كيف يتسبب الكوليسترول في حدوث النوبات القلبية؟
توصلت هيئة الأبحاث الرئيسية التابعة للحكومة الأمريكية إلى اكتشاف مهم من شأنه أن يساعد في ابتكار أدوية جديدة لخفض نسبة الكوليسترول "الضار"، ويأمل الباحثون أن يمنعوا النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
ولكن الجزء المثير للاهتمام في هذه القصة ليس الاكتشاف نفسه فحسب، بل التكنولوجيا المسؤولة عنه: نوع جديد نسبيا من المجهر الذي جمد جزيئات الكوليسترول LDL، مما يسمح للباحثين لأول مرة بالحصول على رؤية مفصلة لبنية LDL وإيجاد طرق جديدة لوقف تراكم LDL في الجسم.
سمحت تقنية المجهر الإلكتروني المبرد لعلماء المعاهد الوطنية للصحة برؤية كيفية تراكم LDL في الدم، وقد فاز مخترعو المجهر بجائزة نوبل في عام 2017، وتعد هذه التقنية باختراقات من جميع الأنواع في العلوم.
فرط كوليسترول الدم العائلي
وبحسب موقع ميديكال إكسبريس، قالت المعاهد الوطنية للصحة إن البحث باستخدام هذه الأداة سوف يكون له فوائد صحية خطيرة، لأنها سمحت لهم لأول مرة برؤية كيف يتراكم الكوليسترول "الضار"، المعروف باسم كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة أو LDL-C، في الجسم، ويسبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية لدى الأشخاص الذين لديهم نسبة عالية من الكوليسترول LDL وراثيا.
تُعرف هذه الحالة باسم فرط كوليسترول الدم العائلي.
يتسبب هذا الاضطراب الوراثي في ارتفاع مستويات الكوليسترول السيئ (LDL) واستمرار ارتفاعها. تبدأ هذه الحالة منذ الولادة ويمكن أن تسبب نوبات قلبية في سن مبكرة، وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة.
ويأمل الباحثون أن يساعد هذا الاختراق العلماء في علاج فرط كوليسترول الدم العائلي، الذي يصيب واحدا من كل 250 أمريكيا، ويزيد من احتمال الوفاة بسبب مرض الشريان التاجي في سن أصغر.
في الوقت الحاضر، يعالج معظم المصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي هذا المرض بتناول الستاتينات أو أدوية أخرى، ولكن حتى اكتشاف المعهد الوطني للصحة في ديسمبر/كانون الأول، والذي سمح لهم بالتقاط نوع من الصور الثابتة للجزيء، لم يكن من المفهوم تمامًا الطريقة الفعلية التي يتراكم بها LDL في الجسم.
وقال الدكتور آلان ريمالي، كبير الباحثين في مجال استقلاب البروتين الدهني في المعهد الوطني للصحة، إن النتائج تقدم رؤى جديدة قد تؤدي في يوم من الأيام إلى أنواع جديدة من الأدوية. وأوضح ريمالي: "توفر نتائجنا استراتيجية جديدة محتملة لزيادة قدرة مستقبلات البروتين الدهني منخفض الكثافة على الارتباط بالبروتين الدهني منخفض الكثافة وإزالته من الدورة الدموية".
وأوضحت الدكتورة أديتي داس والدكتور إم جي فين، وكلاهما من كلية الكيمياء والكيمياء الحيوية في معهد جورجيا للتكنولوجيا أن هذه التكنولوجيا تمثل ثورة في علم الأحياء والكيمياء الحيوية لأنها تسمح للعلماء بتحديد هياكل الجزيئات البيولوجية بتفاصيل كبيرة.
إن كيفية عمل الجزيئات تتحدد من خلال بنيتها. ويوضح فين: "عندما نتعرف على بنيتها، نحصل على فكرة كبيرة عن كيفية عملها، وكيفية إصلاحها إذا كانت معيبة، أو كيفية إيقافها إذا تسببت في ضرر.
إن الطبيعة هي المهندس الجزيئي الأعظم، ونحن بحاجة إلى تقنيات مثل المجهر الإلكتروني بالتبريد لنرى تفاصيل ما تبنيه".
لماذا LDL سيئ؟
تحقق هذا الاختراق عندما تمكن المعهد الوطني للصحة من الحفاظ على بنية البروتين الدهني منخفض الكثافة، من خلال إنشاء نوع من الإطار المتجمد الذي حبس البروتين الدهني منخفض الكثافة في شكل جليد سمح برؤيته بواسطة المجهر الإلكتروني، وأُرسلت الصور إلى خوارزمية كمبيوترية قامت بعد ذلك ببناء نموذج ثلاثي الأبعاد للجزيء.
وقال فين إن تكلفة أجهزة التبريد الإلكتروني تتراوح بين 2 إلى 3 ملايين دولار لكل جهاز، وأصبحت أدوات أساسية للأبحاث البيولوجية والطبية الحيوية الحديثة. ويوجد في أتلانتا اثنان منها: أحدهما في معهد جورجيا للتكنولوجيا، والآخر في إيموري.
إن حقيقة أن الكوليسترول LDL يساهم في أمراض القلب والأوعية الدموية معروفة منذ بعض الوقت، ولكن حتى اكتشاف المعهد الوطني للصحة، لم يتمكن الباحثون من مراقبة العملية تمامًا.
يؤدي LDL إلى تراكم الرواسب الدهنية، المعروفة باسم اللويحات، في جدران الشرايين، وهو السبب الرئيسي لأمراض القلب.
لا يعد غرض LDL ضارًا تمامًا: وظيفته هي نقل الكوليسترول إلى الخلايا للحصول على الطاقة أو الإصلاح أو إنتاج الهرمونات.
ولكن زيادة نسبة الكوليسترول السيئ LDL ضارة، والكبد ينتج الكثير من الكوليسترول السيئ LDL عندما نتناول الدهون غير الصحية (مثل الدهون المشبعة والمتحولة)، مما يساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
يمكن أن يعلق الكوليسترول الضار LDL الزائد في مجرى الدم في الشرايين، مما يؤدي إلى الالتهاب وتضييق الأوعية الدموية.
مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي تراكم هذه اللويحات إلى تقليل تدفق الدم أو تمزقه، مما يشكل جلطات تمنع وصول الدم إلى القلب أو الدماغ، مما يؤدي إلى النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
مخاطر الدهون المشبعة
توجد الدهون المشبعة بشكل طبيعي في المنتجات الحيوانية (مثل الزبدة والجبن واللحوم الدهنية) وبعض الزيوت الاستوائية (مثل زيت جوز الهند وزيت النخيل).
الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة يمكن أن يرفع مستوى الكوليسترول السيئ.
توجد الدهون المتحولة في السمن النباتي والسمن النباتي والمخبوزات والأطعمة المقلية. وهي ترفع مستويات الكوليسترول السيئ بشكل كبير بينما تخفض مستويات الكوليسترول الجيد، مما يجعلها أكثر ضررًا، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية.
ولتحسين صحة القلب، من الأفضل استبدال هذه الدهون بخيارات غير مشبعة مثل تلك الموجودة في الأسماك والمكسرات والبذور والأفوكادو والزيوت النباتية، كما قال الدكتور داني جيه إيبن، من مركز إعادة تأهيل القلب في مستشفى إيموري سانت جوزيف وكلية الطب بجامعة إيموري. كما قال إيبن إن زيت الزيتون يمكن أن يساعد أيضًا في خفض الكوليسترول، وخاصةً عندما يحل محل الدهون الضارة مثل الزبدة والسمن.