النسب الجيني وتدخين الأب.. هل يؤثران على جينات الأطفال؟

توصلت دراسة بحثية جديدة إلى أن اختيارات الوالدين في أصولهم وأسلوب حياتهم قد تؤثر على معدل ونوع التغيرات الجينية الجديدة التي تنشأ لدى أطفالهم.
نُشرت دراسة في مجلة Nature Communications، حيث حلل باحثون بيانات تسلسل الجينوم الكامل من 10 آلاف حالة ثلاثية من الوالدين والأبناء، ودرسوا تأثير النسب والمتغيرات الجينية الشائعة والعوامل البيئية على معدلات وأنواع الطفرات الجديدة (DNMs)، وهي تغيرات جينية تنشأ في البويضة أو الحيوان المنوي وتنتقل إلى الأبناء.
تُسلّط الدراسة الضوء على العوامل التي تؤثر على معدل وأنماط التباين الجيني الجديد لدى البشر، كما ستُفيد النتائج الدراسات المستقبلية في علم الوراثة السكاني والطبي، حيث تُعدّ نماذج معدل الطفرات معايير مهمة.

الخلايا الجرثومية
تحافظ الخلايا الجرثومية - البويضات والحيوانات المنوية - على سلامة المعلومات الوراثية التي تنتقل إلى الأطفال.
في حين أن معظم التغيرات الجديدة التي تحدث في الحمض النووي (DNA) تكون عادةً إما غير ضارة أو ضارة بشكل طفيف، إلا أن نسبة ضئيلة منها قد تؤدي إلى أمراض وراثية خطيرة.
ونتيجة لذلك، يُحافظ على معدل الطفرات في الخلايا الجرثومية منخفضًا للغاية للحد من خطر انتقال التغيرات الضارة.
بينما يعلم العلماء أن زيادة عمر الوالدين - وخاصة عمر الأب - ترتبط بتغيرات جينية أكبر في الخلايا الجرثومية، إلا أن هذا العامل لا يفسر إلا قدرًا محدودًا من التباين في معدل الطفرات.
وبصرف النظر عن آثار العلاج الكيميائي والمتغيرات النادرة في الجينات المسؤولة عن إصلاح الحمض النووي، لا يُعرف الكثير عن العوامل الأخرى التي تؤثر على معدل حالات فقدان الخلايا الجرثومية.
في دراسة جديدة، سعى الباحثون إلى استكشاف تأثير النسب والمتغيرات الجينية الشائعة والتدخين على معدلات وأنماط عدم انتظام الجينوم لدى الأطفال، وأجروا أكبر دراسة حتى الآن حول عدم انتظام الجينوم، حيث حللوا حوالي 10 آلاف جينوم كامل لثلاثيات من الوالدين والطفل - أي الوالدين وطفلهما - من مشروع 100 ألف جينوم.
بمقارنة الحمض النووي لكل طفل مع الحمض النووي لوالديه، تمكن العلماء من تحديد متغيرات جينية جديدة نشأت في البويضة أو الحيوان المنوي وانتقلت إلى الطفل، ولكنها لم تكن موجودة في جينومات الوالدين.
مكّن هذا النهج الفريق من بناء فهرس يضم ما يقرب من 690 ألف متغير وراثي جديد.
كشفت الدراسة أن المجموعات العرقية المختلفة لديها اختلافات طفيفة في عدد الطفرات الجينية الجديدة التي تنتقل إلى الأبناء.
يشير الباحثون إلى أن هذه الاختلافات قد تنبع من تأثيرات بيئية و/أو عوامل وراثية تختلف بين السكان.
ومن المثير للاهتمام أنهم لم يجدوا أي دليل على أن التباين الجيني المشترك يؤثر على معدلات فقدان الوزن الطبيعي لدى الأشخاص من أصول أوروبية، مع أن هذا لا يستبعد أن الاختلافات الجينية المتوسطة بين المجموعات العرقية تُسهم في اختلافات معدل فقدان الوزن الطبيعي.
كشفت الدراسة أيضًا عن وجود صلة بين تدخين الوالدين وارتفاع معدلات DNM لدى الأطفال.
ووجد العلماء أن أطفال الآباء الذين وثّقوا تاريخهم في التدخين في سجلاتهم الصحية أظهروا زيادة طفيفة، وإن كانت ذات دلالة إحصائية، في عدد DNMs، مقارنةً بأطفال غير المدخنين.
يشير التحليل إلى ارتفاع متوسط في عدد الطفرات بنحو 2%، هذا التأثير ضئيل للغاية - يعادل أقل من DNM إضافي واحد لكل والد مدخن على مدار فترة الإنجاب، وهو ما يُشبه تأثير كون الأب أكبر سنًا بعام واحد عند الحمل.
يشير الباحثون إلى أنه من السابق لأوانه الجزم بأن تدخين الوالدين يُسبب هذه الطفرات الجديدة بشكل مباشر، إذ قد يكون مرتبطًا بمُسببات طفرات أخرى.
ومع ذلك، تُمثل هذه الدراسة خطوةً مهمةً نحو دراسة كيفية ارتباط الأصول الوراثية وأسلوب حياة الوالدين بمعدلات التغيرات الجينية الجديدة.