اكتشاف آلية جديدة لمقاومة الأدوية في سرطان البنكرياس.. ما هي؟
يعد سرطان البنكرياس واحدا من أنواع السرطانات الشائعة بين الكثير من الأشخاص حول العالم، والذي عادة ما يبدأ على هيئة نمو للخلايا في البنكرياس.
وهناك العديد من الأنواع لـ سرطان البنكرياس، أكثرها شيوعا السرطانة الغدية البنكرياسية القنوية، والذي يبدأ في الخلايا التي تبطن القنوات التي تحمل الإنزيمات الهضمية خارج البنكرياس.
نادرًا ما يتم اكتشاف سرطان البنكرياس في مراحله المبكرة، وهي الفترة التي تكون فرصة علاجه فيها أكبر، ويرجع السبب وراء ذلك إلى أنه غالبا لا يسبب أعراضا إلا بعد أن يكون قد وصل إلى الأعضاء الأخرى.
وهناك العديد من العلاجات التي يتم الاعتماد عليها في علاج سرطان البنكرياس، في وقت لا يزال يسعى فيه المجتمع العلمي والبحثي إلى تطوير علاجات جديدة لهذا النوع من السرطان.
وقد اكتشف باحثون بجامعة فيرجينيا آلية جديدة تؤدي إلى مقاومة الأدوية في سرطان القناة البنكرياسية، وهو أحد أخطر أنواع السرطان.
قد تؤدي نتائجهم إلى علاجات أكثر فعالية، مما يوفر الأمل للمرضى الذين يواجهون هذا المرض العدواني، وفق ما أكده موقع ميديكال إكسبريس، وقد نُشرت أبحاثهم في مجلة Cancer Research.
نقص الأكسجين وتطور سرطان البنكرياس
تشتهر أورام البنكرياس بمقاومتها للعلاج الكيميائي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى بنية أنسجتها الكثيفة وقليلة الأوعية الدموية، مما يخلق مناطق منخفضة الأكسجين، أو نقص الأكسجين، داخل الورم.
شرع البروفيسور ماثيو جيه لازارا، الذي يشغل مناصب في قسم الهندسة الكيميائية وقسم الهندسة الطبية الحيوية، وفريقه من هندسة UVA في التحقيق في كيفية مساهمة هذه البيئة الخالية من الأكسجين في أن تصبح الخلايا السرطانية أكثر عدوانية وصعوبة في العلاج.
وقال: "كان سؤالنا بسيطًا: هل تؤدي البيئة منخفضة الأكسجين في أورام البنكرياس إلى دفع الخلايا السرطانية إلى أن تصبح أكثر مقاومة للعلاج الكيميائي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يتم ذلك من خلال نفس المسارات التي تحفزها عوامل النمو ؟".
عوامل النمو هي بروتينات تحدث بشكل طبيعي في الجسم تعمل على تحفيز نمو الخلايا وبقائها. وفي حالة السرطان، يمكن أن تساعد عوامل النمو أيضًا الأورام على النمو والتهرب من العلاجات مثل العلاج الكيميائي من خلال إحداث تغييرات تجعل تدمير الخلايا السرطانية أكثر صعوبة.
كانت النتائج التي توصل إليها الفريق مذهلة. فقد أظهروا أن نقص الأكسجين يدفع خلايا سرطان البنكرياس إلى حالة أكثر عدوانية ومقاومة للعلاج الكيميائي.
ومع ذلك، فإن التغيير الناجم عن نقص الأكسجين أكثر ديمومة من التأثير المماثل الناجم عن عوامل النمو، مما يجعله تحديًا كبيرًا للعلاج.
آلية جديدة للمقاومة
وكشفت الدراسة أنه عندما تُحرم خلايا سرطان البنكرياس من الأكسجين، يتم تنشيط عملية محددة داخل الخلايا،وتتضمن هذه العملية تغييرات في طريقة تعديل المادة الوراثية للخلايا وكيفية إرسال الإشارات داخل الخلية، مما يجعل خلايا السرطان أقوى وأكثر مقاومة للعلاج الكيميائي.
وعلى عكس التغييرات الأخرى الناجمة عن عوامل النمو، فإن هذا التغيير الناجم عن الحرمان من الأكسجين يدوم طويلًا بشكل خاص - فقد يستمر لأسابيع بعد تعرض الخلايا لانخفاض الأكسجين، مما يجعل علاج السرطان بشكل فعال أكثر صعوبة.
وقال بروك براون، أحد المشاركين في الدراسة: "لقد وجدنا أنه بمجرد خضوع الخلايا السرطانية لهذا التحول في ظل ظروف نقص الأكسجين، فإنها تصبح أكثر عرضة لمقاومة العلاج الكيميائي. والأهم من ذلك، أننا حددنا طرقًا متعددة لمقاطعة هذه العملية وحتى عكسها".
لتتبع آثار نقص الأكسجين على خلايا سرطان البنكرياس، استخدم الباحثون نظامًا مبتكرًا لتتبع سلالة نقص الأكسجين تم إنشاؤه بواسطة باحثين في جامعة جونز هوبكنز.
سمح لهم هذا بتتبع الخلايا التي تعرضت لمستويات منخفضة من الأكسجين بمرور الوقت. وقد تم تعزيز نتائجهم من خلال البيانات من مصادر متعددة، بما في ذلك نماذج زراعة الخلايا ونماذج الفئران المتعددة والتحليل الحسابي لبيانات المرضى من البشر.
وقال لازارا: "كان هذا النهج جديدًا لأننا جمعنا بين النماذج القائمة على الخلايا ودراسات الحيوانات والتحليل الحسابي لفهم شامل لكيفية تأثير نقص الأكسجين على هذه الحالة المقاومة للعلاج الكيميائي".
الآثار المترتبة على العلاج في المستقبل
تتضمن الخطوات التالية للفريق التحقيق في كيفية عمل هذه المسارات استجابة لأدوية العلاج الكيميائي، والتي من المعروف أيضًا أنها تعمل على تحفيز عمليات مقاومة مماثلة.
وقال لازارا: "نحن نستكشف أيضًا كيف يؤثر نقص الأكسجين على الخلايا الأخرى في بيئة الورم، مثل الخلايا الليفية".
يمثل هذا البحث تقدمًا كبيرًا محتملًا في علاج سرطان القناة البنكرياسية.
إن القدرة على تعطيل التغيرات الدائمة الناجمة عن نقص الأكسجين في خلايا سرطان البنكرياس تقدم اختراقًا محتملًا في تحسين نتائج المرضى.
مع وجود استراتيجيات جديدة تستهدف على وجه التحديد خلايا السرطان المقاومة، يمكن أن تكون العلاجات المستقبلية أكثر فعالية في الحد من نمو الورم ومكافحة مقاومة العلاج الكيميائي، مما يؤدي إلى معدلات بقاء أفضل لمرضى سرطان البنكرياس.
وقال لازارا: "تسلط نتائجنا الضوء على أهمية فهم البيئة المحيطة بالورم في تطوير علاجات جديدة، ومن خلال استهداف المسارات التي تمكن الخلايا السرطانية من مقاومة العلاج الكيميائي، نأمل في تقديم علاجات جديدة وأكثر فعالية لمرضى سرطان البنكرياس".