوث الطبية: "نتوقع أن تؤدي نتائجنا إلى تحسين دقة الاختبارات الجينية السريرية وزيادة عدد المرضى الذين يمكن تقديم تفسير وراثي لهم".
وفي الدراسة، عملت فرق البحث مع متعاونين من جميع أنحاء العالم لجمع وتحليل نتائج 16 دراسة موجودة إلى جانب بيانات جديدة، ومقارنة الجينومات الخاصة بـ 14256 شخصًا مصابين باعتلال عضلة القلب المتوسع مع أكثر من مليون شخص لم يصابوا بالمرض.
ومن خلال مقارنة الجينومات للأشخاص المصابين بالمرض وغير المصابين به، تمكن الفريق من تحديد 80 منطقة من الجينوم ذات صلة محتملة بالمرض، ولم يتم الإبلاغ عن غالبيتها من قبل، بالإضافة إلى 62 جينًا محددًا داخل تلك المناطق التي من المحتمل أن يكون لها صلة بالمرض.
لقد طوروا درجة مخاطر متعددة الجينات، بناءً على مسح ارتباط الجينوم، وطبقوها على مجموعة بيانات منفصلة تضم 347585 فردًا في بنك المملكة المتحدة الحيوي، ووجدوا أن الأشخاص الذين لديهم متغير نادر يسبب مرضًا كانوا أكثر عرضة للإصابة بالمرض بأربع مرات (7.3٪ إلى 1.7٪) إذا كانت درجة مخاطرهم المتعددة الجينات في أعلى 20٪ مقارنة بأولئك الذين كانت درجة مخاطرهم في أدنى 20٪.
وقال البروفيسور وير: "لا يزال أمامنا الكثير من العمل لنفهم كيف تؤثر هذه الجينات المحددة التي تم تحديدها حديثًا على خطر الإصابة باعتلال عضلة القلب، ولكنها بالفعل تلقي الضوء على العمليات البيولوجية التي تكمن وراء هذه الحالة، ونأمل أن يقدم بعضها أدلة جديدة حول العلاجات الممكنة".
وأضاف: "إن إحدى خطواتنا القادمة هي استكشاف إمكانية دمج درجات المخاطر متعددة الجينات في الاختبارات الجينية، لتزويد المزيد من الأشخاص بتفسير وراثي لمرضهم وتقييم أكثر دقة لمخاطر المرض".
وقال البروفيسور متين أفكيران، مدير الشراكات الدولية والبرامج الخاصة في مؤسسة القلب البريطانية: "إن اعتلال عضلة القلب المتوسع هو حالة منهكة لا تتوفر لها سوى خيارات علاجية قليلة بمجرد تطورها".
وأضاف: "تمثل هذه الدراسة خطوة كبيرة إلى الأمام في فهمنا للجينات المرتبطة باعتلال عضلة القلب التوسعي، حيث تقدم صورة أكثر وضوحًا للمخاطر الفردية لدى الأشخاص الذين لا يحملون طفرة معروفة تسبب المرض في جين واحد، ويمكن أن تشكل هذه النتائج المبكرة الواعدة الأساس لمزيد من المراقبة والرعاية الشخصية، فضلًا عن الكشف عن أهداف محتملة لتطوير علاجات جديدة".