الأحد 19 يناير 2025 الموافق 19 رجب 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في قراءة الإشارات الكهربائية الداخلية لخلايا القلب؟

السبت 18/يناير/2025 - 07:47 م
كهرباء القلب
كهرباء القلب


طور فريق من الباحثين طريقة غير جراحية لمراقبة النشاط الكهربائي داخل خلايا عضلة القلب من الخارج، وتجنب الحاجة إلى اختراق الخلايا جسديا.

تعتمد الطريقة، التي نُشرت في مجلة Nature Communications، على تسجيل الإشارات الكهربائية من خارج الخلايا واستخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة بناء الإشارات داخل الخلايا بدقة مذهلة.

عنوان الورقة البحثية هو "الكهرباء الفسيولوجية الذكية داخل الخلايا: إعادة بناء إمكانات العمل داخل الخلايا باستخدام نموذج التعلم العميق المستنير بالفيزياء المدرب على تسجيلات مجموعة الأقطاب الكهربائية النانوية".

توفر الإشارات الكهربائية داخل خلايا عضلة القلب رؤى حول كيفية عمل القلب، وكيف تتواصل خلاياه وكيف تستجيب للأدوية، لكن التقاط هذه الإشارات ينطوي عادة على ثقب الخلايا بأقطاب كهربائية صغيرة، وهو ما قد يؤدي إلى إتلافها وجعل الاختبارات واسعة النطاق معقدة.

الآن، تمكن الباحثون من إيجاد طريقة للنظر داخل الخلايا دون الدخول إليها فعليا.

ويكمن المفتاح في استخراج العلاقة بين الإشارات داخل الخلايا (الإشارات داخل الخلايا) وتلك المسجلة على سطحها (الإشارات خارج الخلايا).

قالت زينب جاهد، أستاذة في قسم الهندسة الكيميائية والنانوية في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وهي واحدة من كبار مؤلفي الدراسة: "اكتشفنا أن الإشارات خارج الخلية تحتوي على المعلومات التي نحتاجها لفتح السمات داخل الخلية التي نهتم بها".

ورغم إمكانية التقاط الإشارات خارج الخلية باستخدام طرق أقل تدخلًا، إلا أنها لا توفر الكثير من التفاصيل حول النشاط الكهربائي للخلية.

وأضافت جاهد: "إن الأمر يشبه الاستماع إلى محادثة عبر الحائط - يمكنك اكتشاف حدوث الاتصال، لكنك تفوت التفاصيل المحددة".

وتابعت: "على النقيض من ذلك، تقدم الإشارات داخل الخلايا التفاصيل، مما يجعلك تشعر وكأنك تجلس داخل الغرفة وتسمع كل كلمة بوضوح، ولكن لا يمكن التقاطها إلا من خلال طرق أكثر تدخلًا وأكثر تحديًا من الناحية الفنية".

وباستخدام الذكاء الاصطناعي، قام جاهد وكيفان رحماني، المؤلف الأول للدراسة، وزملاؤهما بتطوير طريقة لربط الإشارات خارج الخلية بإشارات داخل الخلايا محددة.

أقطاب كهربائية

ولتطوير الطريقة الجديدة، قام الفريق أولًا بتصميم مجموعة من الأقطاب الكهربائية على شكل إبرة على نطاق النانو.

وتتكون هذه الأقطاب الكهربائية، التي يبلغ حجم كل منها 200 مرة أصغر من خلية عضلة القلب الواحدة، من السيليكا المطلية بالبلاتين. وتم زراعة خلايا عضلة القلب المشتقة من الخلايا الجذعية ثم وضعها على مجموعة الأقطاب الكهربائية.

قام الباحثون بجمع مجموعة بيانات ضخمة - آلاف الأزواج من الإشارات الكهربائية - كل زوج يربط تسجيلًا خارج الخلية بإشارته داخل الخلية المقابلة.

تضمنت البيانات كيفية استجابة الخلايا عند تعرضها لأدوية مختلفة.

قدم هذا مكتبة غنية من البيانات حول كيفية تصرف خلايا عضلة القلب في ظل ظروف مختلفة.

عند تحليل هذه الأزواج، حدد الباحثون أنماطًا بين الإشارات خارج الخلايا وداخلها. ثم قاموا بتدريب نموذج التعلم العميق للتنبؤ بمظهر الإشارات داخل الخلايا بناءً على التسجيلات خارج الخلايا فقط.

في الاختبارات، أنشأ نموذجهم عمليات إعادة بناء دقيقة وكاملة للإشارات داخل الخلايا.

وقالت جاهد إن هذا العمل له تطبيقات مهمة في فحص الأدوية. فكل دواء جديد لابد أن يخضع لاختبارات صارمة للتأكد من أنه لا يؤثر سلبًا على القلب ـ وهي العملية المعروفة باسم اختبار السمية القلبية.

يتضمن جزء من هذه العملية جمع بيانات تفصيلية داخل الخلايا من خلايا القلب.

يمكن للتغيرات الدقيقة في هذه الإشارات الكهربائية أن توفر أدلة حول تأثيرات الدواء على القلب، مما قد يساعد مطوري الأدوية في تقييم سلامة الأدوية الجديدة.

وقالت جاهد: "إن هذه العملية في الوقت الحالي طويلة ومكلفة. وتبدأ عادة باختبارات على نماذج حيوانية، والتي لا تتنبأ دائمًا بالنتائج البشرية".

وباستخدام النهج الجديد القائم على الذكاء الاصطناعي في هذه الدراسة، يستطيع الباحثون اختبار الأدوية مباشرة على خلايا القلب البشرية.

يمكن أن يوفر هذا صورة أكثر دقة لكيفية تصرف الدواء في جسم الإنسان، وبالتالي تجاوز الحاجة إلى إجراء اختبارات مبكرة على الحيوانات.

وقالت جاهد "إن هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الوقت والتكلفة اللازمين لتطوير الأدوية، ولأن الخلايا المستخدمة في هذه الاختبارات مستمدة من الخلايا الجذعية البشرية، فإن هذا يفتح الباب أيضًا أمام الطب الشخصي، حيث يمكن اختبار الأدوية على خلايا خاصة بكل مريض للتنبؤ بكيفية استجابة الفرد لهذه العلاجات".

وبينما ركزت الدراسة الحالية على خلايا عضلة القلب، يعمل الباحثون بالفعل على توسيع نطاق طريقتهم لتشمل أنواعًا أخرى من الخلايا، بما في ذلك الخلايا العصبية، ويتلخص هدفهم في تطبيق هذه التكنولوجيا لفهم مجموعة واسعة من الأنشطة الخلوية في الأنسجة المختلفة بشكل أفضل.