الإثنين 27 يناير 2025 الموافق 27 رجب 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تتجنب خلايا السرطان العلاج المناعي؟

الإثنين 27/يناير/2025 - 03:00 ص
السرطان
السرطان


توصلت دراسة أجراها معهد أبحاث مركز تشيبا للسرطان في اليابان إلى طريقة مدهشة يتجنب بها السرطان الجهاز المناعي.

فالسرطان يخترق الخلايا المناعية وينقل الحمض النووي المعيب للميتوكوندريا إلى الخلايا التائية التي من المفترض أن تهاجمه.

وتؤدي هذه الخطوة الماكرة إلى إضعاف الخلايا المناعية، مما يجعلها أقل فعالية في إيقاف الورم.

وقد تساعد النتائج في تفسير سبب فعالية بعض علاجات السرطان، مثل العلاج المناعي، لدى بعض المرضى ولكن ليس لدى آخرين.

في الدراسة التي نشرت في مجلة Nature تحت عنوان "التهرب المناعي من خلال نقل الميتوكوندريا في بيئة الورم"، بحث التعاون متعدد المجموعات في كيفية تفاعل الخلايا السرطانية مع الخلايا الليمفاوية التي تتسلل إلى الورم، وهو نوع من الخلايا التائية التي تحارب الأورام عادة.

نُشر البحث في مقالة في News and Views.

تحليل العينات

وبحسب موقع ميديكال إكسبريس، تم تحليل العينات السريرية من مرضى الورم الميلانيني وسرطان الرئة غير صغير الخلايا للكشف عن طفرات الحمض النووي للميتوكوندريا.

تمت دراسة نقل الميتوكوندريا باستخدام المراسلين الفلوريين الخاصين بالميتوكوندريا ونماذج متعددة في المختبر وفي الجسم الحي.

تم تقييم وظائف الخلايا الليمفاوية المتسللة إلى الورم، والملامح الأيضية، والاستجابات لمثبطات نقاط التفتيش المناعية.

وقد أظهر تحليل عينات من الورم الميلانيني والرئة أن الميتوكوندريا، وهي محركات إنتاج الطاقة في الخلايا، يمكن أن تقفز من الخلايا السرطانية إلى الخلايا التائية.

تحمل هذه الميتوكوندريا المنقولة أخطاء وظيفية في الحمض النووي الخاص بها، مما يتداخل مع عمليات إنتاج الطاقة ووظائف الخلايا التائية.

إن الميتوكوندريا ضرورية لتزويد الخلايا بالطاقة، بما في ذلك الخلايا التائية، التي تعتمد بشكل كبير على إنتاج الطاقة لمحاربة السرطان.

ولكن عندما تنقل الخلايا السرطانية الميتوكوندريا المعيبة، فإنها تفقد قدرتها على العمل بشكل صحيح، مما يخنق طاقة الخلايا التائية ويؤدي إلى استنزافها.

لوحظ النقل بطريقتين رئيسيتين: الأنابيب النانوية النفقية والحويصلات خارج الخلية.

تمتد الأنابيب النانوية إلى خارج الخلية التائية وتنفق فيها، مما يخلق ممرات صغيرة بين الخلايا تنقل الميتوكوندريا مباشرة. تتشكل الحويصلات خارج الخلية على شكل فقاعات تفرزها الخلايا السرطانية، وتغلف الحمض النووي للميتوكوندريا والجزيئات الأخرى.

وبمجرد دخولها إلى الخلايا التائية، تحل الميتوكوندريا التالفة محل السليمة من خلال آلية تعمل عادة في الاتجاه المعاكس، حيث تهاجر الميتوكوندريا السليمة لتحل محل التالفة.

ووجدت الدراسة أن الخلايا السرطانية تحمي الميتوكوندريا المنقولة من خلال ربط جزيئات تمنع الخلايا التائية من تكسيرها.

لقد أحدثت مثبطات نقاط التفتيش المناعية ثورة في علاج السرطان. ولكن لا يستجيب الجميع لهذه الأدوية بشكل جيد، فقد وجدت هذه الدراسة أن المرضى الذين يعانون من أورام تحتوي على المزيد من الطفرات في الميتوكوندريا كانوا أقل احتمالًا للاستفادة من مثبطات نقاط التفتيش، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن اختراق الميتوكوندريا قد أضر بالفعل بخلاياهم التائية.

تمكن الباحثون من منع إطلاق الحويصلات خارج الخلية من الخلايا السرطانية باستخدام مركب يسمى GW4869، والذي يثبط إنتاج حويصلات صغيرة خارج الخلية تشبه الحويصلات.

وأظهر تطبيق هذا المثبط في نماذجهم انخفاضًا كبيرًا في نقل الميتوكوندريا من الخلايا السرطانية إلى الخلايا التائية. وساعد هذا التدخل في منع الخلايا التائية من امتصاص الميتوكوندريا التالفة، مما قلل من خلل وظائفها.

ونتيجة لهذا، أظهرت الخلايا التائية تحسنًا في إنتاج الطاقة، وانخفاضًا في علامات الإرهاق، وقدرة أفضل على أداء وظائفها المناعية.

وقد نجحت استراتيجية الحجب في استعادة فعالية مثبطات نقاط التفتيش المناعية، وخاصة في الأورام ذات المستويات العالية من نقل الميتوكوندريا.

وتشير هذه النتائج إلى أن استهداف الحويصلات خارج الخلية قد يكون استراتيجية واعدة لمواجهة تكتيك التهرب المناعي للسرطان.

في العادة، يعمل العلم بخطوات صغيرة ومتكررة نحو الاكتشاف، حيث يضع كل عنصر جديد من المعرفة قطعة من اللغز الأكبر في مكانها الصحيح.

ويساعد هذا الاكتشاف في تفسير سبب عدم فعالية بعض العلاجات ويكشف عن الآلية وراء عدم فعاليتها.

ومن المثير للدهشة أنه وجد أيضًا حلًا محتملًا، يمثل قفزة كبيرة يمكن للبحوث المستقبلية البناء عليها.