اكتشاف جديد بخصوص الصداع النصفي.. هل يؤدي إلى خيارات علاجية؟
أظهرت دراسة جديدة أن آلية غير معروفة من قبل تنتقل من خلالها البروتينات من المخ إلى مجموعة معينة من الأعصاب الحسية تتسبب في نوبات الصداع النصفي.
قد يمهد هذا الطريق لعلاجات جديدة للصداع النصفي وأنواع أخرى من الصداع، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.
الصداع النصفي
الصداع النصفي، هو حالة تتميز بصداع شديد في جانب واحد من الرأس.
في حوالي ربع مرضى الصداع النصفي، تسبق نوبات الصداع هالة، وأعراض من الدماغ مثل الاضطرابات البصرية أو الحسية المؤقتة التي تسبق نوبة الصداع النصفي بمدة تتراوح بين 5 و60 دقيقة.
في حين أننا نعلم على وجه اليقين لماذا يعاني المرضى من الهالة، فقد كان هناك بعض الغموض حول سبب إصابتهم بالصداع، ولماذا تكون الصداع النصفي من جانب واحد، حتى الآن.
تعد الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون في جامعة كوبنهاجن ومستشفى ريجشوسبيتالت ومستشفى بيسبيبيرج على الفئران هي الأولى التي تثبت أن البروتينات التي يفرزها الدماغ أثناء الصداع النصفي مع الهالة تنتقل مع السائل النخاعي إلى الأعصاب التي ترسل إشارات الألم المسؤولة عن الصداع.
وقال مارتن راسموسن، المؤلف الأول للدراسة: "لقد اكتشفنا أن هذه البروتينات تعمل على تنشيط مجموعة من أجسام الخلايا العصبية الحسية في قاعدة الجمجمة، وهي ما يسمى بالعقدة الثلاثية التوائم، والتي يمكن وصفها بأنها بوابة للجهاز العصبي الحسي المحيطي للجمجمة".
في جذر العقدة الثلاثية التوائم، يكون الحاجز الذي يمنع عادة المواد من دخول الأعصاب الطرفية مفقودًا، وهذا يسمح للمواد الموجودة في السائل النخاعي بالدخول وتنشيط الأعصاب الحسية التي ترسل إشارات الألم، مما يؤدي إلى الصداع.
تقول البروفيسورة مايكين نيدرجارد، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "تشير نتائجنا إلى أننا حددنا القناة الأساسية للاتصال بين الدماغ والجهاز العصبي الحسي المحيطي، إنه مسار إشارات غير معروف سابقًا ومهم لتطور الصداع النصفي، وقد يكون مرتبطًا بأمراض الصداع الأخرى أيضًا".
الجهاز العصبي المحيطي
يتكون الجهاز العصبي المحيطي من جميع الألياف العصبية المسؤولة عن الاتصال بين الجهاز العصبي المركزي - المخ والحبل الشوكي - والجلد والأعضاء والعضلات.
الجهاز العصبي الحسي، وهو جزء من الجهاز العصبي المحيطي، مسؤول عن توصيل المعلومات مثل اللمس والحكة والألم إلى المخ.
وتقدم نتائج الدراسة رؤية واضحة حول سبب كون الصداع النصفي عادة من جانب واحد، وهو ما كان لغزا بالنسبة للعلماء.
وقال راسموسن: "يعاني معظم المرضى من صداع من جانب واحد، ويمكن أن يساعد مسار الإشارة هذا في تفسير السبب. تظهر دراستنا لكيفية نقل البروتينات من الدماغ أن المواد لا تنتقل إلى الحيز داخل الجمجمة بالكامل، ولكن في المقام الأول إلى الجهاز الحسي في نفس الجانب، وهو ما يسبب الصداع من جانب واحد".
أجريت الدراسة على الفئران، ولكنها تضمنت أيضًا فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للعقدة الثلاثية التوائم البشرية، ووفقًا للعلماء، هناك كل الدلائل على أن وظيفة مسار الإشارة هي نفسها لدى الفئران والبشر، وأنه في البشر أيضًا، يتم نقل البروتينات بواسطة السائل النخاعي.
خيارات علاجية جديدة
باستخدام تقنيات متطورة مثل مطيافية الكتلة، التي يمكنها الكشف عن مجموعة واسعة من البروتينات في عينة معينة، قام الباحثون بتحليل مزيج المواد التي يتم إطلاقها خلال مرحلة الهالة في نوبة الصداع النصفي - أي خلال مرحلة الاضطرابات البصرية.
يقول راسموسن: "لقد تغير تركيز 11% من البروتينات الـ 1425 التي حددناها في السائل النخاعي أثناء نوبات الصداع النصفي. ومن بين هذه البروتينات، عملت 12 بروتينًا زاد تركيزها كمواد ناقلة قادرة على تنشيط الأعصاب الحسية، وهذا يعني أنه عندما يتم إطلاق البروتينات، يتم نقلها إلى العقدة ثلاثية التوائم عبر مسارات الإشارة المذكورة، حيث ترتبط بمستقبل العصب الحسي الذي يرسل إشارات الألم، مما يؤدي إلى تنشيط العصب وإثارة نوبة الصداع النصفي التي تلي أعراض الهالة".
تضمنت مجموعة البروتينات التي حددها الباحثون بروتين CGRP، وهو بروتين مرتبط بالفعل بالصداع النصفي ويُستخدم في العلاجات الحالية.
ومع ذلك، اكتشف الباحثون أيضًا سلسلة من البروتينات الأخرى، والتي قد تمهد الطريق لخيارات علاجية جديدة.
وقال راسموسن: "نأمل أن تُستخدم البروتينات التي حددناها - إلى جانب CGRP - في تصميم علاجات وقائية جديدة للمرضى الذين لا يستجيبون لمضادات CGRP المتاحة. والخطوة التالية بالنسبة لنا هي تحديد البروتين ذو الإمكانات الأكبر".
ويوضح أن أحد البروتينات التي تم تحديدها معروف بأنه يلعب دورًا في الصداع النصفي المصاحب للدورة الشهرية.
وأشاف راسموسن: "في البداية، نأمل في تحديد البروتينات التي تسبب أنماط الصداع النصفي، ثم سنشرع بعد ذلك في إجراء اختبارات استفزازية على البشر من أجل تحديد ما إذا كان التعرض لأحد البروتينات المحددة يمكن أن يؤدي إلى حدوث نوبة صداع نصفي، ومن الجيد اختبار ما إذا كان هذا البروتين وغيره من البروتينات يمكن أن يؤدي إلى حدوث نوبات الصداع النصفي لدى البشر، لأنه إذا كان بإمكانها ذلك، فيمكن استخدامها كأهداف في العلاج والوقاية".