هل يمكن استعادة القدرة على المشي بعد تلف الحبل الشوكي؟

نجح فريق من العلماء والباحثين في تطوير غرسة كهربائية حيوية رائدة تُعيد الحركة للفئران بعد إصابات الحبل الشوكي.
يُقدّم هذا الاكتشاف أملًا جديدًا في علاج فعال للبشر الذين يعانون من فقدان الإحساس والوظيفة بسبب إصابات الحبل الشوكي.

إصابات الحبل الشوكي
يُقدّر تقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) أن حوالي 15 مليون شخص حول العالم يُعانون من إصابات في الحبل الشوكي.
يتكون الحبل الشوكي من ألياف عصبية عديدة تنقل الإشارات بين الدماغ وباقي أجزاء الجسم.
عند تلفه، ينقطع الاتصال بين الدماغ والجسم، مما يؤدي غالبًا إلى فقدان الإحساس والوظيفة، وفي الحالات الشديدة، الشلل.
وقالت ماريا أسبلوند، أستاذة الإلكترونيات الحيوية: "على عكس جرح الجلد، الذي يشفى عادة من تلقاء نفسه، فإن الحبل الشوكي لا يتجدد بشكل فعال، مما يجعل هذه الإصابات مدمرة وغير قابلة للشفاء حاليًا".
تحفيز الألياف العصبية
قبل الولادة، وبدرجة أقل بعدها، تلعب المجالات الكهربائية الطبيعية دورًا حيويًا في التطور المبكر للجهاز العصبي، إذ تشجع وتوجه نمو الألياف العصبية على طول النخاع الشوكي.
ويعمل العلماء الآن على تسخير نظام التوجيه الكهربائي نفسه في المختبر.
يقول بروس هارلاند، الباحث الرئيسي في جامعة أوكلاند وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة: "لقد قمنا بتطوير غرسة رقيقة للغاية مصممة لتوضع مباشرة على الحبل الشوكي، ويتم وضعها بدقة فوق موقع الإصابة في الفئران".
يقوم الجهاز بتوصيل تيار كهربائي يتم التحكم فيه بعناية عبر موقع الإصابة.
ويقول البروفيسور دارين سفيرسكيس من جامعة أوكلاند: "الهدف هو تحفيز الشفاء حتى يتمكن الأشخاص من استعادة الوظائف المفقودة بسبب إصابة الحبل الشوكي".
في الدراسة، لاحظ الباحثون كيف حسّن العلاج بالمجال الكهربائي استعادة الحركة والإحساس لدى الفئران المصابة بإصابات في النخاع الشوكي.
تُقدّم هذه النتائج أملًا جديدًا للأفراد الذين يعانون من فقدان الوظيفة والإحساس بسبب إصابات النخاع الشوكي.
وتقول ماريا أسبلوند: "على المدى الطويل، الهدف هو تحويل هذه التكنولوجيا إلى جهاز طبي يمكن أن يفيد الأشخاص الذين يعانون من إصابات في الحبل الشوكي تغير حياتهم ".
وتقدم الدراسة أول استخدام لغرسة رقيقة تعمل على توصيل التحفيز في اتصال مباشر مع الحبل الشوكي، مما يمثل تقدما رائدا في دقة تحفيز الحبل الشوكي.
يقول لوكاس ماتر الباحث الرئيسي الآخر: "تقدم هذه الدراسة دليلاً مثيراً للاهتمام على أن علاج المجال الكهربائي يمكن أن يدعم التعافي بعد إصابة الحبل الشوكي".
تحسن القدرة على الحركة
على عكس البشر، تتمتع الفئران بقدرة أكبر على التعافي التلقائي بعد إصابة الحبل الشوكي، مما سمح للباحثين بمقارنة الشفاء الطبيعي مع الشفاء المدعوم بالتحفيز الكهربائي.
بعد أربعة أسابيع، أظهرت الحيوانات التي تلقت علاجًا بالمجال الكهربائي يوميًا تحسنًا في حركتها مقارنةً بتلك التي لم تتلقَّ العلاج.
وطوال فترة الدراسة التي استمرت 12 أسبوعًا، استجابت الحيوانات للمس اللطيف بشكل أسرع.
ويقول هارلاند: "يشير هذا إلى أن العلاج دعم استعادة كل من الحركة والإحساس".
ويقول سفيرسكيس: "الأمر الأكثر أهمية هو أن تحليلنا أكد أن العلاج لم يسبب التهابًا أو أي ضرر آخر للحبل الشوكي، مما يدل على أنه لم يكن فعالًا فحسب، بل كان آمنًا أيضًا".
والخطوة التالية هي استكشاف كيفية تأثير الجرعات المختلفة، بما في ذلك القوة والتكرار ومدة العلاج، على التعافي، لاكتشاف الوصفة الأكثر فعالية لإصلاح الحبل الشوكي.