هل هناك علاقة بين الزواج وارتفاع خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن؟

وجد باحثون أن كبار السن المطلقين أو الذين لم يتزوجوا قط كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف على مدى 18 عامًا مقارنةً بأقرانهم المتزوجين.
وتشير النتائج إلى أن عدم الزواج قد لا يزيد من خطر التدهور المعرفي، خلافًا للاعتقادات الراسخة في أبحاث الصحة العامة والشيخوخة.
غالبًا ما يرتبط الزواج بنتائج صحية أفضل وعمر أطول، إلا أن الأدلة التي تربط الحالة الاجتماعية بخطر الإصابة بالخرف لا تزال متضاربة، فقد أشارت بعض الدراسات إلى ارتفاع خطر الإصابة بالخرف بين غير المتزوجين، بينما لم تجد دراسات أخرى أي ارتباط أو أنماط متضاربة فيما يتعلق بالطلاق والترمل.
أثار تزايد أعداد كبار السن المطلقين أو الأرامل أو غير المتزوجين مخاوف بشأن احتمالية تعرض هذه الفئات للإصابة بالخرف.
لم تتناول الأبحاث السابقة بشكل متسق كيفية ارتباط الحالة الاجتماعية بأسباب محددة للخرف، أو كيف يمكن لعوامل مثل الجنس أو الاكتئاب أو الاستعداد الوراثي أن تؤثر على هذه الارتباطات.

تفاصيل الدراسة
في الدراسة التي نشرت في مجلة الزهايمر والخرف، بعنوان "الحالة الاجتماعية وخطر الإصابة بالخرف على مدى 18 عامًا: نتائج مفاجئة من المركز الوطني لتنسيق مرض الزهايمر"، أجرى الباحثون دراسة على مجموعة من الأشخاص لمدة 18 عامًا لفهم ما إذا كانت الحالة الاجتماعية مرتبطة بخطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن.
تم تسجيل أكثر من 24000 مشارك غير مصابين بالخرف في بداية الدراسة من أكثر من 42 مركزًا لأبحاث مرض الزهايمر في جميع أنحاء الولايات المتحدة من خلال المركز الوطني لتنسيق مرض الزهايمر.
أُجريت تقييمات سريرية سنوية من قِبل أطباء سريريين مُدرَّبين باستخدام بروتوكولات مُوحَّدة لتقييم الوظيفة الإدراكية وتحديد تشخيصات الخرف أو ضعف الإدراك الخفيف.
لتقييم المخاطر على المدى الطويل، تابع الباحثون المشاركين لمدة تصل إلى 18.44 عامًا، وحصلوا على بيانات لأكثر من 122000 سنة. صُنفت الحالة الاجتماعية عند بداية الدراسة على أنها متزوجة، أو أرمل/أرملة، أو مطلقة، أو لم يسبق لها الزواج.
تم تحليل خطر الإصابة بالخرف باستخدام انحدار كوكس للمخاطر النسبية، مع اعتبار المشاركين المتزوجين مجموعة مرجعية. وتضمنت النماذج الخصائص الديموغرافية، والصحة العقلية والجسدية ، والتاريخ السلوكي، وعوامل الخطر الجينية، ومتغيرات التشخيص والتسجيل.
بالمقارنة مع المشاركين المتزوجين، أظهر المطلقون أو غير المتزوجين انخفاضًا مستمرًا في خطر الإصابة بالخرف خلال فترة الدراسة. شُخِّصت حالات الخرف لدى 20.1% من إجمالي العينة، أما بين المشاركين المتزوجين، فقد أصيب 21.9% منهم بالخرف خلال فترة الدراسة، وكانت نسبة الإصابة متطابقة بين المشاركين الأرامل، حيث بلغت 21.9%، ولكنها كانت أقل بشكل ملحوظ بين المطلقين (12.8%) وغير المتزوجين (12.4%).
أظهرت نسب المخاطر انخفاضًا في خطر الإصابة بالخرف لدى الفئات الثلاث غير المتزوجات.
في النماذج الأولية، مع تعديل العمر والجنس فقط، انخفض خطر الإصابة بالخرف لدى المطلقين بنسبة 34% (معدل الخطورة = 0.66، فاصل ثقة 95% = 0.59-0.73)، وانخفض خطر الإصابة لدى غير المتزوجين بنسبة 40% (معدل الخطورة = 0.60، فاصل ثقة 95% = 0.52-0.71)، وانخفض خطر الإصابة لدى الأرامل بنسبة 27% (معدل الخطورة = 0.73، فاصل ثقة 95% = 0.67-0.79).
ظلت هذه الارتباطات ذات دلالة إحصائية لدى المجموعتين المطلقتين وغير المتزوجتين بعد مراعاة العوامل الصحية والسلوكية والجينية والإحالة.
أما بالنسبة للمشاركين الأرامل، فقد ضعفت هذه الارتباطات ولم تعد ذات دلالة إحصائية في النموذج المعدل بالكامل.
عند دراسة أنواع فرعية محددة من الخرف، أظهر جميع المشاركين غير المتزوجين انخفاضًا في خطر الإصابة بمرض الزهايمر وخرف أجسام لوي.
في المقابل، لم تُلاحظ أي ارتباطات ثابتة بين الخرف الوعائي أو التنكس الفصي الجبهي الصدغي في النماذج المعدلة بالكامل، كما كانت المجموعات المطلقة وغير المتزوجة أقل عرضة للتطور من ضعف إدراكي خفيف إلى الخرف.
بدت أنماط المخاطر أقوى قليلاً بين الرجال، والأفراد الأصغر سناً، والمشاركين الذين أحالهم أخصائيو الرعاية الصحية إلى العيادات.
ومع ذلك، أظهرت التحليلات الطبقية تبايناً طفيفاً، مما يشير إلى أن الارتباطات كانت قائمة عبر مجموعة واسعة من الفئات الفرعية الديموغرافية والسريرية.
خلص الباحثون إلى أن الأفراد غير المتزوجين، وخاصةً المطلقين أو الذين لم يتزوجوا قط، كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف مقارنةً بمن ظلوا متزوجين.
استمرت هذه الارتباطات حتى بعد تعديلها لمراعاة الصحة البدنية والنفسية، وعوامل نمط الحياة، والعوامل الوراثية، والاختلافات في الإحالة السريرية والتقييم.
كان مرض الزهايمر وخرف أجسام لوي أعلى لدى المشاركين المتزوجين، كما كان خطر تطور المرض من ضعف إدراكي خفيف إلى خرف أعلى.
لم يُربط أي دليل بين الحالة الاجتماعية والخرف الوعائي أو التدهور المعرفي في مراحله المبكرة، وكانت الأنماط متشابهة بشكل عام بين فئات الجنس والعمر والتعليم والمخاطر الوراثية.
كان كبار السن غير المتزوجين في هذه الدراسة أقل عرضة للإصابة بالخرف مقارنةً بنظرائهم المتزوجين.
أظهرت التقييمات السريرية المنظمة التي أجراها متخصصون مدربون سنويًا انخفاضًا ملحوظًا في معدل الإصابة بين المشاركين المطلقين وغير المتزوجين.
بعد تعديل العوامل الديموغرافية والسلوكية والصحية والوراثية، ظلّ انخفاض الخطر ملحوظًا لدى كلتا المجموعتين. تتناقض هذه النتائج مع دراسات سابقة ربطت بين عدم الزواج وزيادة خطر الإصابة بالخرف، وتُقدّم أدلة جديدة على كيفية ارتباط حالة العلاقة بالنتائج الإدراكية عند قياس التشخيص في ظلّ ظروف معيارية.