الإثنين 03 فبراير 2025 الموافق 04 شعبان 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

فحص دم يمكنه التنبؤ بخطر الإصابة بـ اكتئاب ما بعد الولادة

الإثنين 03/فبراير/2025 - 05:30 ص
اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة


وفقا لدراسة أجراها باحثون فإن النساء اللاتي يعانين من اكتئاب مابعد الولادة قد يكون لديهن مستويات مميزة من الستيرويدات العصبية النشطة في دمائهن خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل.

الستيرويدات العصبية النشطة هي جزيئات مشتقة من هرمون البروجسترون، وتؤثر هذه الجزيئات على استجابة الدماغ للتوتر وتنظيم العواطف.

وتشير النتائج المنشورة في مجلة Neuropsychopharmacology إلى أن هذا قد يوفر وسيلة لتحديد النساء المعرضات لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة قبل بدء الأعراض، مما يسمح للأطباء بالتدخل في وقت مبكر.

اكتئاب ما بعد الولادة

يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة، وهو اكتئاب حاد يحدث بعد الولادة، على 10-15% من الأمهات الجدد، مما يسبب صراعات عاطفية يمكن أن تؤثر على كل من الوالد والطفل لسنوات.

وتشمل الأعراض صعوبة الارتباط بالطفل، والشعور باليأس والحزن، والتعب، وفقدان الشهية، وصعوبة النوم، على سبيل المثال لا الحصر.

قالت الدكتورة لورين أوزبورن، الأستاذة المساعدة في أمراض النساء والتوليد والطب النفسي في كلية طب وايل كورنيل، والتي شاركت في قيادة الدراسة: "مرحلة ما بعد الولادة هي الوقت الوحيد في عمر الإنسان الذي نعرف فيه أن هناك محفزًا بيولوجيًا يضمن إصابة نسبة معينة من الناس بالمرض".

وأضافت: "إذا تمكنا من فك تشابك هذه البيولوجيا والعثور على متنبئين لها، فلن نساعد النساء فقط، بل قد يمنحنا ذلك خطوة للأمام في محاولة العثور على متنبئين لأمراض نفسية أخرى أيضًا".

كما شاركت الدكتورة جينيفر باين، في قيادة هذا البحث، وأمضت سنوات عديدة أيضًا في البحث عن الأساس البيولوجي الذي يؤدي إلى الاكتئاب السريري الشديد.

وقالت إن "دراسة اكتئاب ما بعد الولادة تمنحنا طريقة لتحديد التغيرات البيولوجية التي تحدث قبل أن يصاب شخص ما بالاكتئاب لأن توقيت اكتئاب ما بعد الولادة يمكن التنبؤ به".

إشارة تحذيرية

قال الدكتور أوزبورن: "لقد قارنت العديد من الأبحاث متوسطات مستويات الستيرويدات العصبية مع متوسطات الحالة المزاجية عبر الزمن، وهو ما يخبرنا فقط أن هناك بعض الارتباط البيولوجي ولكن لا يساعدنا سريريًا".

ولمعالجة هذه الفجوة، اقتصر الباحثون في دراستهم على 136 امرأة لم يعانين من الاكتئاب أثناء الحمل وقاسوا مستويات الستيرويدات العصبية في عينات الدم الخاصة بهن في نقاط زمنية محددة خلال الثلثين الثاني والثالث من الحمل، كما تابعوا البيانات السريرية لمدة تصل إلى تسعة أشهر بعد الولادة. وقد ظهرت أعراض الاكتئاب على ثلاث وثلاثين مشاركة في فترة ما بعد الولادة.

وقالت الدكتورة أوزبورن: "بينما يمكن أن يتجلى الاكتئاب في أوقات مختلفة طوال فترة الحمل وبعدها، فإن ظهوره في وقت مبكر، خلال أربعة إلى ستة أسابيع، هو كيان بيولوجي مميز".

ركزت الدراسة على هرمون البروجسترون ومساره الأيضي باعتبارهما من المشتبه بهم المحتملين في الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة.

يبدو أن هناك نوعين من الستيرويدات العصبية المشتقة من البروجسترون والتي تؤثر على خطر الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة، وهما البريجنانولون والإيزوالوبريجنانولون.

يعمل البريجنانولون على مستقبل GABA-A لتوفير تأثيرات مهدئة وتقليل التوتر. وعلى العكس من ذلك، يتفاعل الأيزوالوبريجنانولون مع مستقبل GABA-A لزيادة التوتر.

وقد توصلت الدراسة إلى أنه في الثلث الثالث من الحمل، كان لدى الأفراد الذين أصيبوا باكتئاب ما بعد الولادة نسبة أقل من البريجنانولون/البروجيستيرون ونسبة أعلى من الأيزوالوبريجنانولون/البروجيستيرون مقارنة بمن لم يصابوا باكتئاب ما بعد الولادة.

كما ارتبطت مستويات البروجسترون المرتفعة في أواخر الحمل أيضًا بارتفاع خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، مما يشير إلى انخفاض استقلاب البروجسترون إلى منتجاته المفيدة في مجرى الدم.

وقالت الدكتورة أوزبورن: "إذا تمكنا من تكرار هذه النتائج، فقد يصبح هذا اختبارًا سريريًا قادرًا على التنبؤ بتطور الأمراض في المستقبل".

على الرغم من عدم وضوح سبب إصابة بعض النساء باكتئاب ما بعد الولادة، تشير هذه النتائج إلى أنه قد يكون هناك خلل في عملية التمثيل الغذائي لهرمون البروجسترون.

عندما أدى هذا إلى زيادة كبيرة في هرمون البروجسترون أو استقلابه بشكل تفضيلي إلى إيزوالوبيريجنانولون بدلًا من المستقلبات الإيجابية، كانت هؤلاء النساء أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة بأربع مرات.

قد يكون هذا مرتبطًا بالنشاط النسبي لأنزيمين (3α-HSD و3β-HSD) اللذين يساعدان في تحويل البروجسترون إلى بريجنانولون وإيزوالوبريجنانولون.

نحو علاج وقائي

في الوقت الحالي، يمكن وصف علاجين جديدين، البريكسانولون والزورانولون، بمجرد تشخيص إصابة شخص ما باكتئاب ما بعد الولادة.

تفتح نتائج الدراسة الباب أمام علاج وقائي محتمل للنساء الحوامل اللاتي تكشف اختبارات الدم لديهن عن مستويات من الستيرويدات العصبية النشطة المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة.

وقالت الدكتورة أوزبورن: "لا نعلم ما إذا كانت هذه الأدوية ستعمل كإجراء وقائي للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة، ولكن استنادًا إلى النتائج التي توصلنا إليها، فإنها لديها القدرة على منع تطور الاكتئاب بعد الولادة".

ويخطط الباحثون لتكرار نتائجهم على مجموعة أكبر وأكثر تنوعًا من المرضى.

بالإضافة إلى ذلك، سيحدد الدكتور أوزبورن والدكتور باين وفريقيهما ما يحدث في المسار الأيضي للبروجيستيرون قبل تطور الاكتئاب بعد الولادة من خلال قياس مستويات الإنزيمين اللذين يحولان البروجسترون إلى مستقلباته بشكل مباشر.