كيف يحول الدماغ الإحساس إلى فعل؟
كشف فريق من علماء الأعصاب عن كيفية تحويل المدخلات الحسية إلى حركة عبر مناطق متعددة من الدماغ لدى الفئران.
ويُظهِر البحث الذي أُجري في مركز سينسبري ويلكوم بجامعة كوليدج لندن أن اتخاذ القرار عملية عالمية عبر الدماغ يتم تنسيقها من خلال التعلم.
ويمكن أن تساعد النتائج في أبحاث الذكاء الاصطناعي من خلال توفير رؤى حول كيفية تصميم شبكات عصبية أكثر توزيعًا، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
أوضح البروفيسور توم مرسيك فلوجيل، مدير مركز سينسبري ويلكوم في جامعة لندن والمؤلف المشارك في البحث: "يوحد هذا العمل المفاهيم التي تم وصفها سابقًا لمناطق الدماغ الفردية في رؤية متماسكة تتوافق مع ديناميكيات الأعصاب في جميع أنحاء الدماغ، ولدينا الآن صورة كاملة لما يحدث في الدماغ عندما يتم تحويل المدخلات الحسية من خلال عملية اتخاذ القرار إلى عمل".
تفاصيل البحث
وتوضح الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature، كيف استخدم الباحثون مجسات Neuropixels، وهي تقنية متطورة تتيح التسجيلات المتزامنة عبر مئات الخلايا العصبية في مناطق متعددة من الدماغ، لدراسة الفئران المشاركة في مهمة اتخاذ القرار.
وقد سمحت المهمة التي طورتها الدكتورة إيفانا أورسوليك في مركز ساوث ويست، للفريق بالتمييز بين المعالجة الحسية والتحكم الحركي، كما كشف الباحثون عن مساهمة التعلم من خلال دراسة الحيوانات المدربة على المهمة ومقارنتها بالحيوانات الساذجة.
أوضح الدكتور مايكل لوهس، المؤلف الأول المشارك في البحث: "نحن غالبًا ما نتخذ قرارات بناءً على أدلة غامضة، على سبيل المثال، عندما يبدأ المطر، عليك أن تقرر مدى تكرار هطول المطر قبل أن تفتح مظلتك، لقد درسنا نفس تكامل الأدلة الغامضة في الفئران لفهم كيفية معالجة الدماغ للقرارات الإدراكية".
تم تدريب الفئران على الوقوف ساكنة أثناء مشاهدتها لنمط بصري يتحرك على الشاشة، وللحصول على مكافأة، كان على الفئران أن تلعق فوهة عندما تكتشف زيادة مستمرة في سرعة حركة النمط البصري.
تم تصميم المهمة بحيث لا تكون سرعة الحركة ثابتة أبدًا، بل تتقلب باستمرار.
كما تغير توقيت الزيادة في السرعة المتوسطة من تجربة إلى أخرى، بحيث لم يعد بوسع الفئران أن تتذكر ببساطة متى حدثت الزيادة المستمرة، وبالتالي، كان لزامًا على الفئران أن تنتبه باستمرار إلى الحافز وأن تدمج المعلومات لمعرفة ما إذا كانت الزيادة في السرعة قد حدثت بالفعل.
وأوضح الدكتور أندريه خيلكيفيتش، المؤلف الأول المشترك في الدراسة: "من خلال تدريب الفئران على الوقوف ساكنًا، كان تحليل البيانات الذي تمكنا من إجرائه أكثر نظافة، وسمحت لنا المهمة بالنظر إلى كيفية تتبع الخلايا العصبية للتقلبات العشوائية في السرعة قبل أن تقوم الفئران بأي إجراء".
وأضاف: "في الفئران المدربة، وجدنا أنه لا توجد منطقة واحدة في المخ تدمج الأدلة الحسية أو تنظم العملية. وبدلًا من ذلك، وجدنا أن الخلايا العصبية الموزعة بشكل متفرق ولكن على نطاق واسع في جميع أنحاء المخ تربط بين الأدلة الحسية وبدء العمل".
سجل الباحثون من كل فأر عدة مرات وجمعوا بيانات من أكثر من 15 ألف خلية عبر 52 منطقة في المخ لدى 15 فأرًا مدربًا. وللنظر في التعلم، قارن الفريق أيضًا النتائج بالتسجيلات من الفئران الساذجة.
في هذه الدراسة، نظر الفريق فقط إلى الحيوانات الساذجة وتلك التي تعلمت المهمة بشكل كامل، ولكن في العمل المستقبلي يأملون في الكشف عن كيفية حدوث عملية التعلم من خلال تتبع الخلايا العصبية بمرور الوقت لمعرفة كيف تتغير عندما تبدأ الفئران في فهم المهمة.
ويسعى الباحثون أيضًا إلى استكشاف ما إذا كانت مناطق محددة في الدماغ تعمل كمراكز سببية في إنشاء هذه الروابط بين الأحاسيس والأفعال.