كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد فعالية علاجات التصلب المتعدد؟

قام باحثون بجامعة كوليدج لندن بتطوير أداة جديدة للذكاء الاصطناعي يمكنها المساعدة في تفسير وتقييم مدى نجاح العلاجات للمرضى المصابين بالتصلب المتعدد (MS).
تستخدم الذكاء الاصطناعي نماذج رياضية لتدريب أجهزة الكمبيوتر باستخدام كميات هائلة من البيانات للتعلم وحل المشكلات بطرق قد تبدو بشرية، بما في ذلك كيفية أداء المهام المعقدة مثل التعرف على الصور.
وتستطيع الأداة، التي يطلق عليها اسم MindGlide، استخلاص معلومات رئيسية من صور الدماغ (فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي) التي تم الحصول عليها أثناء رعاية مرضى التصلب المتعدد، مثل قياس المناطق التالفة في الدماغ وتسليط الضوء على التغييرات الدقيقة مثل انكماش الدماغ واللويحات.

التصلب المتعدد
التصلب المتعدد هو حالة يهاجم فيها الجهاز المناعي الدماغ والحبل الشوكي.
يسبب هذا مشاكل في حركة الشخص أو شعوره أو تفكيره.
تُعدّ علامات التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أساسيةً لدراسة واختبار علاجات التصلب المتعدد. ومع ذلك، يتطلب قياس هذه العلامات أنواعًا مختلفة من فحوصات الرنين المغناطيسي المتخصصة، مما يحدّ من فعالية العديد من فحوصات المستشفيات الروتينية.
وفي إطار دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature Communications، اختبر الباحثون فعالية MindGlide على أكثر من 14 ألف صورة من أكثر من ألف مريض مصاب بالتصلب المتعدد.
كانت هذه المهمة تتطلب في السابق من خبراء الأشعة العصبية تفسير سنوات من المسوحات المعقدة يدويًا - وغالبًا ما يكون وقت الاستجابة للإبلاغ عن هذه الصور أسابيع بسبب عبء العمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
ومع ذلك، ولأول مرة، نجحت MindGlide في استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كيفية تأثير العلاجات المختلفة على تطور المرض في التجارب السريرية والرعاية الروتينية، باستخدام صور لم يكن من الممكن تحليلها سابقًا وصور مسح الرنين المغناطيسي الروتينية.
استغرقت العملية من خمس إلى عشر ثوانٍ فقط لكل صورة.
كما أظهر MindGlide أداءً أفضل من أداتين أخريين للذكاء الاصطناعي - SAMSEG (أداة تستخدم لتحديد وتوضيح أجزاء مختلفة من الدماغ في عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي) وWMH-SynthSeg (أداة تكتشف وتقيس النقاط المضيئة التي تظهر في بعض عمليات مسح التصوير بالرنين المغناطيسي، والتي يمكن أن تكون مهمة لتشخيص ومراقبة الحالات مثل التصلب المتعدد) - عند مقارنتها بالتحليل السريري الخبير.
كان MindGlide أفضل بنسبة 60% من SAMSEG وأفضل بنسبة 20% من WMH-SynthSeg في تحديد التشوهات الدماغية المعروفة باسم اللويحات (أو الآفات) أو لمراقبة تأثير العلاج.
قال المؤلف الأول، الدكتور فيليب جوبل (من معهد كوين سكوير لعلم الأعصاب بجامعة لندن ومعهد هوكس بجامعة لندن): "إن استخدام MindGlide سيمكننا من استخدام صور الدماغ الموجودة في أرشيفات المستشفيات لفهم التصلب المتعدد بشكل أفضل وكيف يؤثر العلاج على الدماغ.
وأضاف: "نأمل أن تُسهم هذه الأداة في الكشف عن معلومات قيّمة من ملايين صور الدماغ غير المُستكشفة، والتي كان من الصعب أو المستحيل فهمها سابقًا، مما يُتيح للباحثين رؤى قيّمة حول التصلب اللويحي، وفي المستقبل القريب، فهم حالة المريض بشكل أفضل من خلال الذكاء الاصطناعي في العيادات، ونأمل أن يكون ذلك ممكنًا خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة".
وتظهر نتائج الدراسة أنه من الممكن استخدام MindGlide لتحديد وقياس الأنسجة والآفات الدماغية المهمة بدقة حتى مع بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي المحدودة وأنواع واحدة من الفحوصات التي لا تستخدم عادة لهذا الغرض - مثل التصوير بالرنين المغناطيسي المرجح T2 بدون FLAIR (نوع من الفحص يسلط الضوء على السوائل في الجسم ولكنه لا يزال يحتوي على إشارات ساطعة - مما يجعل من الصعب رؤية اللويحات).
وبالإضافة إلى الأداء الأفضل في اكتشاف التغيرات في الطبقة الخارجية من الدماغ، أظهر MindGlide أداءً جيدًا أيضًا في مناطق الدماغ العميقة.
وكانت النتائج صالحة وموثوقة سواء في وقت واحد أو على مدى فترات أطول (أي في الفحوصات السنوية التي يحضرها المرضى).
بالإضافة إلى ذلك، تمكنت MindGlide من تأكيد الأبحاث السابقة عالية الجودة فيما يتعلق بالعلاجات الأكثر فعالية.
ويأمل الباحثون الآن أن يتم استخدام MindGlide لتقييم علاجات التصلب المتعدد في ظروف العالم الحقيقي، والتغلب على القيود السابقة المتمثلة في الاعتماد فقط على بيانات التجارب السريرية عالية الجودة، والتي غالبًا ما لم تتمكن من التقاط التنوع الكامل للأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد.