الإثنين 21 أبريل 2025 الموافق 23 شوال 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

ميكروبات الأمعاء تطلق أحماضًا صفراوية مضادة للسرطان| دراسة

الجمعة 18/أبريل/2025 - 01:27 م
ميكروبات الأمعاء
ميكروبات الأمعاء


يمكن للبكتيريا الموجودة طبيعيا في أمعاء الإنسان، المعروفة باسم ميكروبات الأمعاء، تحويل الأحماض الصفراوية المشتقة من الكوليسترول إلى مستقلبات قوية تعزز المناعة المضادة للسرطان.

يحدث ذلك عن طريق حجب إشارات الأندروجين، وفقًا لدراسة ما قبل السريرية أجراها باحثون في كلية طب وايل كورنيل، نُشرت الدراسة في مجلة Cell.

قال الدكتور تشون جون جو، المؤلف المشارك الرئيسي: "لقد فوجئت جدًا بنتائجنا، على حد علمي، لم يكتشف أحد سابقًا جزيئات مثل هذه الأحماض الصفراوية التي يمكنها التفاعل مع مستقبلات الأندروجين بهذه الطريقة".

الأحماض الصفراوية الأولية

يُنتج الكبد الأحماض الصفراوية الأولية، ثم تُطلق في الأمعاء، حيث تعمل مجموعات متنوعة من البكتيريا معًا لتعديل بنيتها الكيميائية.

اشتبه الباحثون في أن هذه التعديلات الميكروبية المعوية قد تؤثر على كيفية عمل الأحماض الصفراوية وتفاعلها مع مسارات الإشارات البشرية.

لاختبار هذه الفكرة، شرع الباحثون في استكشاف المدى الكامل للتعديلات البكتيرية للأحماض الصفراوية، وفهم كيفية تأثير هذه التغييرات على أدوارها البيولوجية.

اتضح أن بكتيريا الأمعاء تتمتع بقدرة هائلة على تحويل الأحماض الصفراوية.

يقول الدكتور جو: "اكتشفنا أكثر من 50 جزيئًا مختلفًا من الأحماض الصفراوية التي عدّلتها ميكروبات الأمعاء، والعديد منها لم يُكتشف من قبل".

قد تفتح هذه التراكيب المكتشفة حديثًا آفاقًا جديدة في علم الأحياء، لا سيما في كيفية تفاعلها مع المستقبلات البشرية التي تستشعر الأحماض الصفراوية.

ونظرًا لأن الأحماض الصفراوية تشترك في نفس البنية الستيرويدية مع الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون والإستروجين، فقد أثار هذا التشابه الهيكلي سؤالًا محيرًا للباحثين: هل يمكن لهذه الأحماض الصفراوية المعدلة ميكروبيًا أن تتفاعل أيضًا مع مستقبلات الهرمونات الجنسية في الجسم؟ قال الدكتور جو: "بدت الفكرة حينها غريبة".

من المثير للدهشة أن الإجابة تبدو نعم.

عندما اختبر الباحثون 56 حمضًا صفراويًا مُعدّلًا اكتشفوها، وجدوا حمضًا واحدًا يُعاكس مستقبلات الأندروجين - وهو جزيء يتفاعل مع الهرمونات الجنسية لتنظيم العديد من جوانب النمو البشري، وعندما اختبروا 44 حمضًا صفراويًا إضافيًا مُعدّلًا بالميكروبات، والتي سبق وصفها، وجد الفريق ثلاثة أحماض صفراوية أخرى تعمل بشكل مشابه.

أثار هذا الاكتشاف غير المتوقع أسئلة جديدة ومثيرة للفريق: ما هي الخلايا المحددة التي تأثرت بالأحماض الصفراوية المعدلة - وما هي الوظائف البيولوجية التي قد تؤثر عليها هذه الجزيئات المعدلة.

بالإضافة إلى دوره في النمو، يوجد مستقبل الأندروجين أيضًا في بعض الخلايا المناعية، بما في ذلك الخلايا التائية CD8. وقد أظهرت دراسات سابقة أن حجب هذا المستقبل يمكن أن يعزز قدرة هذه الخلايا المناعية على مكافحة الأورام. وتساءل الباحثون عما إذا كانت الأحماض الصفراوية قادرة على تكرار هذا التأثير عن طريق الارتباط بمستقبل الأندروجين وتعطيله.

لاختبار هذه الفكرة، عالجوا فئرانًا مصابة بسرطان المثانة باستخدام هذه المركبات، ولاحظوا استجابة قوية مضادة للأورام.

وكشفت تحليلات أخرى أن الأحماض الصفراوية المعدلة عززت بشكل خاص نشاط الخلايا التائية، وهي الخلايا المناعية الأكثر قدرة على القضاء على السرطان.

وقال الدكتور نيكولاس كولينز، المؤلف الرئيسي للدراسة: "تشير نتائجنا إلى أن هذه الأحماض الصفراوية المعدلة تساعد في تقليص حجم الأورام من خلال تعزيز قدرة الخلايا التائية على البقاء داخل الورم وتدمير الخلايا السرطانية ".

تُسلّط هذه الدراسة الضوء على الشراكة العميقة والمتطورة بين المُضيف البشري وميكروبات أمعائه، مُؤكّدةً على أهمية دمج النشاط الميكروبي في تصميم علاجات السرطان المُستقبلية.


وصرح الدكتور ديفيد أرتيس، المؤلف الرئيسي للدراسة، قائلاً: "كما تُجسّد هذه الدراسة قوة التعاون مُتعدد التخصصات في دفع علم الميكروبيوم نحو فهم جزيئي أعمق للتفاعلات بين المُضيف والميكروب".

يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة ومثيرة لتعزيز الاستجابة المناعية القاتلة للأورام.

واقترح الباحثون أن من بين الأساليب المحتملة إدخال ميكروبات معوية مستهدفة لمرضى السرطان قبل العلاج، أو إعطاء الأحماض الصفراوية المضادة للسرطان مباشرةً كجزء من العلاج.