اختبار دم جديد يتيح التشخيص السريع لآلاف الأمراض الوراثية النادرة

أظهرت دراسة بحثية حديثة أن طريقة اختبار جديدة وسريعة ستساعد بشكل كبير في تشخيص الأمراض النادرة عند الأطفال والرضع.
في حين أن الأمراض الوراثية النادرة غير شائعة، كما يوحي اسمها، هناك أكثر من 7000 نوع من الأمراض الناجمة عن طفرات في أكثر من 5000 جين معروف، والتي تؤثر على ما يقرب من 300 مليون فرد في جميع أنحاء العالم.
حاليًا، لا يزال حوالي نصف المرضى الذين يُشتبه بإصابتهم بأمراض نادرة دون تشخيص، وعادةً ما تكون طرق الفحص الحالية للحالات غير المُشخَّصة بطيئة، ومُوجَّهة لمرض مُحدَّد، وغير دقيقة دائمًا.
قد يعني هذا سنوات، أو حتى عقودًا، من التحقيقات غير الحاسمة والفحوصات الباضعة، مما يُسبِّب ضيقًا وقلقًا للعائلات المُصابة.
قدمت الدكتورة دانييلا هوك، عرضًا حول كيفية تمكنها هي وفريقها من تطوير طريقة تعتمد على الدم لتحليل آلاف البروتينات في اختبار واحد غير مستهدف.

تسلسل الحمض النووي
تسلسل الحمض النووي لمعظم الجينات هو الشيفرة التي تُنتج البروتينات، وهي الآلات الجزيئية لخلايانا وأنسجتنا.
يتميز هذا الاختبار بتسلسل البروتينات بدلاً من الجينات نفسها، ويمكن أن تساعد البيانات في فهم كيفية تأثير التغيرات في تسلسل الجين على وظيفة البروتين المقابل له، وكيف تؤدي إلى المرض.
يمكن تطبيق الاختبار على آلاف الأمراض المختلفة، ويمكن استخدامه أيضًا للكشف عن أمراض جديدة من خلال تقديم الأدلة اللازمة لتأكيد أن التغيير الجيني هو السبب المحتمل للمرض.
وبالإضافة إلى كونه سريعًا، فإن الاختبار البروتيني يعتبر أقل تدخلاً، حيث يتطلب 1 مل فقط من دم الأطفال وتتوفر النتائج في أقل من ثلاثة أيام للمرضى في الرعاية الحادة.
عندما يُجرى الاختبار أيضًا على عينات دم من الوالدين، نُطلق عليه اسم التحليل الثلاثي.
في الحالات الوراثية المتنحية، يُساعد هذا بشكل كبير في التمييز بين الحاملين للجين، الذين يحملون نسخة واحدة فقط من الجين المعيب، والشخص المصاب الذي يحمل نسختين، كما تقول هوك.
بالنسبة للمريض، فإن هذا التشخيص الجزيئي يعني الوصول السريع إلى العلاج المناسب، إذا كان متاحًا، والتشخيص، ونهاية للاختبارات العديدة، والتي قد تكون غازية في بعض الأحيان.
بالنسبة للعائلات، قد يعني التشخيص إمكانية الوصول إلى خيارات الإنجاب للوقاية من حدوث الأمراض في حالات الحمل المستقبلية، وذلك من خلال الفحوصات الجينية قبل الولادة أو قبل الزرع.
وبالنسبة لأنظمة الرعاية الصحية، فإن استبدال مجموعة من الفحوصات الموجهة بتحليل واحد من شأنه أن يؤدي إلى خفض تكاليف الرعاية الصحية، ليس فقط من خلال تقليل الفحوصات اللازمة للتشخيص، بل أيضًا من خلال القدرة على تقديم الرعاية المناسبة في مرحلة مبكرة.
وقالت الدكتورة هوك: " كشفت دراسة حديثة أجريت بالتعاون مع كلية ملبورن للسكان والصحة العالمية أن تطبيق اختبارنا في بيئة سريرية سيكون بتكلفة مماثلة لتكلفة الاختبار الحالي المستخدم لتشخيص أمراض الميتوكوندريا النادرة، مع ميزة أن اختبارنا يمكن أن يشخص آلاف الأمراض الأخرى".
وأضافت: "يمكن لاختبارنا الجديد تحديد أكثر من 8000 بروتين في الخلايا أحادية النواة في الدم المحيطي (PBMCs) والتي تغطي أكثر من 50% من جينات الأمراض المندلية والميتوكوندريا المعروفة، كما تمكننا من اكتشاف جينات أمراض جديدة".
ويأمل الباحثون أن يصبح اختبارهم جزءًا من إجراءات التشخيص القياسية للأمراض النادرة وغيرها من الأمراض الوراثية في المختبرات السريرية.
لقد أحدثت القدرة على استخدام كميات قليلة جدًا من دم الرضع، والحصول على نتائج دقيقة في وقت قياسي، نقلة نوعية في حياة العائلات.
وتابعت الدكتورة هوك: "علاوة على ذلك، يُحسّن استخدام العينات العائلية لتحليل الثلاثي بشكل كبير التمييز بين الأفراد الحاملين للمرض والمصابين به بثقة أكبر، وقد تجاوز ذلك توقعاتنا الأولية، ونعتقد أن استخدام هذا الاختبار في الممارسة السريرية سيعود بفوائد جمة على المرضى وعائلاتهم وأنظمة الرعاية الصحية، من خلال تقليل وقت التشخيص".
من جهته، قال البروفيسور ألكسندر ريموند: "إن الأساليب غير الجراحية اللاأدرية، مثل تسلسل الجينوم وتحليل البروتين، ستتيح لنا الوصول إلى التشخيص بشكل أسرع في المستقبل، كما ستتيح لنا حل حالات لم تكن قابلة للحل سابقًا، مما يساعد العائلات حول العالم".