الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

ما مدى قدرة دماغ المراهق على التكيف مع الضغوط النفسية والاجتماعية؟

الثلاثاء 13/أغسطس/2024 - 02:00 م
الضغوط النفسية والاجتماعية
الضغوط النفسية والاجتماعية


غالبًا ما يحدث المرض العقلي لأول مرة أثناء فترة البلوغ أو في بدايتها، وذلك لأن نمو دماغ المراهق تحدث فيه إعادة تشكيل واضحة للشبكات المعرفية.

من ناحية أخرى، تعمل عملية إعادة التشكيل هذه على تعزيز نضوج الوظائف الإدراكية الأكثر تعقيدًا، والقدرة على التكيف مع البيئة الاجتماعية.

وقد ترتبط هذه المرحلة التنموية بعدم الاستقرار والتعرض للتأثيرات البيئية السلبية، والتي يمكن أن تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.

ما مدى قدرة دماغ المراهق على التكيف مع الضغوط النفسية والاجتماعية؟

في دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature Communications، حققت مايك هيتوير وسوفي فالك من معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية البشرية في لايبزيج ومركز أبحاث يوليش في كيفية تأثير عوامل الخطر البيئية - مثل التجارب المؤلمة والبيئة الأسرية غير الوظيفية - على الصحة العقلية للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عامًا وكيف يمكن أن تتغير قابلية التعرض لهذه العوامل داخل الفرد بمرور الوقت.

استخدم الباحثون مجموعة بيانات متاحة للجمهور من كامبريدج ولندن لتحليلها.

شمل ذلك عوامل اجتماعية مثل رعاية الوالدين لأطفالهم وشبكات الصداقة، فضلًا عن الصدمات.

ونظر الباحثون في الصحة العقلية لأكثر من 2000 شخص تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عامًا وربطوا ذلك بتكوين الميالين في الدماغ في مجموعة فرعية من 141 فردًا.

وظيفة الميالين

إن الميالين عبارة عن طبقة واقية بيضاء اللون من البروتينات والدهون تحيط ببروزات الخلايا العصبية وتعمل مثل "الغراء" في المخ لضمان تدفق الإشارات دون إزعاج من خلية إلى أخرى.

ويعمل تكوين الميالين كمثبت يقوي الاتصالات الشبكية بمجرد إنشائها، ولكنه يعمل أيضًا كعازل يسمح بنقل المعلومات بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

على مدى فترة زمنية أطول، راقب الباحثون مدى قدرة أدمغة المراهقين على التكيف مع عوامل الخطر النفسية الاجتماعية، وللقيام بذلك، خضع المشاركون لفحصين بالرنين المغناطيسي، كل منهما بفاصل سنة إلى سنتين.

وأوضح المؤلف الأول، مايك هيتوير: "لقد نظرنا بشكل خاص إلى التغيرات في مدى تأثير العوامل المسببة للتوتر، مثل الإهمال الأسري أو التنمر في المدرسة، على الصحة العقلية للشباب ومدى قدرتهم على التكيف، ما الذي تغير في أدمغتهم بمرور الوقت والذي قد يكون ميزة لقدرتهم على التكيف بشكل إيجابي، أي لمرونتهم؟"

وقال: "وأظهر المراهقون الذين أصبحوا أكثر مرونة مع تقدم العمر زيادة في تكوين الميالين في القشرة الجبهية، ويشير الدور المركزي للقشرة الجبهية في المرونة لدى المراهقين إلى وجود صلة مثيرة للاهتمام بين الصحة العقلية والوظائف الإدراكية العليا".

وأضاف: "يرجع هذا إلى أن النضج الأكثر كفاءة لشبكات الفص الجبهي قد يكون مرتبطًا بحقيقة أن المراهقين ينظمون عواطفهم بشكل أفضل، ويقيمون المواقف بشكل أكثر واقعية، ويطورون استراتيجيات معرفية للتعامل بشكل أفضل مع البيئات الصعبة عاطفيًا لإيجاد طريقهم الخاص".

وتابع: "في المراهقين، الذين يميلون إلى أن يصبحوا أكثر عرضة للضغوط النفسية الاجتماعية مع تقدم العمر، لم يتغير الكثير فيما يتعلق بتكوين الميالين في الفص الجبهي، ويمكننا تفسير ذلك بحقيقة مفادها أنه كلما كانت شبكة الدماغ أكثر مرونة، كلما كانت أكثر عرضة للتأثيرات النفسية الاجتماعية السلبية من الخارج".

وقال: "نرى أن زيادة الاستقرار من خلال الميالين تسير جنبًا إلى جنب مع استقرار أكبر للشبكات الوظيفية. المراهقون، الذين يصبحون أكثر عرضة للخطر مع تقدم العمر، يظهرون استقرارًا أقل وتغيرات أكثر في الشبكة".

هل يمكن تعزيز استقرار الشبكات بين الشباب؟ تقول صوفي فالك، المؤلفة الأخيرة للدراسة: "أولًا وقبل كل شيء، يجب تكرار هذه الدراسة على مجموعات من  المراهقين الذين لديهم عوامل خطر متزايدة وعلى المرضى الذين يعانون من أمراض عقلية واضحة، وسيكون من المهم معرفة ما إذا كان من الممكن تكرار نتائجنا هناك".

وأضافت: "بشكل عام، من المهم أن نعرف أن المرونة والتعرض لعوامل الخطر البيئية النفسية والاجتماعية تظهر فروقًا فردية كبيرة، والتي تنعكس في التطور الديناميكي البنيوي والوظيفي للدماغ. أحد عوامل الخطر الرئيسية في مرحلة المراهقة هو البيئة الاجتماعية الصعبة - على سبيل المثال، التنمر في المدرسة، أو الإساءة أو الإهمال في المنزل".

وتابعت: "الطبيعة الديناميكية للميالين تشير إلى فائدة محتملة للتدخلات التي تستهدف المسارات المنحرفة لدى المراهقين المعرضين للخطر، إن زيادة الاتصال الإيجابي مع الخدمات النفسية الاجتماعية الداعمة من شأنها أن تعزز مرونة الدماغ المعتمدة على الخبرة".