الخميس 06 فبراير 2025 الموافق 07 شعبان 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

هل غثيان الأم في أثناء الحمل يسبب التوحد؟

الخميس 06/فبراير/2025 - 08:00 ص
التوحد
التوحد


في حين أشارت العديد من الدراسات إلى وجود صلة بين الحالة الصحية للأم أثناء الحمل وخطر إصابة طفلها بالتوحد، أظهرت دراسة جديدة أن كل هذه "الارتباطات" تقريبا يمكن تفسيرها بعوامل عدة.

من بين هذه العوامل الوراثة، والتعرض للتلوث، والقدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية.

كشفت دراسة أجراها باحثون في مركز NYU Langone Health، أن الحالات القليلة المرتبطة حقًا بالتوحد كانت كلها في الواقع مضاعفات مع الجنين، مما دفع المؤلفين إلى الاعتقاد بأن هذه الأعراض كانت علامات مبكرة للتوحد لدى الطفل وليست سببًا له.

قالت الدكتورة ماجدالينا جانيكا، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "تظهر دراستنا أنه لا يوجد دليل مقنع على أن أيًا من هذه التشخيصات الأخرى لدى الأم يمكن أن تسبب التوحد".

تفاصيل الدراسة

ونشرت الدراسة الجديدة في مجلة " نيتشر ميديسين" الإلكترونية، وتضمنت تحليلا للتاريخ الطبي لأكثر من 1.1 مليون حالة حمل (من بين 600 ألف أم) من سجل وطني في الدنمارك.

على عكس السجلات الطبية في الولايات المتحدة، والتي غالبا ما تكون متناثرة بين العديد من مقدمي الخدمات الطبية المختلفة التي يراها الفرد خلال حياته، في الدنمارك يتم توحيد جميع السجلات الصحية للفرد تحت رقم واحد صادر عن الحكومة، مما مكن الباحثين من التحقق من كل امرأة لأكثر من 1700 تشخيص مختلف كما هو محدد بالمعايير الدولية، المعروفة باسم رموز ICD-10.

ومن خلال هذه البيانات، ركز الباحثون تحليلاتهم على الحالات التي تم تشخيصها في 0.1% على الأقل من حالات الحمل (236 تشخيصًا).

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة فاهي خاشادوريان، أستاذ مساعد في قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في كلية جروسمان للطب في جامعة نيويورك: "نعتقد أن دراستنا هي الأولى التي تدرس بشكل شامل التاريخ الطبي الكامل للأم وتستكشف مجموعة واسعة من الارتباطات المحتملة، مع التحكم في العديد من الحالات المتزامنة والعوامل المربكة".

وتقول جانيكا إن الدنمارك تطبق إجراءات وقائية صارمة لمنع إساءة استخدام بيانات السجل، لأنها تحتوي على معلومات شخصية، لكن بسبب المعلومات الخاصة بكل فرد، تمكن الباحثون من التحقق من كل تشخيص تلقته امرأة حول خطر إصابة أطفالها بالتوحد.

وفي الدراسة، قام الباحثون بتصحيح العوامل التي يمكن أن تخلط بين التشخيص الذي تتلقاه المرأة وتشخيص إصابة الطفل بالتوحد، أو تقدم تفسيرا بديلا للعلاقة.

وتشمل هذه العوامل الوضع الاجتماعي والديموغرافي وعمر الأم أثناء الحمل، حيث أن أطفال الأمهات الأكبر سنًا أكثر عرضة للإصابة بالتوحد، كما أن أمهاتهم أكثر عرضة للإصابة ببعض التشخيصات، مثل ارتفاع ضغط الدم، مقارنة بنظيراتهن الأصغر سنًا.

وبعد الأخذ في الاعتبار هذه العوامل المربكة، فضلًا عن التشخيصات المتزامنة، وجد الباحثون أن 30 حالة منها لا تزال مرتبطة إحصائيًا بالتوحد لدى الطفل.

ولتحديد ما إذا كانت هذه العوامل قد حدثت جنبًا إلى جنب مع التوحد بدلًا من أن تكون سببًا له، ضم الباحثون بعد ذلك أشقاء الأطفال المصابين بالتوحد إلى التحليل.

إذا تم تشخيص الأم بنفس الحالة أثناء حملها بأطفال مصابين بالتوحد أو غير مصابين به، فإن هذا يشير إلى أن عوامل أخرى غير تشخيصها كانت تؤثر على الارتباط بالتوحد.

وقد أدت هذه الخطوة إلى فصل الحالات التي يمكن أن تُعزى إلى عوامل عائلية، مثل العوامل الوراثية والتعرض البيئي للتلوث، عن تلك التي قد تسبب التوحد.

يقول الباحثون إن العوامل الوراثية تشكل عاملًا عائليًا قويًا (تفسير معقول) للإصابة بالتوحد، كما أن بعض الجينات التي تزيد من خطر إصابة شخص ما بالاكتئاب ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإصابته بالتوحد.

إذا أصيبت امرأة بنوبة اكتئاب أثناء الحمل وكان طفلها مصابًا بالتوحد، فمن المرجح أن الأم والطفل يتشاركان في الجينات التي تسبب كلتا الحالتين، بدلًا من أن تكون التأثيرات الكيميائية للاكتئاب قد أثرت بطريقة ما على الجنين وتسبب التوحد أثناء النمو.

كما قام الباحثون بتحليل التاريخ الطبي للآباء. ومن المرجح أن يكون أي ارتباط بين تشخيص الأب والتوحد ناجمًا عن عوامل عائلية، لأن التأثيرات المباشرة للأب على الجنين بعد الحمل من المرجح أن تكون محدودة للغاية.

والواقع أن الباحثين لاحظوا أن العديد من التشخيصات الأبوية ترتبط بالتوحد عند الأطفال تمامًا مثل التشخيصات الأمومية.

وبعد الأخذ في الاعتبار العوامل العائلية، فإن التشخيص الأمومي الوحيد الذي لا يزال مرتبطًا ارتباطًا قويًا إحصائيًا بالتوحد هو مضاعفات الحمل المتعلقة بالجنين.

"إن تفسيرنا هو أن تشخيصات الأجنة هذه على الأرجح لا تسبب التوحد، بل هي بدلًا من ذلك علامات مبكرة عليه"، كما قالت جانيكا.

وأضافت: "الفرضية السائدة هي أن التوحد يبدأ بالفعل قبل الولادة، حتى قبل أن يتلقى الطفل تشخيصًا بالتوحد، تحدث تغييرات في النمو طوال الوقت".

وتابعت جانيكا: "تشعر العديد من أمهات الأطفال المصابين بالتوحد بالذنب حيال ذلك، ويعتقدن أنهن فعلن شيئًا خاطئًا أثناء الحمل، وهذا أمر مفجع، أعتقد أن إظهار أن هذه الأشياء لن تسبب التوحد أمر مهم وقد يؤدي إلى طرق أكثر فعالية لدعم الأطفال المصابين بالتوحد وأسرهم".