الخميس 30 يناير 2025 الموافق 30 رجب 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

ما سبب انخفاض خطر الإصابة بالسرطان مع تقدم العمر؟

الجمعة 06/ديسمبر/2024 - 09:44 م
سرطان الرئة
سرطان الرئة


عندما يتعلق الأمر بالسرطان، فإن الشيخوخة هي سلاح ذو حدين، وهذا ما يتعلمه الباحثون بشكل متزايد، حيث يعتبر العمر عامل الخطر الأكثر أهمية للإصابة بالسرطان.

السبب وراء ذلك أن الطفرات الجينية تتراكم في الخلايا على مدار سنوات وعقود، وفي النهاية تؤدي إلى تطور السرطان، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.

الآن تقدم دراسة أجراها باحثون في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان (MSK) وزملاؤهم أدلة جديدة حول كيف يمكن للتقدم في السن أن يكون أيضًا وقائيًا ضد السرطان.

نُشرت الدراسة، التي أجريت على نموذج فأري لسرطان الرئة، في مجلة Nature.

وقال المؤلف الأول للدراسة، الدكتور شيويه تشيان تشوانج:"نعلم أنه مع تقدم الناس في السن، يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان. ولكن لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن كيفية تأثير الشيخوخة على بيولوجيا السرطان".

وأضاف أن سرطان الرئة، كما هو الحال مع العديد من أنواع السرطان، يتم تشخيصه لدى معظم الأشخاص في سن السبعين تقريبًا، ولكن بمجرد بلوغ سن الثمانين أو الخامسة والثمانين، يبدأ معدل الإصابة في الانخفاض مرة أخرى.

وتابع: "إن بحثنا يساعد في توضيح السبب وراء ذلك. إذ تفقد الخلايا المسنة قدرتها على التجدد، وبالتالي على النمو الجامح الذي يحدث في السرطان".

وبشكل عام، يقول الباحثون إن النتائج لها دلالتان رئيسيتان.

أولا، يشير الباحثون إلى الدور غير المقدر الذي يلعبه الحديد في قدرة الخلايا المتقدمة في السن على التجدد - مما يشير إلى أن العلاجات التي تستهدف عملية التمثيل الغذائي للحديد قد تعمل بشكل أفضل لدى الأشخاص الأصغر سنا مقارنة بالأشخاص الأكبر سنا.

ثانيًا، يؤكدون على القيمة المحتملة للتدخل المبكر وجهود الوقاية، واستهداف الفترة التي يبدأ فيها ظهور معظم أنواع السرطان.

استقلاب الحديد

وللتحقق من سبب وصول حالات الإصابة بالسرطان إلى ذروتها في السنوات الأولى من الشيخوخة ثم بدء انخفاضها مرة أخرى، درس فريق البحث في MSK نموذج فأر معدّل وراثيًا لسرطان الغدة الرئوية، وهو نوع شائع من سرطان الرئة يمثل حوالي 7% من جميع وفيات السرطان في جميع أنحاء العالم.

أحد الأشياء التي تجعل دراسة الشيخوخة في النماذج المعملية صعبة هو أن الفئران تستغرق عامين حتى تتطور إلى عمر يعادل 65-70 عامًا لدى البشر، مما يجعل التجارب عملية طويلة وتتطلب موارد مكثفة.

ولكن بالنسبة لباحثي MSK، كان الجهد يستحق العناء. فقد وجد العلماء أنه مع تقدم الفئران في العمر، فإنها تنتج المزيد من البروتين المسمى NUPR1. وكلما زادت كمية NUPR1، كلما عملت الخلايا في الرئتين وكأنها تعاني من نقص الحديد.

يقول الدكتور تشوانج: "في الواقع تحتوي الخلايا المتقدمة في السن على المزيد من الحديد، ولكن لأسباب لا نفهمها بالكامل بعد، فإنها تعمل كما لو أنها لا تحتوي على ما يكفي منها".

وبما أن الخلايا في الفئران الأكبر سنًا كانت تعمل وكأنها لا تحتوي على ما يكفي من الحديد، فقد فقدت بعض قدرتها على التجدد. ولأن هذه القدرة على التجدد ترتبط ارتباطًا مباشرًا بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، فقد أصيبت الفئران الأكبر سنًا بأورام أقل كثيرًا من نظيراتها الأصغر سنًا.

ومن المثير للاهتمام أن هذا التأثير يمكن عكسه عن طريق إعطاء الفئران الأكبر سنا كمية إضافية من الحديد أو عن طريق تقليل كمية NUPR1 في خلاياها.

يقول الدكتور تاميلا: "نعتقد أن هذا الاكتشاف قد يكون له بعض الإمكانات الفورية لمساعدة الناس. في الوقت الحالي، يعيش ملايين الأشخاص، وخاصة بعد جائحة كوفيد-19، بوظائف رئة غير كافية لأن رئاتهم لم تتعافى تمامًا من العدوى، أو لأي سبب آخر. أظهرت تجاربنا على الفئران أن إعطاء الحديد يمكن أن يساعد الرئتين على التجدد، ولدينا طرق جيدة حقًا لتوصيل الأدوية مباشرة إلى الرئتين - مثل أجهزة استنشاق الربو".

ولكن هنا أيضًا يأتي دور الطبيعة ذات الحدين لهذا الاكتشاف. فمن خلال استعادة قدرة الخلايا في الرئتين على التجدد، فإن المرء يزيد أيضًا من قدرة الأنسجة على الإصابة بالسرطان، كما أظهرت الدراسة.

ويضيف قائلًا: "لذا فإن هذا النوع من النهج قد لا يكون مناسبًا للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالسرطان".

كما أن النتائج التي توصل إليها الفريق لها آثار مهمة على العلاجات القائمة على نوع من موت الخلايا يسمى موت الخلايا الحديدي، والذي يحفزه الحديد.

تم اكتشاف موت الخلايا الحديدي في عام 2012، وهناك عدد من المركبات الجزيئية الصغيرة التي تسبب موت الخلايا الحديدي، فضلًا عن الأدوية التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء سابقًا، والتي يتم التحقيق فيها لمعرفة قدرتها على قتل الخلايا السرطانية.

ووجد الباحثون أن الخلايا الأكبر سنًا أكثر مقاومة للموت الحديدي من الخلايا الأصغر سنًا لأنها تعمل كما لو أنها لا تحتوي على ما يكفي من الحديد، وهذا يعني أن العلاجات التي تستهدف الموت الحديدي قد لا تكون بنفس فعالية المرضى الأكبر سنًا كما هي الحال مع المرضى الأصغر سنًا.

يقول الدكتور تاميلا: "أحد الأشياء التي أظهرناها من خلال استكشاف كل هذا البيولوجيا الحديدية هو أن موت الخلايا الحديدي يثبط الورم، كما يشتبه الجميع - ولكن بشكل أعمق في الحيوانات الأصغر سنًا".

ويضيف الدكتور تشوانج: "بالنسبة لنا، هذا يعني أنه بما أن بيولوجيا الخلايا تتغير مع التقدم في السن، فإن حساسية الخلايا للأدوية تتغير أيضًا، لذا قد يحتاج الأطباء إلى توخي الحذر الشديد في التجارب السريرية، على سبيل المثال، للنظر في التأثيرات على المرضى الأكبر سنًا والأصغر سنًا".