هل حليب الأم يعزز شفاء قرنية العين؟

قبل سنوات، أخبرت والدة مريضة صغيرة الدكتورة إيميلي ماكورت، أستاذة طب العيون، أنها لم تستخدم مرهما موصوفا لعلاج حرق القرنية الكيميائي الذي أصيب به طفلها، ولكنها استخدمت حليب ثديها بدلا من ذلك.
وقالت ماركوت: "أتذكر أنني فكرت في الأمر، هذا مثير للاهتمام لأن هذا المريض يبدو مذهلًا، ثم فكرت في كل مرضاي الذين قالوا إنهم استخدموا حليب الثدي في عيون أطفالهم لعلاج انسداد القنوات الدمعية والطفح الجلدي، كانت هناك فرصة حقيقية للنظر في ما كان يحدث ولماذا".
وقد نقلت ماكورت، رئيسة قسم طب عيون الأطفال في مستشفى الأطفال في كولورادو ورئيسة قسم طب عيون الأطفال في أسرة بونزيو، فضولها إلى الدكتور مارك بيتراش، أستاذ فخري لطب العيون، والذي قضى حياته المهنية في دراسة العلاجات لأمراض العيون.
استغل بتراش الفرصة لتعريف طلاب الطب بالأبحاث المختبرية، التي لا تزال تجد أن حليب الثدي البشري يبدو أنه يحتوي على خصائص علاجية مفيدة لعلاج جروح القرنية، على الرغم من أنهم غير متأكدين تمامًا من السبب وراء ذلك حتى الآن.

التئام الجروح المتسارع
وبحسب موقع ميديكال إكسبريس، وجدت دراسة حديثة نشرها باحثون في طب العيون وطلاب الطب في جامعة كولورادو أن حليب الثدي البشري المستخدم على القرنية الجريحة في نماذج الحيوانات شهد زيادة في إعادة الظهارة، وهو جزء من عملية التئام الجروح، مقارنة بمحلول ملحي وأدوية موصوفة.
يقول بيتراش: "في عام 2016، وجدنا أن حليب الثدي البشري يبدو أنه يعزز التئام القرنية، لكننا لم نكن نملك أي فكرة آلية عن ذلك. وتبحث هذه الدراسة الأخيرة بعمق أكبر وتطرح أسئلة مثل، ما هي العلامات الخلوية التي نراها والتي تشير إلى أن حليب الثدي قد يعزز قدرة القرنية على إصلاح نفسها بعد هذا الجرح السطحي للغاية لسطح القرنية؟".
قام البحث، الذي قادته الدكتورة سارة بيمبل، والتي تخرجت مؤخرًا من كلية الطب بجامعة كولورادو، وبمساعدة ميشيل بيدلر، رئيسة قسم خدمات أبحاث طب العيون، بقياس مؤشر لتكاثر الخلايا يسمى Ki67، وهو بروتين يتم إنتاجه في الخلايا التي تنقسم بنشاط.
اكتشف الباحثون أن العيون المصابة التي عولجت بحليب الثدي البشري تحتوي على مستويات أعلى من Ki67، وهو ما يشير إلى شرعية ما رآه ماكورت في العيادة قبل سنوات.
إن التعافي السريع أمر بالغ الأهمية في هذا النوع من إصابات العين لأنه يمنع العدوى التي قد تسبب المزيد من الضرر للعين.
يقول بيتراش: "كلما تعافى الجرح في وقت أقرب، كان ذلك أفضل. ويبدو أن حليب الثدي البشري يحفز هذه العملية".
من غير الواضح ما هي المكونات الموجودة في حليب الثدي التي قد تساهم في التعافي السريع، لكن ماكورت يعتقد أنه من الممكن أن يكون لحليب الثدي خصائص مماثلة لدموع المصل، وهو دواء مصنوع من طرد دم المريض نفسه لفصل المصل، والذي يتم تعقيمه وتعبئته بعد ذلك.
يحتوي المصل على مكونات، بما في ذلك البروتينات وعوامل النمو، والتي تشبه الدموع الطبيعية، مما يجعله علاجًا فعالًا لبعض المرضى الذين يعانون من جفاف العين الشديد وأمراض العيون الالتهابية.
وقالت ماكورت: "أنا متحمسة لمعرفة السبب وراء فعالية حليب الأم، هل يمكننا بعد ذلك تعبئة هذه القوة الأمومية في زجاجة وتحويلها إلى قطرة للعين مثلما نفعل مع الدموع المصلية؟ من الصعب أن نجزم بذلك الآن، لكن الأمر يستحق التحقيق".
يقول الباحثون إن هذا العمل واعد ويشكل أساسًا قويًا لطرح المزيد من الأسئلة حول ما قد يكون حليب الثدي البشري قادرًا على فعله لعلاج القرنية المصابة ولماذا، كما يضيف بعض المصداقية إلى القصص التي تناقلتها الأجيال منذ آلاف السنين.
رحيق الآلهة
أطلق المصريون القدماء على حليب الأم اسم "رحيق الآلهة"، ثم تبنت الثقافات اليونانية والرومانية ممارسات مماثلة، وتزعم قصص من إنجلترا في القرن الثامن عشر أن حليب الأم أنقذ أرواحًا.
ويشكل البحث الذي أجراه بيتراش ومكورت والطلاب بداية لفهم أعمق بكثير.
يقول بيتراش: "إن حليب الأم في حد ذاته معقد للغاية، فهو يحتوي على السكريات والكربوهيدرات واللاكتوز، وهناك الكثير من البروتينات التي تحتوي على عوامل نمو بشرية وأنواع مختلفة من الخصائص البيولوجية، وسيكون من الجيد حقًا أن نعرف ما الذي يجعل حليب الأم واعدًا للغاية من الناحية العلاجية".
تنصح ماكورت الآباء بالبحث دائمًا عن متخصص طبي عندما يتعرض الطفل لإصابة في العين، لكنها تأمل في يوم من الأيام أن تتوفر خيارات إضافية للعلاج بسبب أبحاثها في حليب الثدي البشري.
وقالت: "يدعم هذا البحث فكرة أن النساء يعرفن منذ فترة طويلة أن حليب الثدي يتمتع بخصائص علاجية محتملة وقد يكون مفيدًا بعدة طرق. ونحن نقترب من فهم السبب".