يدمر العظام.. طبيب يكشف عن خطر غير متوقع لـ التدخين
جميعنا يعلم مدى خطورة التدخين على الوظائف الحيوية للجسم، وعلى صحة الإنسان بشكل عام، لكن ما لا يتوقعه الكثيرون أنه يدمر العظام أيضا.
فالتدخين يمكن أن يسلب الهيكل العظمي للإنسان الكثير من العناصر الغذائية، مما يجعل الشخص المدخن أكثر عرضة للكسور، فكيف يكون ذلك، وكيف يمكن تقليل مخاطر الإصابة بـ هشاشة العظام؟
أضرار التدخين
- وبحسب ما ذكره موقع healthcentral، فإن أضرار التدخين من حيث تسببه في الإصابة بسرطان الرئتين والقلب لا تخفى على أحد، لكن هناك أضرارا أخرى يمكن أن يسببها التدخين، وفي مقدمتها ضعف وهشاشة العظام.
كيف يضر التدخين بصحة العظام؟
وخلص تقرير من مكتب الجراح العام إلى أن التدخين يقلل بشكل كبير من كثافة المعادن في العظام (BMD)، مما يعرض المدخنين لخطر الإصابة بـ هشاشة العظام وكسور العظام، التي يمكن أن تسبب ألمًا مزمنًا، وتحد بشكل دائم من قدرة المدخن على الحركة، وتزيد بشكل كبير من خطر الوفاة في السنوات العديدة التي تلي ذلك.
لكن إدراك مدى إفساد التبغ بشكل كبير لصحة العظام قد يكون الدافع الذي يحتاجه المدخن للإقلاع عنه.
ولفهم الضرر الذي يلحقه التدخين بـ الهيكل العظمي للإنسان، يمكن التعرف على كيفية إحداث النيكوتين الفوضى في جميع أنحاء الجسم بشكل عام.
ما هو النيكوتين؟
فالنيكوتين في تركيبه الجزيئي، هو مادة كيميائية موجودة في السجائر، يشبه إلى حد بعيد تركيب مادة كيميائية طبيعية تسمى أستيل كولين، وفق ما أوضحه بول ج.كيني، مدير معهد اكتشاف الأدوية في كلية الطب في إيكان بجبل سيناء في مدينة نيويورك الأمريكية.
وأضاف أن هذا التشابه يمكن النيكوتين من الارتباط بمستقبلات أستيل كولين المنتشرة على نطاق واسع في الجسم، مما يؤدي إلى ردود فعل فسيولوجية تؤثر على كل جزء منا.
وتابع كيني أن النيكوتين في الدماغ يتصل بمستقبلات أستيل كولين في مركز المكافأة لدينا (نظام القشرة الحوفية الوسطى)، ويطلق فيضانًا من هرمون الدوبامين الذي يشعر بالرضا، ويطلق دورة المكافأة / الانسحاب التي هي إدمان.
وأشار إلى أن الدواء أيضًا يشق طريقه إلى الغدد الكظرية فوق الكلى مباشرةً، حيث يشعل مستقبلات الأسيتيل كولين هناك ويضخ الأدرينالين، وهو الهرمون الذي يرفع ضغط الدم والتنفس ومعدل ضربات القلب، وما إن يرتفع معدل ضربات القلب، فإن ضغط الدم يرتفع أيضًا، وبمرور الوقت، يرتبط ارتفاع ضغط الدم بأمراض الأوعية الدموية، بما في ذلك قصور القلب ومرض الشريان التاجي (CAD) والسكتة الدماغية وأمراض الكلى المزمنة (CKD).
من جانبها، قالت ساماتا شارما، المدير الطبي في بريجهام وومن بريدج كلينك في بوسطن، إن هذا ليس كل شيء، إذ يتسبب النيكوتين أيضا في إطلاق الأدرينالين، الذي بدوره يحفز إطلاق السكريات في النظام لتهيئة جسمك للقتال أو الفرار، مما يساعد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات.
وأضافت أنه نظرًا لأنه من المرجح ألا يتم استخدام هذا السكر بشكل كبير، فإنه يبقى في مجرى الدم، حيث يمكن أن يتراكم ويؤدي إلى تضيق الأوعية الدموية.
التدخين يبطئ دوران العظام
وأشارت إلى أنه بجانب تعريضك لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، فإن هذا التضيق الوعائي يؤثر على «قدرة العظام على تحمل ضغوط الأنشطة اليومية»، مثل المشي ورفع الأشياء الثقيلة.
