هل يمكن علاج الاكتئاب بشكل أكثر فاعلية عند المراهقين؟ دراسة تُجيب

أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Mental Health أن علاج الاكتئاب عند المراهقين قد يكون أسهل من العلاج لدى البالغين، نظراً لمرونة أعراض الاكتئاب في مرحلة المراهقة، إذ لم تتثبت بعد، فالمراهقون يظهرون اضطرابات نفسية ذات نمط أكثر تقلبًا، مما يجعل من الأسهل التعامل معها واحتواؤها، مقارنة بالبالغين الذين تكون لديهم أعراض أكثر استقرارًا وتماسكًا.
تفاصيل الدراسة
وجد الباحثون أن التفاعلات بين أعراض الاكتئاب، مثل الحزن المستمر، فقدان الطاقة، وقلّة الاهتمام، أقل قابلية للتنبؤ بها لدى المراهقين، حيث تتغير أنماطها بشكل سريع، فيما تصبح أكثر استقرارًا لاحقًا مع التقدم في العمر، الأمر الذي قد يؤدي إلى حالات اكتئاب مزمنة أو مقاومة للعلاج. تسلط الدراسة الضوء على أهمية التدخل المبكر في عمر المراهقة، حين تكون الحالة أكثر مرونة، مما يسمح بتغييرات إيجابية وتحسن في الاستجابة للعلاج.

اعتمدت الدراسة على تحليل شبكي لبيانات من أكثر من 35,000 مراهق، واستعانت بمفهوم من الفيزياء، حيث يُشبه تأثير درجة الحرارة على المادة، الذي يجعلها أقل استقرارًا مع ارتفاعها، ويؤدي إلى تحولات من الحالة الصلبة إلى السائلة أو الغازية.
طبّق الباحثون هذا المفهوم على أنماط أعراض الاكتئاب، فوجدوا أن تلك الأنماط تكون أقل استقرارًا وتغيرًا خلال المراحل المبكرة من المراهقة، ثم تصبح أكثر ثباتًا مع تقدم العمر، خاصة بعد مرحلة البلوغ.
كما أشار العلماء إلى أن عوامل عدة تساهم في تباين استقرار الأعراض، منها التغيرات الهرمونية المرتبطة بالبلوغ، والنمو المستمر في الدماغ، والتأثيرات الاجتماعية والبيئية، مثل ضغط الأقران والتوقعات الاجتماعية.
ووجدوا أن أعراض الفتيات تستمر بالتقلب لفترة أطول من الذكور، حيث تتأثر بعوامل الهرمونات والتغيرات الاجتماعية بشكل أكبر.
تؤكد النتائج على أن دعم المراهقين الصغار بشكل خاص، حين تكون أعراضهم أكثر مرونة وقابلية للعلاج، قد يساعد في الوقاية من تطور الاكتئاب المستمر أو المزمن. وقالت الباحثة الرئيسية، بوبي غرايمز، إن النهج الجديد الذي أسسته الدراسة يفتح أبوابًا لفهم أعمق لحالة الصحة النفسية لدى الشباب، ويؤدي إلى تحسين استراتيجيات العلاج والتشخيص المبكر، خاصة خلال فترة البلوغ المبكر.
تتوقع الدراسة أن تساعد تلك النتائج في فهم أسباب مقاومة العلاج عند بعض البالغين، حيث تكون أعراضهم أكثر استقرارًا، وتتطلب تدابير علاجية أكثر تخصصًا، مع ضرورة استمرار البحث في هذا المجال لفهم عمليات التطور بشكل أعمق وأكثر تفصيلاً.