يرفع الجمعة... انخفاض غير متوقع في الدهون مرضى السمنة قد يؤدي إلى علاجات جديدة

كشفت دراسة جديدة عن سببٍ مفاجئ وراء أمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بالسمنة وداء السكري، ليس وجود بعض الدهون، بل تثبيطها.
تُفنّد الدراسة، التي نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز، الاعتقاد السائد بأن نوعًا من الدهون يُسمى السيراميد يتراكم في الأوعية الدموية مُسببًا الالتهابات والمخاطر الصحية.
بل تكشف نتائجهم أنه عند انخفاض السيراميدات في الخلايا البطانية المبطنة للأوعية الدموية، قد يكون ذلك ضارًا ويسبب أمراضًا مزمنة.
ومن المفارقات أن هذه النتائج قد تؤدي في النهاية إلى علاجات تحافظ على مستويات عالية من هذه الدهون الواقية لدى مرضى السمنة.

السيراميدات
توجد السيراميدات في جميع أنحاء الجسم وفي بطانة الأوعية الدموية، وهي البطانة الرقيقة داخلها.
تُنظّم هذه الدهون الشمعية توتر الأوعية الدموية، فتُوسّعها أو تُقلّصها لتنظيم ضغط الدم، كما تُساعد على منع تجلط الدم ، مما يُحافظ على تدفق الدم بسلاسة عبر الشرايين والأوردة الممتدة في الجسم.
قالت الدكتورة أناريتا دي لورينزو: "كان الافتراض الشائع في هذا المجال هو أن المستويات المرتفعة من السيراميدات في بطانة الأوعية الدموية تساهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن تم استقراء هذا الاستنتاج من بيانات تم الحصول عليها من الخلايا المختبرية".
وأضافت: "دراستنا هي الأولى من نوعها في الجسم الحي لقياس مستويات الدهون في الخلايا البطانية لنموذج حيواني. في الفئران البدينة التي تتغذى على نظام غذائي غني بالدهون، لا تتراكم السيراميدات، بل تنخفض مقارنةً بالفئران النحيفة".
يعمل على هذا البحث أيضًا المؤلفان المشاركان الدكتورة أونورينا إل. مانزو، ولويزا روبينيللي، وكلاهما في مختبر الدكتور دي لورينزو.
أهمية السيراميدات
اكتشفت الدكتورة دي لورينزو وفريقها أهمية السيراميدات في الأوعية الدموية قبل عامين.
وبالتعاون مع الدكتور جوزيبي فاراكو، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية طب وايل كورنيل، وجدوا أن انخفاض مستويات السيراميدات لدى الفئران السليمة يُسبب التهابًا حادًا في الأوعية الدموية في الدماغ، وتكوين جلطات، والوفاة.
في العام الماضي، أفاد الفريق البحثي بزيادة إنتاج السيراميد كاستجابة وقائية في نموذج فأري لمرض الشريان التاجي.
في النهاية، عندما يتحلل السيراميد في الجسم، يُنتج مركبًا يُسمى سفينجوزين-1-فوسفات (S1P)، والذي يتراكم في الفئران ويحميها من أمراض القلب والأوعية الدموية، لكن عندما لا تنجح هذه العملية، تُصبح الفئران عُرضة للخطر.
وجد الباحثون أيضًا أن بروتينين، Nogo-B وORMDL، يُقللان إنتاج السيراميدات وS1P لدى مرضى السمنة.
يؤدي هذا الانخفاض إلى ارتفاع ضغط الدم، واضطراب في تنظيم الأوعية الدموية، وارتفاع مستويات الجلوكوز، وكلها عوامل تُسهم في أمراض القلب الأيضية التي تؤثر على القلب (الجهاز القلبي الوعائي) ومعالجة الطاقة (الأيض)، مثل داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، ومرض الشريان التاجي، والسكتة الدماغية.
الحفاظ على التوازن
لفهم كيفية تفاعل هذه الجزيئات المختلفة، اختبر الباحثون ما يحدث في النماذج الحيوانية.
أظهرت الفئران المصابة بالسمنة، والتي تغذت على نظام غذائي غني بالدهون، مستويات منخفضة من السيراميد وS1P، بينما أظهرت مستويات عالية من Nogo-B.
أظهرت هذه الفئران علامات التهاب وداء السكري وارتفاع ضغط الدم.
ولكن ماذا يحدث إذا لم يكن مثبط نوغو-بي موجودًا؟ قام الباحثون بتعطيل نوغو-بي فقط في بطانة الأوعية الدموية في نموذج فأر لمعرفة ذلك.
قال الدكتور دي لورينزو: "لدى هذه الفئران نفس وزن الجسم ومستوى السكري كمجموعة الضوابط، لكن صحة أوعيتها الدموية أفضل بكثير".
وأضاف: "بإبطال مفعول هذا المثبط، حافظنا على صحة الأوعية الدموية. كما أظهر هذا أن تنظيم استقلاب السيراميد يسبب خللًا في وظائف الأوعية الدموية والتهابًا في حالات السمنة".
تشير الدراسة إلى أن استهداف هذا المسار الأيضي قد يكون له آثار مفيدة متعددة في علاج أمراض القلب الأيضية المرتبطة بالسمنة.