الجمعة 09 مايو 2025 الموافق 11 ذو القعدة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تصبح خلايا سرطان الثدي خاملة ولماذا تستيقظ لاحقًا وتنتشر؟

الأربعاء 30/أبريل/2025 - 04:36 ص
سرطان الثدي
سرطان الثدي


أصبح سرطان الثدي قابلاً للعلاج بشكل متزايد، ولكن في بعض الحالات، قد يعاود المرض الظهور حتى بعد عقود من إعلان شفاء المريضة منه.

يعود ذلك إلى انفصال الخلايا عن الورم الأصلي واختبائها في حالة كامنة في الثدي أو أعضاء أخرى.

لا يُعرف الكثير عن الآليات المسؤولة عن خمول الخلايا السرطانية، وما يُسبب استيقاظها المفاجئ أقل من ذلك.

خمول خلايا سرطان الثدي

تكشف دراسة جديدة أجراها مختبر البروفيسور يوسف ياردين، عن الآلية التي تُسبّب خمول خلايا سرطان الثدي، بالإضافة إلى سبب خروجها من الخمول أكثر عدوانية مما كانت عليه قبله.

من المراحل المبكرة من التطور الجنيني، مرورًا بالنضج الجنسي ووصولًا إلى إنتاج حليب الثدي أثناء الحمل وبعد الولادة، تتغير أنسجة الثدي طوال حياة المرأة.

وتتحقق هذه التغيرات بفضل التحول الذي تمر به خلايا أنسجة الثدي، بدءًا من المرحلة المبكرة من النمو، المعروفة باسم الخلايا المتوسطة، حيث تكون الخلايا مستديرة، عالية الحركة، وتنقسم بسرعة، وصولًا إلى المرحلة الأكثر نضجًا، وهي المرحلة الظهارية، حيث تكون الخلايا مكعبة الشكل، وأقل نشاطًا، وتنقسم ببطء.

تنتقل الخلايا بين هذه المراحل بشكل تدريجي ومنضبط، لكنها أحيانًا تخرج عن السيطرة، فتنقسم بسرعة وتصبح خبيثة.

تبدأ هذه العملية السرطانية عندما تعود الخلايا الناضجة إلى مرحلتها التطورية المبكرة، مما يسمح لها بالانقسام بسرعة، وتكوين أنسجة الورم، بل وحتى الانتقال إلى أنسجة أخرى.

لكن لاحقًا، قد يستفيد السرطان من العملية المعاكسة تمامًا: فالخلايا التي انتشرت في جميع أنحاء الجسم يمكن أن تعود إلى حالتها الناضجة، فتصبح غير قادرة على الحركة وبطيئة النمو. أي أنها تصبح خاملة.

ونظراً للتشابه الكبير بين الدخول في حالة الخمول وعملية نضوج الخلايا الظهارية، افترض العلماء في مختبر ياردن في قسم المناعة وعلم الأحياء التجديدي في وايزمان أنهم قد يكونون قادرين على تحفيز حالة الخمول في خلايا سرطان الثدي عن طريق تقليد العملية الطبيعية.

وباستخدام نموذج ثلاثي الأبعاد لبيئة الورم السرطاني الذي طوره الدكتور داليت باركان، قام الباحثون، بتعديل خلايا سرطان الثدي البشري وراثيا من النوع الأكثر عدوانية، والذي يسمى سرطان الثدي الثلاثي السلبي، لإنتاج مستويات أعلى من بروتينات OVOL، والتي من المعروف أنها تشارك في النضج الطبيعي للخلايا الظهارية.

أظهر النموذج أن زيادة التعبير عن بروتينين من بروتين OVOL تُوقف دورة حياة الخلايا السرطانية العدوانية وتُحفز خمولها.

بالتوازي مع ذلك، أظهر الباحثون، في فئران إناث مزروعة بأنسجة ورم بشري، أن الإفراط في التعبير عن بروتين OVOL يُثبط نمو السرطان.

بالرغم من أن إيقاف دورة حياة الخلايا السرطانية وإبطاء نمو الورم قد يبدو وكأنه خبر جيد وربما حتى أساس لعلاج مستقبلي، فمن المعروف أن أنسجة الثدي لدى مرضى السرطان تحتوي على مستويات مرتفعة من أحد بروتينات OVOL.

لذلك، افترض العلماء أن هذا البروتين، OVOL1، يُبطئ السرطان على المدى القصير، إلا أنه مفيد للخلايا السرطانية على المدى الطويل، إذ يُمكّنها من الدخول في حالة خمول والبقاء لسنوات دون أن تُكتشف.

عندما تتغير ظروف الجسم وينخفض ​​مستوى OVOL1، يعود السرطان إلى الحياة ويصبح أكثر عدوانية من أي وقت مضى.

بناءً على هذه النتائج، بدأ الباحثون دراسة كيفية تأثير السرطان على مستويات التعبير عن بروتينات OVOL، سواءً بتثبيط خلايا الورم أو تنشيطها.

ومن النتائج الرئيسية أن بعض عوامل النمو تعزز التعبير عن بروتين OVOL1، إلا أن هرمون الإستروجين الستيرويدي يثبطه.

وأوضح العلماء أن المرضى الذين يعانون من انخفاض مستويات مستقبلات الإستروجين وارتفاع مستويات OVOL1 يميلون إلى الإصابة بسرطان أكثر عدوانية، وتكون فرص نجاتهم أقل.

سرطان أكثر عدوانية

من الأسئلة التي ظلت دون إجابة: لماذا يميل سرطان الثدي إلى أن يكون أكثر عدوانية عند استيقاظه من حالة الخمول؟ ولكشف الآليات الكامنة، تتبع الباحثون مسار الإشارات الجزيئية الذي يُحفز من خلاله بروتين OVOL1 الخمول.

واكتشف الباحثون أن هذا المسار يُحفز تراكم جزيئات غير مستقرة تُعرف بالجذور الحرة، مما يؤدي إلى تلف خلوي واسع النطاق، وتوقف دورة الخلية، وخمول، وكان هذا التراكم مفاجئًا، إذ لم يُربط سابقًا بين هذه الجزيئات وخمول الخلايا السرطانية.

لاحقًا، أظهر الباحثون أن الإجهاد الخلوي المستمر داخل الخلايا الخاملة، الناتج عن تراكم الجذور الحرة، يُغير تعبير ووظيفة البروتينات في نوى الخلايا، التي تحتوي على مادتها الوراثية.

ونتيجةً لذلك، تتأكسد المادة الوراثية وتتضرر سلامتها، كما هو الحال مع ثلاثة بروتينات رئيسية تشارك في آليات إصلاح الحمض النووي.

يتوافق هذا الاكتشاف مع تحليل عينات أنسجة من أورام سرطان الثدي العدوانية.

الجدير بالذكر أن سرطان الثدي ليس الورم الخبيث الوحيد الذي يدخل مرحلة الخمول، لذا فإن فهم آليات الخمول قد يؤدي إلى تطوير علاجات جديدة لأنواع أخرى مختلفة من السرطان أيضًا.