الخميس 03 يوليو 2025 الموافق 08 محرم 1447
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف يؤثر مرض الزهايمر على قدرتنا على التذكر؟

الثلاثاء 01/يوليو/2025 - 03:44 م
الزهايمر
الزهايمر


لماذا يتذكر بعض كبار السن بسهولة اسم أحد معارفهم الجدد أو موقع مفاتيحهم، بينما يواجه آخرون صعوبة في تذكر الأحداث اليومية، على الرغم من أنهم يبدون بصحة جيدة؟

تشير دراسة جديدة، نُشرت مؤخرًا في مجلة Science Advances، إلى أن جزءًا من الإجابة يكمن في مسارين متميزين ولكن متقاربين في الدماغ المتقدم في السن: أحدهما يتشكل من خلال أمراض الزهايمر المبكرة، والآخر من خلال قدرة الدماغ على التركيز.

من خلال متابعة الأفراد الأصحاء معرفيًا على مدى سنوات عديدة، تقدم SAMS للباحثين نافذة قوية على سبب احتفاظ بعض الأشخاص بذكريات أكثر حدة في السبعينيات والثمانينيات من العمر، بينما يتعثر البعض الآخر.

وقال الباحثون: "نحاول أن نفهم أي من هذه العوامل - أو مجموعة العوامل - تفسر لماذا يكون بعض كبار السن أكثر مرونة، ويحافظون على وظيفة الذاكرة في وقت متأخر من الحياة، بينما يظهر آخرون تراجعًا".

يتمحور البحث الجديد حول مفهوم "الانتقائية العصبية"، وهو ميل بعض الخلايا العصبية أو مناطق الدماغ للاستجابة بقوة أكبر لأنواع محددة من المعلومات، مثل الوجوه أو الأماكن.

تساعد هذه الانتقائية على تكوين ذكريات قوية، تمامًا مثل ضبط الراديو على إشارة واضحة.

لكن مع التقدم في السن، يصبح الضبط أقل دقة، مما يؤدي إلى آثار ذاكرة "ضبابية".

يُطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم "فقدان التمايز العصبي".

أوضح الباحثون: "تتكون ذكرى حدثٍ حياتيٍّ من مجموعةٍ من السمات - من، ماذا، أين، متى - مترابطةٌ في الدماغ. مع تقدمنا ​​في السن، قد تبدأ قدرة الدماغ على تمثيل هذه السمات بوضوحٍ بالانهيار، حتى لدى الأشخاص الذين يبدون بصحةٍ عقليةٍ جيدة، لكن آليات حدوث ذلك كانت أقل وضوحًا".

استخدم الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، بالإضافة إلى عينات دم وسوائل نخاعية من 166 مسنًا مسجلين في برنامج SAMS.

كان جميع المشاركين يتمتعون بصحة إدراكية جيدة وقت الاختبار.

ووجدت أن أداء الذاكرة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدقة ترميز الدماغ لتفاصيل ما يتعلمه المشاركون، أو ما يُعرف بالانتقائية العصبية.

وقد تبين أن هذه الدقة تشكلت من خلال عاملين مستقلين إلى حد كبير.

كان العامل الأول هو وجود أعراض مبكرة لمرض الزهايمر. أظهر المشاركون الذين لديهم مستويات أعلى من بروتين تاو - وهو مؤشر رئيسي لمرض الزهايمر - انتقائية عصبية أقل في مناطق معالجة المشاهد في الدماغ، على الرغم من عدم ظهور أي أعراض سريرية عليهم.

واجه المشاركون الذين لديهم مستويات مرتفعة من بروتين تاو صعوبة أكبر في ترميز الذكريات، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن تمثيلاتهم العصبية كانت أقل وضوحا، كما لو كانت العلامات المبكرة لمرض الزهايمر قد أدت إلى خفض "مقبض الضبط" في الدماغ للتجربة بشكل خفي.

العامل الثاني هو الانتباه، وقد درس الباحثون تحديدًا شبكة الانتباه الظهرية، وهي مجموعة من مناطق الدماغ التي تساعدنا على التركيز على ما هو أهم بناءً على أهدافنا.

وصرح الباحثون: "هذه هي الشبكة التي نستخدمها، بناءً على أهدافنا، للتفاعل مع العالم - للتركيز على الأمور ذات الصلة بمهامنا".

في التجربة، مسح الباحثون أدمغة المشاركين أثناء دراستهم لأزواج من الكلمات والصور - إما وجوه شهيرة مثل وجه الملكة إليزابيث أو معالم بارزة مثل برج إيفل - وطلبوا منهم ربطها برابط ذي معنى، كقصة ذهنية موجزة. بعد ذلك، عرض الفريق الكلمات على المشاركين مرة أخرى وطلب منهم تذكر ما إذا كانت كل كلمة مرتبطة بوجه أو مكان.

كشف نشاط الدماغ أن الأشخاص الذين ركزوا على شبكات انتباههم بشكل أكبر، شكّلوا تمثيلات عصبية أوضح وأكثر تفصيلاً أثناء التعلم، وكان أداؤهم أفضل في اختبار الذاكرة اللاحق. وكان تأثير الانتباه هذا مستقلاً عن تأثير مرض الزهايمر المبكر.

قال الباحثون: "الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن التركيز اللحظي كان له أهمية كبيرة. كان الدماغ يُشفّر الذكريات بوضوح أكبر في الأوقات التي كان المشاركون يُولون فيها اهتمامًا أكبر للمهمة".

الآثار المترتبة على الشيخوخة الصحية

تتميز الدراسة لأنها تحدد ليس مسارًا واحدًا، بل مسارين متميزين ومستقلين إلى حد كبير يؤثران على كيفية تشكل الذكريات في الدماغ المتقدم في السن: أحدهما يتعلق بعلم أمراض الزهايمر المبكر، والآخر يتعلق بمدى فعالية الشخص في الانتباه أثناء التعلم.

هذا التمييز مهم. فبينما لا يمكننا حتى الآن تغيير المسار البيولوجي لمرض ألزهايمر، يُعدّ الانتباه وظيفةً إدراكيةً قد تكون أكثر مرونة، وهذا يجعله هدفًا محتملًا لدعم مرونة الذاكرة، حتى لدى الأفراد في المراحل المبكرة من مرض ألزهايمر.

وقال الباحثون إن "كبار السن الذين أظهروا تركيزًا تنازليًا أقوى - أي أنهم كانوا أفضل في التركيز على ما هو مهم أثناء التعلم - تمتعوا بدقة ترميز أعلى وذاكرة أفضل. حتى في الأدمغة التي تعاني من تغيرات مبكرة في مرض الزهايمر، لا يزال التركيز يساعد في دعم الذاكرة، وهذا أمر واعد، لأنه يشير إلى أن التركيز قد يكون أحد العوامل التي يمكننا دعمها للمساعدة في الحفاظ على وظيفة الذاكرة مع تقدم العمر".