الخميس 19 يونيو 2025 الموافق 23 ذو الحجة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

اكتشاف آليات الدماغ التي تميز الخيال عن الواقع

الثلاثاء 10/يونيو/2025 - 02:39 م
الدماغ
الدماغ


تم اكتشاف مناطق في الدماغ تساعد الشخص على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي في دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة لندن.

توصلت دراسة نشرت في مجلة Neuron إلى أن منطقة في الدماغ تُعرف باسم التلفيف المغزلي -تقع خلف الصدغين، على الجانب السفلي من الفص الصدغي من الدماغ- تشارك في مساعدة الدماغ على تحديد ما إذا كان ما نراه هو من العالم الخارجي أو ناتج عن خيالنا.

ويأمل الباحثون أن تساعد نتائجهم في زيادة فهم العمليات المعرفية التي تسوء عندما يواجه شخص ما صعوبة في الحكم على ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي، كما هو الحال في مرض الفصام، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى التقدم في تشخيص وعلاج هذه الحالات.

قالت الدكتورة نادين ديكسترا، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "تخيل تفاحة في مخيلتك بأكبر قدر ممكن من الوضوح، أثناء التخيل، تنشط العديد من مناطق الدماغ نفسها بنفس الطريقة التي تنشط بها عندما ترى تفاحة حقيقية، وحتى وقت قريب، ظل من غير الواضح كيف يميز الدماغ بين هذه التجارب الحقيقية والمتخيلة".

تفاصيل الدراسة

وفي الدراسة، طلب الباحثون من 26 مشاركًا النظر إلى أنماط بصرية بسيطة أثناء تخيلها في نفس الوقت.

على وجه التحديد، طُلب من المشاركين البحث عن نمط خافت محدد ضمن خلفية مشوشة على الشاشة، وتحديد ما إذا كان النمط موجودًا بالفعل أم لا، ولم يُعرض نمط حقيقي إلا في نصف الحالات.

وفي الوقت نفسه، طُلب من المشاركين أيضًا تخيل نمط مماثل أو مختلف عن النمط الذي كانوا يبحثون عنه، والإشارة إلى مدى وضوح صورهم الذهنية.

عندما كانت الأنماط متشابهة، وأفاد المشاركون بأن خيالهم كان واضحًا للغاية، كانوا أكثر ميلًا للقول إنهم رأوا نمطًا حقيقيًا، حتى في التجارب التي لم يُعرض فيها شيء، هذا يعني أنهم خلطوا بين صورهم الذهنية والواقع .

أثناء أداء المشاركين للمهام، رُصد نشاط أدمغتهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).

مكّنت هذه التقنية الباحثين من تحديد أجزاء الدماغ التي تُظهر أنماط نشاط تُساعد على التمييز بين الواقع والخيال.

ووجد الفريق أن قوة النشاط في التلفيف المغزلي يمكن أن تتنبأ بما إذا كان الناس يحكمون على تجربة ما على أنها حقيقية أو متخيلة، بغض النظر عما إذا كانت حقيقية بالفعل أم لا.

عندما كان النشاط في التلفيف المغزلي قويًا، كان الناس أكثر عرضة للإشارة إلى أن النمط كان موجودًا بالفعل.

عادةً ما يكون نشاط التلفيف المغزلي أضعف أثناء التخيل منه أثناء الإدراك، مما يساعد الدماغ على التمييز بين الخيال والإدراك.

ومع ذلك، أظهرت هذه الدراسة أنه في بعض الأحيان، عندما تخيل المشاركون بوضوح شديد، كان نشاط التلفيف المغزلي قويًا جدًا، مما أدى إلى خلطهم بين خيالهم والواقع.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، البروفيسور ستيف فليمنج: "إن نشاط الدماغ في هذه المنطقة من القشرة البصرية يتطابق مع التوقعات من محاكاة الكمبيوتر حول كيفية تحديد الفرق بين التجربة المولدة داخليًا وخارجيًا".

وأضاف الدكتور ديكسترا: "تشير نتائجنا إلى أن الدماغ يستخدم قوة الإشارات الحسية للتمييز بين الخيال والواقع".

وأظهرت الدراسة أيضًا أن التلفيف المغزلي يتعاون مع مناطق أخرى من الدماغ لمساعدتنا في تحديد ما هو حقيقي وما هو متخيل.

وعلى وجه التحديد، زاد النشاط في الجزيرة الأمامية - وهي منطقة دماغية في القشرة الجبهية الأمامية (الجزء الأمامي من الدماغ الذي يعمل كمركز تحكم لمهام مثل اتخاذ القرار وحل المشكلات والتخطيط) - بما يتماشى مع النشاط في التلفيف المغزلي عندما قال المشاركون إن شيئًا حقيقيًا، حتى لو كان في الواقع متخيلًا.

قال البروفيسور فليمنج: "لقد تم سابقًا ربط هذه المناطق من القشرة الجبهية بالقدرة على التفكير فيما يدور في عقولنا، وتشير نتائجنا إلى أن مناطق الدماغ نفسها تشارك أيضًا في تحديد ما هو حقيقي".

تُقدّم هذه النتائج رؤىً جديدةً حول ما قد يحدث من خللٍ في الدماغ خلال حالاتٍ نفسيةٍ كالفصام، حيث يُعاني المرضى من صعوبةٍ في الفصل بين الخيال والواقع.

قد تُفيد هذه النتائج أيضًا تقنيات الواقع الافتراضي المُستقبلية من خلال تحديد كيف ومتى تبدو التجارب المُتخيلة حقيقية.