هل هناك علاقة بين توقيت انقطاع الطمث وخطر الإصابة بالسرطان؟
توصل بحث جديد إلى 4 جينات لها بعض من أكبر التأثيرات المعروفة على توقيت انقطاع الطمث والتي تم اكتشافها حتى الآن، مما يوفر رؤية جديدة حول الروابط بين توقيت انقطاع الطمث وخطر الإصابة بالسرطان.
وتأتي الجينات في أزواج، وعندما يكون لدى النساء نسخة عاملة واحدة فقط من الجينات الأربعة الجديدة التي تم تحديدها (ETAA1، ZNF518A، PNPLA8، PALB2)، فإنهن يعانين من انقطاع الطمث قبل المتوسط بفترة تتراوح بين عامين إلى خمسة أعوام ونصف، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
نُشرت الدراسة واسعة النطاق، والتي حملت عنوان "الروابط الجينية بين شيخوخة المبيض وخطر الإصابة بالسرطان ومعدلات الطفرات الجديدة"، في مجلة Nature.
نظر الفريق أولًا إلى التباين في البيانات المستمدة من التسلسل الجيني لـ 106.973 مشاركة من الإناث بعد انقطاع الطمث في دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وركز الباحثون على الأنواع النادرة من التغيرات الجينية التي تسبب فقدان البروتين، وحققوا في تأثيرها على توقيت انقطاع الطمث.
إن التغيرات الجينية التي تمت دراستها نادرة في السكان، ومع ذلك، فإن تأثيرها على انقطاع الطمث أكبر بخمس مرات من تأثير أي متغير جيني شائع تم تحديده سابقًا.
تم العثور على أقوى تأثير من المتغيرات الجينية في ZNF518A، والتي تم العثور عليها فقط في واحدة من كل 4000 امرأة.
وقد أدت هذه المتغيرات إلى تقصير العمر الإنجابي أكثر من معظم الجينات التي تم تحديدها سابقًا.
ويساهم اكتشاف تأثير الجينات في تمكين العلماء من فهم الآليات البيولوجية التي تكمن وراء انقطاع الطمث، وارتباطها بأمراض أخرى.
قالت البروفيسورة آنا موراي، من كلية الطب بجامعة إكستر، والتي شاركت في قيادة الدراسة: "لم يتم إجراء أبحاث كافية حول انقطاع الطمث لعقود من الزمن، ولكن الآن أصبح هذا مجالًا سريع التطور من العلوم، إن توقيت انقطاع الطمث له تأثير كبير على النساء أثناء تخطيطهن لمهنهن وحياتهن، وفهم التغيرات الجينية له أهمية خاصة من حيث العلاجات المحتملة التي يمكن أن تطيل الحياة الإنجابية في المستقبل".
فقدان البويضات
عندما يحدث تلف في الحمض النووي غير قابل للإصلاح في البويضات، فإنها قد تموت.
إن معدل فقدان البويضات يحدد متى تصل المرأة إلى سن اليأس.
وقد أظهرت أعمال الفريق السابقة أن العديد من الجينات التي تؤثر على توقيت سن اليأس من المرجح أن تفعل ذلك من خلال التأثير على سلامة الجينات في البويضات.
وتؤثر نفس العوامل على خلايا وأنسجة أخرى بالتوازي، وفي هذه الدراسة الجديدة، وجد الفريق أن العديد من الجينات المرتبطة بتوقيت انقطاع الطمث هي أيضًا عوامل خطر للإصابة بالسرطان. وتشمل هذه التغيرات في جينات BRCA1 وBRCA2، والتي تؤدي إلى انقطاع الطمث المبكر وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
ويعتقد أن هذه هي العملية التي تجري في جين خامس جديد مرتبط بتوقيت انقطاع الطمث (SAMHD1). واكتشف الفريق أن التغيرات في هذا الجين يمكن أن تتسبب في دخول النساء في سن اليأس بعد عام من المتوسط، كما وجد الباحثون لأول مرة أن التغيرات في هذا الجين تسبب الاستعداد للإصابة بأنواع مختلفة من السرطان لدى الرجال والنساء.
وأضاف البروفيسور جون بيري، المشارك في قيادة وحدة علم الأوبئة في مجلس البحوث الطبية بجامعة كامبريدج: "تشير الأبحاث السابقة إلى أن المبيض الأنثوي يتقدم في العمر بمعدل أسرع من الأعضاء الأخرى في الجسم، وهذا هو نظام نموذجي لفهم بيولوجيا الشيخوخة على نطاق أوسع".
وتابع: "يعتمد بحثنا الأخير على هذا المفهوم، مما يدل على أن دراسة شيخوخة المبيض لن تؤدي فقط إلى فهم أفضل للبيولوجيا وراء العقم وغيره من الاضطرابات التناسلية، ولكنها ستعزز فهمنا للعمليات الأساسية التي تنظم تلف الحمض النووي وخطر الإصابة بالسرطان في عموم السكان".
وباستخدام بيانات من مشروع 100 ألف جينوم، الذي تقوده مؤسسة جينوميكس إنجلترا وهيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، وجد الفريق بعد ذلك أن الأمهات اللاتي لديهن عدد كبير من المتغيرات الجينية التي تسبب انقطاع الطمث المبكر يميلن إلى وجود المزيد من التغييرات الجديدة في الحمض النووي التي ينقلنها إلى أطفالهن.
ويعتقد مؤلفو الدراسة أن السبب في ذلك هو أن الجينات ذات الصلة تشارك في إصلاح الضرر الذي يلحق بالحمض النووي، وبالتالي فإن هذه الوظيفة قد تكون معطلة في المبايض، مما يسمح بحدوث تغييرات جينية جديدة في البويضات.
وقالت الدكتورة هيلاري مارتن، أحد المشاركين في الدراسة من معهد ويلكوم سانجر: "إن التغييرات الجديدة في الحمض النووي في البويضة أو الحيوان المنوي هي مصدر كل التنوع الجيني في البشر، مما يساهم في الاختلافات بين الأفراد في مظهرهم وسلوكياتهم وخطر الإصابة بالأمراض".
وأضافت: "حتى الآن، لم نكن نعرف سوى القليل جدًا عن العوامل التي تؤثر على هذه التغيرات الجديدة في الحمض النووي، باستثناء عمر الوالدين، وهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها أن الاختلاف المشترك الموجود في الحمض النووي يؤثر على معدل هذه التغيرات".