في السياق ذاته، قالت ميكايلا بايارد، أستاذة الطب المساعد في كلية إيكان للطب في ماونت سيناي بمدينة نيويورك، إن العظام تحصل على التغذية التي تحتاجها للنمو والشفاء من الدم، وعندما تضيق الأوعية الدموية، تحصل العظام على دم أقل وتغذية أقل، وهنا لا يستطيع النظام الهيكلي بناء عظام جديدة بكفاءة كما ينبغي، ما يثبت أن السجائر تؤثر بشكل مباشر على دوران العظام وتؤدي إلى انخفاض كثافته.
وعملية دوران العظام امرا مهما، وتسمى أيضا بـ«إعادة تشكيل العظام»، وهي عملية تستمر مدى الحياة من ارتشاف خلايا العظام ونمو خلايا العظام الجديدة؛ إنها كيفية نمو العظام وتقويتها والشفاء من الإجهاد والكسر.
وأضافت بايارد أن هناك أضرارا أخرى تلحق بالعظام، إذ يرتبط النيكوتين بمستقبلات في بانيات العظم، الخلايا المسؤولة عن نمو العظام الجديدة، ويمنع إنتاجها، وبمرور الوقت، يؤدي عدم كفاية معدل الدوران إلى ضعف العظام وسهولة كسرها.
تأثير التدخين على الوزن والعظام
وأشارت الدكتورة بايارد إلى أن تقييد تدفق الدم ليس هو الطريقة الوحيدة التي يؤدي بها النيكوتين إلى تآكل العظام، فوفقًا لمراجعة بحثية نُشرت في مجلة Clinical Pharmacology and Therapeutics، فإن التدخين يزيد من عملية التمثيل الغذائي ويؤثر على جزء الدماغ المسؤول عن الجوع، وهو منطقة ما تحت المهاد، للشعور بالرضا، هذه العوامل مجتمعة تؤدي غالبًا إلى انخفاض وزن الجسم بين المدخنين مقارنة بغير المدخنين، في حين أن الوزن الأقل يمكن أن يكون أفضل من الوزن الزائد، إلا أنه إذا تسبب تدخين شخص ما في نقص الوزن، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف صحة العظام.
وأردفت الدكتورة بايارد بأن «تحمل الوزن يحفز دوران العظام»، فكلما قل الوزن الذي يجب أن يدعمه الهيكل العظمي، قل نمو العظام لديك، ويمكن أن تقاوم تمارين حمل الأثقال هذا التأثير، لكن المدخنين يميلون إلى ممارسة التمارين الرياضية بشكل أقل، وذلك بفضل ضعف وظائف الرئة بسبب الانتفاخ.
ونوهت بعامل آخر وهو أن انخفاض وزن الجسم قد يساهم في انخفاض الأنسجة الدهنية، والتي تلعب دورًا في إنتاج هرمون الاستروجين، وهو هرمون يحمي العظام من بين أمور أخرى، إذ يشكل هذا الانخفاض في هرمون الاستروجين خطرًا إضافيًا لهشاشة العظام بالنسبة للنساء بعد سن اليأس، اللائي عانين بالفعل من انخفاض حاد في الهرمون.
وغالبًا ما يؤدي الشعور الكامل الذي ينتجه التدخين إلى سوء التغذية، وفق ما أكدته الدكتورة بايارد، التي قالت إن المدخنين الذين يشبعون بالسجائر قد يفوتهم تناول ما يكفي من الفيتامينات والعناصر الغذائية، مثل: الكالسيوم والمغنيسيوم وفيتامين د والبوتاسيوم والفلورايد، وجميعها عناصر مهمة لصحة العظام المثلى.
كيف يمكن إبطاء فقدان العظام واستعادتها؟
يعتمد تأثير التدخين على عظامك على الجرعة، مما يعني أنه كلما زاد تدخينك، كلما انخفضت كثافة المعادن في العظام، وزاد خطر إصابتك بهشاشة العظام والكسور.
هذا يعني أنه حتى الإقلاع عن التدخين يمكن أن يبطئ فقدان العظام ويسمح لجسمك بعملية دوران العظام لتعويضها.
لكن إذا قررت الإقلاع عن التدخين، فعلى الرغم من ذلك، فإن كثافة عظامك يمكن أن تعود إلى مستويات ما قبل التدخين في غضون 10 سنوات، وفق ما قالته الدكتورة شارما، بافتراض أنك تتبع عادات صحية أخرى، بالطبع.
وأضافت: «ليس ذلك فحسب، بل ستساعد نفسك على تجنب العواقب الصحية الخطيرة المرتبطة بالتدخين مثل السرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية».