الثلاثاء 29 أبريل 2025 الموافق 01 ذو القعدة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تساعد الجينات الموروثة في تشكيل مسار السرطان؟

السبت 19/أبريل/2025 - 01:43 م
السرطان
السرطان


اكتشفت دراسة جديدة أن الجينات التي نولد بها، المعروفة باسم المتغيرات الجينية الجرثومية، تلعب دورًا قويًا وغير مقدر في كيفية تطور السرطان وسلوكه.

نُشرت الدراسة، التي حملت عنوان "البروتوجينوميات الدقيقة تكشف عن التأثير الشامل للطفرات الجينية على مختلف أنواع السرطان"، في العدد الإلكتروني من مجلة Cell، وهي أول دراسة تفصل كيف تؤثر ملايين الاختلافات الجينية الموروثة على نشاط آلاف البروتينات داخل الأورام.

تفاصيل الدراسة

استناداً إلى بيانات من أكثر من 1000 مريض يعانون من 10 أنواع مختلفة من السرطان، يوضح البحث كيف يمكن للتركيب الجيني الفريد للشخص أن يشكل بيولوجيا السرطان الذي يعاني منه.

قد يكون لهذه النتائج آثارٌ بالغة الأهمية على كيفية علاج الأطباء للسرطان مستقبلًا. فبينما تعتمد العلاجات الحالية إلى حدٍّ كبير على التركيب الجيني لورم المريض، يُشير هذا البحث إلى أن دراسة الحمض النووي الوراثي للمريض قد تُحسّن التشخيص، وتنبؤ المخاطر، واختيار العلاج.

تقول الدكتورة زينب هـ. جوموش، الأستاذة المشاركة في الدراسة: "يحمل كل شخص مزيجًا فريدًا من المتغيرات الجينية منذ الولادة، وهذه الاختلافات الموروثة تشكل بهدوء كيفية عمل خلايانا طوال الحياة".

وأضافت: "لقد أظهرنا أن هذه المتغيرات لا تقتصر على دورها الثانوي، بل قد تلعب دورًا فعالًا في كيفية تكوّن الأورام، وتطورها، وحتى كيفية استجابتها للعلاج، وهذا يفتح آفاقًا جديدة لتخصيص رعاية مرضى السرطان، ليس فقط بناءً على الورم نفسه، بل أيضًا على التركيب الجيني الأساسي للمريض".

حتى الآن، ركزت معظم أبحاث السرطان على الطفرات الجسدية - وهي التغيرات التي تحدث في الخلايا على مدار حياة الشخص.

إلا أن المتغيرات الوراثية في الخلايا الجرثومية تفوق الطفرات الجسدية بكثير، ولا يزال تأثيرها على السرطان غير مفهوم جيدًا، وفقًا للباحثين.

لإجراء الدراسة، استخدم الباحثون تقنيةً متقدمة تُعرف باسم التحليل الببتيدي الدقيق، والتي مكّنتهم من دراسة كيفية تأثير طفرات وراثية محددة على بنية البروتينات واستقرارها ووظيفتها في الخلايا السرطانية.

ومن خلال رسم خرائط لأكثر من 330 ألف متغير من الخلايا الجرثومية المشفرة للبروتين، اكتشف الفريق كيف يمكن لهذه الاختلافات الوراثية أن تُغير نشاط البروتين، وتؤثر على التعبير الجيني، بل وتؤثر على كيفية تفاعل الأورام مع الجهاز المناعي.

وقالت الدكتورة زينب جوموش: "تُغير دراستنا الصورة تمامًا، إذ تُظهر أن التغيرات الوراثية في الحمض النووي قد تؤثر على كيفية التعبير الجيني وكيفية إنتاج البروتينات - وهي العوامل الرئيسية المؤثرة على سلوك السرطان - وتعديلها في الأورام، وبذلك، تُساعد هذه المتغيرات في تفسير بعض الاختلافات الواسعة التي يلاحظها الأطباء في كيفية ظهور السرطان وتطوره واستجابته للعلاجات من مريض لآخر".

يُضاف هذا البحث إلى الأدلة المتزايدة على أن الرعاية الشخصية لمرضى السرطان يجب أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط طفرات الورم، بل أيضًا الخلفية الجينية للشخص.

ومع ذلك، يُحذّر الباحثون من أن نتائج الدراسة تستند إلى بيانات من مجموعة سكانية ذات أصول أوروبية في المقام الأول، وأن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لضمان تطبيق هذه النتائج على السكان متعددي الأصول.

يقول الدكتور ميفيزهي إيساي سيلفان، المؤلف المشارك الأول للدراسة: "هذه خطوة كبيرة نحو الطب الدقيق الذي يأخذ في الاعتبار الفرد بأكمله - وليس فقط السرطان".

في تطور السرطان، يُمهّد الجينوم الموروث الطريق، فهو يُساعد في تحديد الطفرات المهمة، ومدى عدوانية الورم، وكيفية استجابة جهاز المناعة في الجسم.

ويعمل الفريق الآن على تطبيق هذه الأفكار في منطقتين رئيسيتين:

العلاج المناعي للسرطان: حيث يقوم الباحثون بالتحقيق في سبب استجابة بعض المرضى بشكل جيد للعلاج المناعي بينما لا يستجيب آخرون، وهي المنطقة التي قد تكون الاختلافات الجينية الموروثة هي المفتاح فيها.

التنبؤ بخطر الإصابة بسرطان الرئة: حيث يُطوّر الباحثون نماذج حاسوبية للتنبؤ بخطر الإصابة بسرطان الرئة بناءً على الملف الجيني الموروث للشخص، ويمكن أن تُساعد هذه الأدوات في تحديد من سيستفيد أكثر من الفحص المبكر، مما يُحسّن النتائج من خلال الكشف المبكر.